كذبت الحكومة وعدها.. وصدقت في وعيدها!
أثار نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية بإعلانه المخاتل نية الحكومة مناقشة مسألة الدعم في جلستها النوعية الأخيرة (الثلاثاء 20/10/2009)، كثيراً من الاستياء بين صفوف المواطنين، خاصةً أنه حدد الموعد المزعوم قبل يومين كاملين من حلوله، ما دفع معظم السوريين إلى التلفت يمنةً وشمالاً متسائلين عما ستؤول إليه أحوالهم بعد هذا الاجتماع العظيم.. ولكن أحداً من الحكومة الغراء لم يخرج ليعلن- كأضعف الإيمان- ما يطيّب خاطر المنتظرين، وإنما اقتصر الأمر (ربما) بتوجيه إيعاز إلى وكالة الأنباء الرسمية «سانا» لتتحمل هي مشقة ابتكار خبر «مناقشة الحكومة لمسألة الدعم وتأجيلها ريثما تنتهي الدراسة»!..
إن ما ارتكبته الحكومة منذ أيام يعطي للجميع ودون استثناء الحق في أن يتساءلوا عن حقها- أو أي من أعضائها- بالكذب السافر، وإلاّ فما التسمية التي تليق بفعل من هذا النوع والوزن مقابل قضية تمس كل الناس- وخصوصاً الفقراء - في حياتهم الحاضرة وحياة أبنائهم المستقبلية؟ ويمكن القول بصراحة: إن هذا الحق الشعبي يزداد سطوعاً في أفياء «الشفافية» التي ترفعها الحكومة شعاراً وتطالب الجميع بالتحلي بها في كل مناسبة..
الملفت للنظر أن البعض يبررون عدم التزام الحكومة بموعدها - الذي لم يكن التعويل على نتائجه ممكناً بالأصل- بأن شكل «الخازوق» الذي تعدّه اللجنة الاقتصادية لمستحقي الدعم لم يتحدد بصورته النهائية بعد، خاصةً وأن أسعار النفط آخذة بالارتفاع المطرد منذ عدة أسابيع، وبذلك فإن أي خطأ بتقدير رقم الدعم أو آليته الجديدة قد يؤدي إلى الإقلال من فرصة حصول الموازنة العامة على الدعم الذي توفره جيوب المواطنين الذين باتوا، حسب كل الاقتصاديين، هم الداعمين لسعر المازوت وليسوا أبداً المدعومين في ظل الأسعار السابقة (واللاحقة) للنفط..
ليس المطلوب من الحكومة أن تعد وتفي من باب الصدق والصدقة، فوعودها الصادقة- والجميع يعلم ذلك- موجهة لشريحة مدللة من المجتمع، أما وعيدها فموجه لبقية المواطنين، وهي سواء أعلنت أم لم تعلن، ماضية في الإيفاء بوعيدها، وكل ما يجري في الواقع الاقتصادي للبلد يشير صراحةً إلى ذلك، وليس ما يشهده القطاع العام الصناعي أو الزراعة أو التعليم أو الصحة.. إلا دليلاً بسيطاً!.. ليس المطلوب الوفاء بالوعد إذاً، وإنما التوقف عن التنفيذ الممنهج للوعيد أولاً، ثم الالتفات إلى تلبية حاجات الاقتصاد الوطني وحل مشكلات المواطنين المعيشية بدل تلبية مطالب الجهات الدولية التي لا غاية لها سوى تحقيق الاستفادة من سورية كسوق لعرض البضائع قادرة على مساعدتها ولو بنسبة ضئيلة في الخروج من ركودها المستعصي وأزماتها الاقتصادية الأخرى ليس أكثر..
«كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون»، وكبر مقتاً عند الناس أن يسمعوا شعارات فيعايشون نقيضها، هذه المرة كان الكذب بالموعد، وفي سابقاتها كان الكذب بالأرقام، وكثيرون يحذرون من الكذبات القادمة وكأنهم يعلمون ما ستؤول إليه خاتمة حبل الكذب الحكومي الذي طال كثيراً، وهي على ما يبدو (وما يأمل الناس) لن تكون خاتمةً سعيدة!.