مواصفات المواطنين «المدعومين».. خطوة نحو إلغاء الدعم
بعد عراك طويل وجدل مديد على قضية الدعم، وتحديد مستحقيه، وبين الحديث عن جوهر الدعم وأهميته، وحاجة المواطن السوري إليه، وما هو الأسلوب الأمثل لإيصال هذا الدعم، على الطريقة الحكومية بالطبع، أخرجت الحكومة السورية وفريقها الاقتصادي من جعبتهم سلة الشروط التي تخول المواطن السوري الحصول على الدعم، ومن أهم هذه الشروط:
- أن يكون عربياً سورياً أو من في حكمه.
- أن يقيم إقامة دائمة في سورية.
- أن يكون دخل الشخص «المتاح له ولأفراد أسرته القاطنين معه الدعم» لا يتجاوز 300 ألف ليرة سورية سنوياً.
- ألا يكون هناك أي دخل إضافي لأي فرد من أفراد الأسرة الذين يقطنون معه.
- ألا يتجاوز متوسط إنفاقه هو وأفراد أسرته القاطنين معه على الكهرباء والماء والهواتف الثابتة والنقالة مبلغ 3500 ليرة سورية.
- ألا يملك سيارة سياحية خاصة تزيد سعة محركها عن 1600.
- ألا يكون لديه أي سجل تجاري أو صناعي أو زراعي أو سياحي.
- ألا يكون لديه أية عقارات سكنية أو تجارية تدر عليه دخلاً إضافياً له ولأفراد أسرته القاطنين معه.
قبل الحديث عن جدية هذه الشروط، وعن طبيعة المعطيات الحكومية التي استندت على أساسها الحكومة في إقرار جدول الشروط، لابد من الإشارة إلى أن وضع هذه الشروط يفترض وقبل كل شيء وجود مؤسسات إحصائية، قادرة على توفير الأرقام والمعلومات الدقيقة التي تحدد بكل وضوح وشفافية دخل الأسرة السورية، على اعتبار هذا الدخل المرتكز الأول للحصول على الدعم...
ثم لا بد من طرح السؤال التالي: هل ستكون هذه الشروط قادرة على إيصال الدعم إلى مستحقيه، أم أن الأمر مجرد تجربة فاشلة جديدة، تحاول من خلالها الحكومة إيهام المواطن السوري بأنه لا توجد طريقة ناجحة قادرة على إيصال الدعم لمستحقيه، وبالتالي عندها سرعان ما سيكون مصيرها الإلغاء، مثل سابقاتها كقسائم المازوت مثلاً، بعد أن أثبتت التجربة والممارسة الفعلية، والتي هي برأينا معيار الحقيقة، أنها كانت الأسوأ بين تجارب الدعم المتبعة؟
ثم كيف سيتم تحديد حجم دخل أصحاب الدخل إذا ما علمنا أن من يمكن تحديد سوية دخلهم هم 700 ألف فقط، وهو عدد عمال القطاع العام السوري، بينما يبقى حوالي 2 مليون عامل في القطاع الخاص لا يمكن معرفة رواتبهم، لأن 95% منهم غير مسجلين بالتأمينات الاجتماعية، تضاف إليهم العمالة المؤقتة أو الموسمية العاملة في الزراعة وغيرها، فكيف سيتم تحديد دخل هؤلاء؟!
قضية دخل الفرد وأفراد أسرته الذي يجب أن لا يتجاوز 300 ألف ليرة سورية سنوياً، أي بحدود 25 ألف ليرة شهرياً، يفرض علينا وضع العديد من إشارات الاستفهام والأسئلة، أولها: هل هذا الرقم المطروح كشرط للحصول على الدعم، يكفي لتأمين الحاجة الأساسية للأسرة السورية المكونة في حدها الأدنى من 5 أشخاص؟؟
فبلغة الأرقام، وكما أكد أحد الباحثين الاقتصاديين خلال ورشة العمل التي أقامتها جمعية العلوم الاقتصادية السورية في عام 2009 «إن الإنفاق اليومي للفرد السوري على السلع الغذائية الضرورية لتأمين 1400 حريرة يبلغ نحو 97 ليرة، وبالتالي فإن إنفاق الفرد على السلع الغذائية يبلغ نحو 2900 ليرة سورية شهرياً، وباعتبار أن متوسط حجم الأسرة السورية يقدر بين 5- 6 أفراد، ينتج أن إنفاق الأسرة على السلع الغذائية يساوي 16296 ليرة سورية شهرياً، وهو ما يسمى خط فقر الغذاء، بينما الإنفاق الإجمالي للأسرة السورية على السلع الغذائية وغير الغذائية (خط الفقر المطلق أو الأعلى) يساوي 27160 ليرة سورية شهرياً».
فالأرقام تشير بشكل واضح ومفضوح، إلى أن شرط الدخل لا ينطبق حتى على فقراء سورية، وعندها يمكن القول إن الرغبة والنية التي تضمرها الحكومة، عبر قرارها هذا، ليس توزيع الدعم على مستحقيه، بل إلغاء الدعم كلياً، وتحديداً عن مستحقيه من فقراء الشعب السوري والمقدرين بأكثر من مليوني فقير!!
الأرقام والوقائع تقول بصوتها المرتفع ما تعجز الحكومة عن إنكاره..
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 409