نزار عادلة نزار عادلة

المعالجة الاقتصادية السياسية ضمانة أساسية لوقف التعدي على الحرية العامة والدستور

في دستور الجمهورية العربية السورية مواد هامة أبرزها:
لا يجوز تحري أحد أو توقيفه إلا بموجب أمر أو قرار صادر عن الجهة القضائية المختصة. أو إذا قبض عليه في حالة الجرم المشهود أو بقصد إحضاره إلى السلطات القضائية بتهمة ارتكاب جناية أو جنحة.
لا يجوز تعذيب أحد أو معاملته معاملة مهينة ويحدد القانون عقاب من يفعل ذلك.
كل شخص يقبض عليه يجب أن يبلغ أسباب توقيفه وحقوقه، ولا يجوز الاستمرار في توقيفه أمام السلطة الإدارية إلا بأمر من السلطة القضائية المختصة.
لكل شخص حكم عليه حكم مبرم ونفذت فيه العقوبة وثبت خطأ الحكم أن يطالب الدولة بالتعويض عن الضرر الذي لحق به

لاشك أن هذه المواد، ومواد أخرى أيضاً تؤكد على الحريات العامة وهي تعيد الوهج إلى القضاء ولكن المهم هو تنفيذ هذه المواد على أرض الواقع، نقول ذلك لأن قانون الأحكام العرفية ألغي قبل أكثر من عام وكان إلغاؤه مطلباً شعبياً عاماً، ألغي فعلاً ولكن ماذا حدث بعد إلغائه، كذلك في الدستور القديم هناك مواد تؤكد على دور القضاء وعلى الحريات الفردية ولكن على أرض الواقع لم ينفذ شيء، الممارسات خلال العقود الماضية كانت تسيء إلى القوانين وإلى الدستور والخشية أن يبقى الدستور الجديد وادياً للتغني فقط وهذا يسيء إلى عملية الإصلاح التي تجري في سورية الآن وفي قمتها الدستور الجديد.

الدستور والمادة 137

تحت يافطة محاربة الفساد تم في السنوات الماضية صرف آلاف العمال بموجب المادة /137/ وتم توقيف آلاف المواطنين دون محاكمة أو مساءلة ووجهت لهم اتهامات كيدية أو بموجب تقارير من جهات معينة، بعضهم أحيل إلى القضاء وتمت تبرئتهم ولم يستطع القضاء إعادتهم إلى العمل ولم تستطع حتى النقابات العمالية تبني قضاياهم مؤخراً تم صرف /23/ مهندساً في محافظة دمشق وتم أيضاً صرف /11/ موظفاً في المؤسسة العامة للطيران وجه اتحاد العمال كتاباً إلى رئيس الوزراء يطلب فيه تشكيل لجنة يشارك بها اتحاد العمال لإعادة النظر بجميع قرارات الصرف من الخدمة لإنصاف من ظلم منهم ومدى تظلمهم خلال الحكومة السابقة وفي هذا الصدد قال أمين شؤون العمل في اتحاد العمال أن عدد من تم صرفهم خلال السنوات السابقة بلغ /500/ حالة ولم يعرفوا أسباب الصرف.

 جديد وقديم

كتاب اتحاد العمال إلى رئاسة مجلس الوزراء حرك القديم والجديد ممن عانوا من الظلم والعسف عام 1985 تم توقيف كامل الجهاز الإداري والعمالي في مديرية مواصلات حماة بتهمة الفساد لمدة عام كامل دون مساءلة أو محاسبة وتم تسريح هؤلاء وعددهم 37 عاملاً وتم الحجز على أموالهم وبيوتهم وبعد أكثر من عامين أحيلوا إلى القضاء وتمت تبرئتهم ولم يحصلوا على حقوقهم حتى الآن وأكثرهم أصبحوا في الدار الآخرة. وبعض هؤلاء لم يكن لديه خدمة سوى أشهر عديدة ورغم ذلك اتهم بالفساد، وسبب التوقيف عرف منذ ذلك التاريخ لأن هناك معاملة غير شرعية وغير قانونية لأحد المتنفذين تم توقيفها وكانت المحصلة أن دفع الـ /37/ الثمن من قوت أطفالهم.
 

الجديد الآن

وجه /80/ قاضياً رسالة إلى قاسيون جاء فيها:
بتاريخ 2005/10/5 وقعت كارثة إنسانية في سورية عندما تم تسريحنا ونحن خمسمائة شخص، ثمانون قاضياً وعائلاتهم وأولادهم دون سبب، دون تهمة، دون محاكمة دون تمكينهم من حق الدفاع عن النفس الذي صانته جميع الشرائع السماوية والأرضية والسبب فقط لإشباع بعض النزوات الشخصية ولأحداث البلبلة وتشويه صورة سورية خارجياً وداخلياً وإظهار هذا الوطن العزيز بأنه تسوده شريعة الغاب في غياب القانون والدستور. ولكن هل حققوا أهدافهم؟

الجواب:

انتحر العقل المدبر لهذه الكارثة...!
أقيل منفذ هذه الكارثة...!

وتتابع الرسالة:
لقد مضى على تسريحنا سنوات ونحن نتسكع أمام أرصفة المسؤولين علنا نجد من يوصل صوتنا ومظلمتنا لمعالجتها وإزالة آثارها الكارثية علينا وعلى عائلاتنا وأولادنا.
ووقع الكتاب المستشار المسرح نزار مير يوسف.
 
وجديد آخر

الرئيس أمر بالإصلاح ومحاربة الفساد والقاضيان محمود سليمان وعلي الآغا رفعا هذا الشعار خلال مسيرة  أربعين عاماً في القضاء كان خصمهم فيها كل مذنب فتأمرت عليهما مجموعة من الفاسدين للتخلص منهما ومن أي شريف يحارب الفساد لاسيما أن أحدهما كان مرشحاً قوياً لوزارة العدل.
أولاً اسند إلى القاضيين محمود سليمان وعلي الآغا تهمة إصدار قرار خاطئ مضر بالدولة مقابل رشاوى. وأكد ذلك وزير العدل عندما قال للصحافة المحلية (قاضيان أبطلا قراراً قطعياً) وهذا الكلام غير دقيق للأسباب التالية:
قرار الهيئة العامة يصدر من سبعة قضاة وبالتالي فإن رأي القاضيين المذكورين لا يؤثر في قرارات الهيئة العامة طالما أنها تتخذ بالأكثرية.
رئيس النقض الحالي ونائبه ومستشاروه مشتركون بالقرار ذاته ومنهم من كان مشروع القرار بخط يده والرئيس الحالي كان أول الموقعين عليه.
لدى السؤال القاضي محمود سليمان للوزير عن أي توجه في هذه القضية أجاب الوزير طبقوا القانون علماً أن الوشايات حول هذه الدعوى كانت أمامه.
قرارات الهيئة العامة صحيحة، وصدرت عدة قرارات مماثلة في الدعوى ذاتها، وكلها لم ترفع أي حجوزات لمصلحة الدولة بل حافظت على أموال وحقوق الدولة وبحثت في موضوع الاختصاص والتطبيق القانوني السليم فقط.
صرح وزير العدل أن إجراءات التوقيف صحيحة والحقيقة غير ذلك لأن:
الإجراءات القانونية الصحيحة تتمثل بالآتي:
تحال القضية إلى التفتيش القضائي ليحقق بها.
إن كان هناك جرم يتخذ مجلس القضاء الأعلى بناء على مرسوم رئاسي قراراً بإحالة الأوراق للنيابة العامة.
النائب العام للجمهورية يحقق بالأمر إن وجد هناك جرم يطلب من لجنة الآذن إعطاء الأذن بتحريك الدعوى العامة.
إن قررت اللجنة إعطاء الأذن يمكن للنائب العام في الجمهورية تحريك دعوى الحق العام وهذه سلطة جوازية فيمكنه عدم التحريك.
بعد تحريك الدعوى يعين قاض تحقيق من بين أعضاء الهيئة العامة لمحكمة النقض ليحقق في موضوع القضية وإن وجد هناك جرم أكيد وأدلة دافعة هنا وهناك يحق له التوقيف وقبل ذلك لا يجوز التوقيف بتاتاً.
ما حصل من إجراءات غير شرعي ولا قانوني ولحقها القضاء بالآتي:
تم الاعتقال من الأمن السياسي واستمر التوقيف فيه والتعذيب مدة 30 ساعة وهذا الإجراء غير قانوني، حركت الدعوى العامة من النائب العام للجمهورية بعد أخذ موافقة لجنة الأذن وقرر قاضي التحقيق التوقيف وكل هذه الإجراءات باطلة ولا تستند إلى القانون بل إلى الأوامر الشفهية لوزير العدل السابق، فلا يوجد أي دليل مقبول قانوناً في الملف يبيح التوقيف حيث أنه:
لا يعتد بضبوط الأمن السياسي، لا علاقة للأمن السياسي بالقضاة وطالب القاضيان آنذاك:
بالإفراج عنهما ورد اعتبارهما لقاء ما أصابهما وأسرهما من تشويه.
وهناك مئات بل آلاف القضايا المشابهة، فهل هكذا يحارب الفساد؟
قلنا ونقول إن المعالجة الاقتصادية الاجتماعية السياسية التي لها برامجها الدقيقة كفيلة بوقف التعدي على حرية الإنسان وعلى الدستور.