في الدول المتقدمة.. (اللاحقون أفقر من السابقون)
عندما يزداد دخل القلة يتراجع دخل الأكثرية.. وهو ما يحدث حتى في دول المنظومة الرأسمالية المتقدمة، ويتسارع خلال الفترات الأخيرة.
في بحث لمعهد MICKINSEY GLOBAL INSTITUTE صادر بتاريخ 7-2016 أجريت دراسة جديدة، للموضع الذي يشغل حيزاً كبيراً من البحث الاقتصادي العالمي حالياً، حول تراجع دخول الأسر في الدول المتقدمة..
البحث المعنون بـ (أفقر من آبائهم؟ ثبات وتراجع الدخل في الدول المتقدمة) يقدم مجموعة أرقام حديثة هامة حول تسارع التراجع في الدخل في دول المركز.
تراجع دخل أكثر من ثلثي الأسر
بينت الدراسة بأن أكثر من ثلثي الأسر في الدول المتقدمة، بعدد يقارب 500 مليون شخص، قد شهدت تراجعاً أو ثباتاً في الدخل خلال فترة 9 أعوام بين 2005-2014.
وهؤلاء نسبتهم في إيطاليا هي الأعلى بحوالي 97% من السكان، ونسبتهم في الولايات المتحدة هي 81% من السكان، وفي بريطانيا 70%، وفي هولندا 70%، وفي فرنسا 63%، وفي السويد 20%، والنسبة الوسطية في حوالي 25 دولة متقدمة هي 65-70%.
يتسارع هذا التراجع خلال الأزمة الاقتصادية العالمية، حيث أن نسبة الأسر التي تراجع دخلها أو بقي ثابتاً في 25 دولة متقدمة خلال 12 سنة بين 1993-2005 بلغت 2% فقط من الأسر في الدول المتقدمة، بينما ارتفعت هذه النسبة إلى 70% من الأسر خلال تسع سنوات لاحقة، أي أن توسع تراجع الدخول هو اتجاه ثابت ومتسارع.
في البحث عن أسباب!
في قراءة للباحثة ANU MADGAVKAR إحدى الباحثات في المركز لأسباب هذا التراجع المتسارع، تشير إلى التالي: (السبب الرئيسي وراء هذا التراجع هو الركود العميق والنمو البطيء في أعقاب الأزمة الاقتصادية في عام 2008 في الاقتصادات المتقدمة. أما في الفترة من 1993 إلى 2005، ساهم نمو الناتج المحلي الإجمالي بنحو 18 نقطة مئوية في نمو الدخل السنوي للأسرة المتوسطة، في المتوسط، في الولايات المتحدة وأوروبا، وقد انخفض هذا الرقم إلى أربع نقاط مئوية فقط في الفترة من 2005 إلى 2014.
بيد أن انخفاض النمو بعد الأزمة ليس المشكلة الوحيدة. فقد ساعدت عوامل أطول أجلا مثل ضعف الاستثمار، وتباطؤ نمو قوة العمل، والتباطؤ الحاد في نمو الإنتاجية في خفض نمو دخول الأسر المتوسطة في أغلب الدول المتقدمة نسبة إلى الفترة 1993-2005.
وقد أدت تحولات ديموغرافية ــ بما في ذلك تغير بنية الأسرة، وانخفاض معدلات الخصوبة، والشيخوخة السكانية ــ إلى انخفاضات في كل من الحجم الكلي للأسر وفي عدد العاملين في سن العمل لكل أسرة. كما تسببت التحولات في سوق العمل ــ والتي كانت مدفوعة بالتغيرات التكنولوجية، وعولمة الوظائف التي تتطلب مهارات منخفضة ومتوسطة، والانتشار المتزايد للعمالة المؤقتة بدوام جزئي ــ في انخفاض حصة الأجور في الدخل الوطني وتوزيع ذلك الدخل بين الأسر لكي تصبح متفاوتة على نحو متزايد، وانتهت الباحثة إلى أن أياً من هذه العوامل لن تنقلب في الوقت القريب. بل على العكس، من المرجح أن تزداد بعضها قوة..
الدخول لن تتحسن لعقود قادمة!
لذلك فإن توقعات البحث تنتهي إلى أنه من المتوقع أن يدخل 70-80% من سكان الدول المتقدمة في دائرة ثبات وتراجع الدخل، وهؤلاء لن يتمكنوا من تحسين دخولهم لعقود قادمة!
ويعتبر هذا التراجع في دخل الأسر منذ بداية العقد الأول من القرن العشرين، هو الأول من نوعه، بعد خمسة عقود من توسع الدخل في الدول المتقدمة، تعود إلى نهاية الحرب العالمية الثانية.. لذلك فإن الدراسة ترى أن مرحلة الطمأنينية لتحسن الدخل جيلاً بعد جيل، هي مرحلة منتهية في الدول المتقدمة، حيث أن الأسر أبناء الأجيال الحالية واللاحقة سيكونون أفقر من آبائهم وأجدادهم!.