عبسي سميسم عبسي سميسم

المواطن السوري وكابوس العيد.. كساد في الأسواق.. وحلويات (للفرجة) فقط!!

لم يكد المواطن السوري ينتهي من كابوس مصاريف المدارس والمونة التي تزامنت مع مصاريف إضافية فرضها قدوم شهر رمضان، حتى وجد نفسه في مواجهة غير متكافئة مع احتياجات العيد، التي تحولت إلى هم إضافي أثقل كاهله، ثم جاء نبأ صدور المرسوم التشريعي القاضي بصرف منحة للعاملين في الدولة تعادل نصف راتبهم المقطوع، وقد نزل هذا النبأ على العاملين في الدولة كجرعة ماء لظمآن في الرمق الأخير، بينما بقي عاملو القطاع الخاص ينتظرون قطرة من أرباب عملهم (كعيديه)، علها تطفئ شيئاً من ظمئهم، خصوصاً وأنها طالما تحولت إلى سراب.
حاولت «قاسيون» استطلاع آراء بعض المواطنين وبعض أصحاب المحلات التجارية لرصد حركة السوق والحالة التي سيستقبل بها المواطن السوري عيد الفطر السعيد..

في سوق دوما

 ففي مدينة دوما التقينا السيد إسماعيل بكير الموظف في شركة ألبسة في القطاع الخاص، الذي قال: «لدي أربعة أولاد جميعهم في المدارس، وأملك بيتاً صغيراً يؤوينا، وراتبي 12000 ليرة، طار بأكمله مع أول يوم في الشهر، فقد مر الشهر الماضي كالكابوس.. المتطلبات الحياتية الإضافية كثيرة، والعملة لا قيمة لها نتيجة جنون الأسعار، فقد اشترينا ربع المونة التي نشتريها كل عام، بسبب مصاريف المدارس (حقائب، لباس، دفاتر، قرطاسيه)، وما إن انتهينا منها، مع تزامنها مع المصاريف التي فرضها شهر رمضان، حتى جاءت مصاريف مدرسية أخرى، كالنشاط المدرسي، ولباس الرياضة، وثمن أوراق المذاكرات، والطباشير.. وبنتيجة هذه الأعباء الجديدة استدنت 15000 ليرة سورية فوق راتبي، سددت قسماً هذا الشهر، ولا أعرف كيف سأسدد الباقي، ولا كيف سأقضي العيد، فقد أقنعت أولادي بأننا لن نشتري ثياباً هذا العام، ولكن حلويات العيد هي فريضة لابد منها، لذلك سأستدين مضطراً لأشتري بعض الحلويات الرخيصة علها تستر وجوهنا أمام الضيوف الذين يزوروننا في العيد».. وعن أسعار حلويات العيد التي سيشتريها قال السيد إسماعيل: «لا أعلم بالضبط بكم سأشتري، ولكنني أقوم حالياً بجولة في السوق لاستكشاف الأسعار التي أراها أعلى من السنة الماضية»..
 

في سوق مخيم اليرموك

 أما السيدة منى رحيمة، فقد أكدت أن لا أحد في أسرتها يعمل موظفاً في الدولة، وهي تعتقد أن المنحة التي تعطى للموظفين يستفيد منها الموظف فقط، مع أن قيمتها الشرائية ستقل قليلاً بسبب طرح كتلة نقدية كبيرة في السوق مما يشكل عبئاً إضافياً على الناس غير المستفيدين منها، لأن التجار بمجرد سماعهم بنبأ المنحة سيحاولون اقتصاصها أو اقتصاص قسم كبير منها عن طريق رفعهم للأسعار التي لم تعد تطاق؛ وبالتالي فالموظف الذي سيأخذ 5 آلاف ليرة كمنحة سيشتري بها سلعاً قيمتها لا تتعدى 4 آلاف، بينما المواطن الذي لم يستفد منها فسيدفع ألفاً إضافية على كل 5 آلاف سيشتري بها! وعن استعداداتها للعيد فقد أكدت بأنها لن تشتري حلويات من السوق فهي تشتري مواداً أولية كي تصنع حلويات العيد في البيت، كلفتها أقل ونظافتها مضمونة بحسب رأيها.
أما مالك عزام موظف فقد بين أن الأعباء المادية التي تحملها قبل العيد من مونة ومصاريف مدارس جعلته يستنفذ معظم ما يدخل إليه من عمله في الوظيفة والعمل الإضافي الذي يمارسه في أحد مكاتب المحاسبة وأضاف:« لولا المنحة التي صرفها لنا السيد الرئيس لما استطعت أن أشتري مستلزمات العيد، فأنا بصراحة كنت واثقاً من صرف هذه المنحة، لذلك اشتريت براتبي بعض الحلويات التي ارتفعت أسعارها عن السنة الماضية حوالي 25%، ولحجة أصبحت معروفة أن ارتفاع أسعار المواد الأولية هي السبب في ارتفاع أسعار الحلويات». وعن أسعار الحلويات التي اشتراها لهذا العيد قال السيد مالك: «اشتريت شوكولاته وسكاكر من الماركات المتوسطة بحوالي 300 ل.س للكيلو»..

 
سوق حجيرة في السيدة زينب

 
 معظم بائعي الحلويات والسكاكر في السيدة زينب أكدوا أن حركة البيع في السوق ما تزال راكدة رغم اكتظاظ السوق بالبشر من سوريين وعراقيين وغيرهم، فالسيد خالد عبيد صاحب محل حلويات، أكد أن الناس لم تقبل بعد كل شراء حلويات العيد، فمعظم ما يشترونه هو الحلويات التي تستهلك آنياً كالهريسة والعوامة والمشبك وسوار الست والمدلوقة، وأن الكميات التي يشترونها بين 1كغ و 2كغ وأضاف: «رغم أن السوق في السنة الماضية كانت راكدة، إلا أن ارتفاع أسعار المواد الأولية وضعف القوى الشرائية لدى الناس جعل السوق هذه السنة أكثر ركوداً»، ولكنه تمنى أن يتحسن وضع السوق في الأيام القليلة القادمة، وخاصة بعد صرف منحة للموظفين، وعن أسعار الحلويات، بيّن أن الحلويات التي يصنعها هي حلويات شعبية، فسعر كيلو المشبك والعوامة هو 50 ل.س، وقد كان في السنة الماضية 35 ل.س، بينما سعر كيلو الهريسة الشعبية هو 75 ل.س مقارنة بـ50 ل.س في السنة الماضية، أما بالنسبة لحلويات العيد فقد أكد أنه جهز علباً فيها أنواع من البقلاوات الشعبية تزن حوالي 1كغ وسعر العلبة 100 ل.س، وهي جميعها تناسب الطبقات الفقيرة.
 أما أبو عبد الله بائع شوكولاته ومكسرات، فقد أكد أن حركة السوق لم تبدأ بعد، وأن الناس تقبل على شراء حلويات العيد في آخر أيام رمضان بعد أن يكونوا قد انتهوا من شراء حاجياتهم الأخرى من ملابس وأحذية وغيرها، وعن أسعار الشوكولاته والسكاكر عنده، فقد بين أن الأسعار ارتفعت قليلاً عن السنة الماضية، فما كان سعره 75 ل.س أصبح 100 ل.س هذه السنة، وما كان سعر الكيلو منه 150 ل.س، أصبح هذه السنة بـ200 ل.س، والسبب طبعاً هو ارتفاع أسعار المواد الأولية الداخلة في صناعتها.

 
 سوق الشريبيشات وفي باب السريجة في دمشق

  هناك سوق يدعى سوق الشريبيشات.. قمنا بجولة في هذا السوق وحاولنا أخذ رأي بعض باعة الحلويات واللحوم، فوجدنا أن الكثير منهم يرفض الحديث أو حتى تصوير واجهة محله، بحجة أن (المعلم ما بيهون عليه)، ولكننا وجدنا أن هناك تفاوتاً في أسعار اللحوم، فلحم الغنم مثلاً، بعضهم يبيع الكيلو بـ370 ل.س، وبعضهم يبيعه بـ350 ل.س، ومنهم من يبيعه بـ 400 ل.س.
أما بالنسبة للحلويات، فقد أكد لنا السيد ناجي المعلم في أحد محلات الحلويات أن الأيام العشرة الأوائل في رمضان لها حلويات خاصة، والتي تتمثل في ( النمورة – النهش – وردات –كلاج –مطبقات – المغشوشة (مبرومة + فستق)، أما حلويات العيد فهي البقلاوة, المبرومة البلورية، (كول وشكور)، عش البلبل، الأصابع، البقج، أسوارة الست، إضافة إلى البيتيفور والبرازق.. وأضاف السيد ناجي أن ارتفاع أسعار المواد الأولية قد أدى إلى ارتفاع أسعار الحلويات، فالمحافظة على جودة المنتج واسم المحل يتطلب منا رفع السعر بما يتناسب مع ارتفاع أسعار المواد الأولية، وإن كل من لم يرفع سعره، فإما أنه يخسر وهذا غير معقول، وإنما إنه يفعل ذلك على حساب منتجه. وعن أسعار الحلويات في سوق شريبيشات، أوضح السيد ناجي أن المبرومة بالفستق والآسية بالفستق والمعمول بالفستق سعرها 300 ل.س، أما البلورية بالفستق والبقلاوة بالفستق والكول وشكور بالفستق فسعرها 225 ل.س، أما الشرحات بالفستق فسعرها 400 ل.س، وعش البلبل بالفستق سعرها 250 ل.س، أما أصابع الست فسعرها 150 ل.س وبالنسبة للغريبة الصغيرة والبرازق الصغيرة وأقراص العجوة فسعرها 125 ل.س، وهريسة بالفستق 100 ل.س.
 أما النمورة بالقشطة فسعرها 130 ل.س، ومغشوشة بالقشطة 120 ل.س، والعصملية بالقشطة على البارد 200 ل.س.. والتقينا في سوق شريبيشات بالسيد أبو وائل الذي قال: إن شراء حلويات العيد هي طقس لا يمكن الاستغناء عنه مهما كان وضع الأسرة المادي صعباً، فالإنسان المقتدر يستطيع أن يصرف على حلويات العيد 20000 ل.س، والإنسان الفقير يستطيع أن يشتري ولو بمئتي ليرة 2كغ برازق، فالكل يستطيع شراء شيء ما من الحلويات للعيد.. وعن الأسعار قال: أنا حددت مبلغ 2000 ل.س للحلويات، فإن كانت الأسعار مرتفعة، سيكون هذا على حساب الكمية التي سأشتريها.
وفي المحصلة، فإنك في هذه الأيام أينما توجهت، ستجد المحال والمتاجر آخذة بالاستعداد لاستقبال موسم بيع يعد من أعلى المواسم في السنة،وهي تنصب شراكاً للإيقاع بالمواطن وجذب انتباهه عبر عروضها المختلفة، فموسم العيد هو الموسم الذي ينتظره معظم التجار، ويعدون له طيلة العام لتعويض فترات الركود التي تجتاح الأسواق في أوقات مختلفة من العام، ففي هذه الأيام تتغير عقلية الإنفاق والصرف لدى المستهلك الذي ينفق قدر استطاعته في محاولة منه لجلب السعادة وإدخال السرور إلى أفراد أسرته، فهل ستقدر الجهات الحكومية وطبقات التجار هذه العقلية من الإنفاق، أم أن المواطن سيبقى الحلقة الأضعف مهما غير من طرائق استهلاكه؟!.