(حزم حكومة التجارة السورية)!

(حزم حكومة التجارة السورية)!

تجتمع الحكومة في جلساتها الاقتصادية، وتبقى الجوانب التجارية، في موقع صدارة (النقاش الحكومي حامي الوطيس) كما تصدره الصحف المحلية! ورئيس الحكومة يتهم الجمارك بأنها السبب في وجود البضائع المهربة داخل البلاد، ويريد وضع حد لهذا الموضوع، وكذلك تطالب رئاسة مجلس الوزراء بوضع (مصفوفة تصدير) لإدارة شؤون فائض الحمضيات والتفاح وزيت الزيتون، وبعض الفواكه والخضار! وتتوجه (بحزم) إلى وزارة الاقتصاد لتسائلها عن استثناءات إجازات الاستيراد، وفيما إذا كان هناك استثناءات باستيراد الكماليات!

وهذا كله (الإصرارا الحكومي) والتسويق الإعلامي له، يأتي في سياق ما يشبه عمل وزارة اقتصاد قبل الأزمة، بل ومديرية تجارة خارجية فقط! حتى الآن لا تزال التجارة الخارجية صلب النشاط الحكومي، وتدار بعقلية ما قبل الأزمة، وبالرؤية الضيقة، التي تقول بترشيد الاستيراد، والتي تقول بأن زيادة التصدير تحسن وضع القطع الأجنبي..

إن كان  هناك بعض الحقيقة فيما سبق، فإن الكثير من الشوائب تلغي صوابية هذا التركيز، فالسوق مفتوحة عملياً على دخول البضائع المستوردة بطريقة غير نظامية، والجمارك ليست الطرف الوحيد المستفيد من عملية بهذا الحجم، كما يدور الحديث اليوم في الجلسات الاقتصادية الحكومية، بل إن حصة هامة من دخل التهريب الداخل للبلاد تذهب إلى متنفذين معينين، الحكومة تعرفهم وتستطيع تحديدهم، ولكن هل تستطيع أن تقول لهم، (استغنوا عن هذه الحصة وأوقفوا هذا النشاط)، هنا يكمن السؤال.!؟

أولوية تصدير بعض الفواكه والخضار

أما بالنسبة للتصدير، فإن كان بالفعل يحسن من دخل المزارعين في الزراعات الفائضة، ويحقق مدخولاً بالقطع الأجنبي، إلا أن هذا لا يتم جدياً.. فنسبة 15% من الحمضيات السورية مقبولة نوعاً في السوق الروسية، وفق ما ذكره مدير غرفة زراعة دمشق عمر الشالط، فالحمضيات السورية، كما زيت الزيتون، كما البندورة، كما التفاح، وفي ظل بنية الإنتاج الزراعي التي يسعى فيها المزارع لتخفيض التكاليف إلى الحد الأقصى، في محاولة لضمان عائد في ظل السوق التي لا يعلم ما السعر الذي ستقدمه له، يقارب التكلفة أم أقل منها أم أعلى!

والأهم أن ما يتم تصديره لا يعود قطعه الأجنبي إلى الخزينة العامة، بل إلى التجار المصدرين، وتحديداً بعد أن قامت الحكومة بإعفاء المصدرين من إعادة قطع التصدير، الذي لم يلتزموا به سابقاً.. وحدث هذا في شهر 6-2016 عندما كانت السياسة الاقتصادية تريد أن تثبت للجميع بأن (وضع القطع الأجنبي تمام والحكومة لا تحتاج قطع المصدرين)، وهو يتمدد ويستمر حتى الآن..

مقايضة المقايضة بربح البعض

منذ عام 2013 اقترحت إيران أن يتم مقايضة السلع الإيرانية والسورية، بل وتم توقيع اتفاق بمبادلة الحمضيات وزيت الزيتون السوري، بسلع غذائية إيرانية، واليوم يعود هذا الحديث عن مقايضة الحمضيات السورية مع روسيا، وكأنها المرة الأولى التي يتم طرح هذا الموضوع خلال الأزمة! كان من الممكن ولا يزال أن تتم عملية مقايضة السلع السورية الفائضة القليلة من بعض المنتجات الزراعية، بسلع غذائية ضرورية من الدول الصديقة، بالشكل الذي يتجاوز مشاكل المدفوعات النقدية عبر الأنظمة المصرفية العالمية في ظل العقوبات من جهة، ويسمح بتجاوز الدولار في عمليات الاستيراد والتصدير.. وكان هذا ليتم لو أن الأمور تدار في سورية بمنطق اقتصادي منسجم مع المصلحة العامة، وليس وفق منطق تسيير أعمال عشوائي يخدم أو لا يعيق بأفضل الأحوال مصالح قوى السوق الكبرى..