السكن العشوائي.. واقع مرير ومستقبل مجهول.. (2 ـ 2)
أضرار السكن العشوائي
- معظم البيوت العشوائية قد تتهدم معرضة جزءاً من المواطنين للبقاء في العراء،فأغلبها لم تُبن وفق الأصول الهندسية المعتمدة، كونها غير خاضعة للتصديق من أية جهة فنية فاحصة، وكان المنزل الواحد يبنى بالتقسيط (غرفة، غرفة)،لذا فهي مهددة بالسقوط في حال وقوع أية كارثة بيئية.
- الافتقاد إلى معظم الخدمات،فنظراً لضيق الشوارع والطرقات وتعذر دخول سيارات النظافة والإطفاء والإسعاف،إضافة إلى عدم محافظة الأهالي على النظافة العامة، فإن مستوى التلوث عال جداً ويعطي المجال لانتشار الفيروسات والمواد الملوثة في الهواء والماء والطعام.
- تشوه الصورة الجمالية للمدينة حيث تحاط بأحزمة فقر تستدر الشفقة وتصيب ناظرها بالضيق..
- خروج أكثر من عشرة آلاف هكتار من الأراضي الزراعية الخصبة، وقطع آلاف الأشجار، بدلاً من توجيه البناء للمناطق الصخرية الجرداء..
- هناك آثار أخرى اجتماعية خطيرة كتفشي أمراض أخلاقية كثيرة،كالإدمان والدعارة والمخدرات وغيرها،فالظروف الصعبة وعدم وجود الخصوصية وعدم الاندماج في المجتمعات الجديدة على الرغم من طول السكن،دفعت أغلب السكان ليتخلوا عن جزء كبير من العادات والتقاليد دون أن يستطيعوا الاندماج في المجتمعات المدنية الجديدة، وبالتالي كونوا مجموعات جديدة بمواصفات هجينة بين الخصال الريفية والعادات المدنية.
- الافتقاد إلى الأمان في المسكن وعدم الشعور بالاستقرار. أما بخصوص الشعور بخصوصية العائلة في المسكن فهي مفقودة، وتعاني الكثير من العائلات من مشاكل اجتماعية جراء السكن وتشعر بالغبن الاجتماعي والاقتصادي.
- انتشار ظاهرة الاستجرار غير النظامي للتيار الكهربائي،ومياه الشرب،ويطال التعدي مياه الصرف لسقاية المزروعات..
الفوائد الناجمة عن حل هذه الظاهرة..
لقد أهدرت مئات المليارات في تشييد أبنية غير مستوفية لأدنى شروط السكن اللائق. وبدأت بوادر مآسي أزمة السكن العشوائي بالظهور على شكل انهيارات لأبنية سكنية في مناطق متعددة،وإن التصدي لعلاج هذه الظاهرة وفق أسلوب مبرمج ومخطط ومراقب سيؤدي إلى الكثير من الإيجابيات لصالح المواطن ساكن العقار ولصالح الجهة التي تتصدى لتنظيم السكن ولصالح البلد بشكل عام من نواحي كثيرة منها:
- الناحية الجمالية للبلد بحيث يأخذ الشكل اللائق المتمثل بالحديقة الغناء بدلاً من الشكل المشوه الحالي والذي مهما حاولنا من التجميل فلن ينفع لوجود أغلب مناطق السكن العشوائي بمحاذاة المدن الحديثة.
- الناحية البيئية بحيث نستطيع زراعة الحدائق وإكثار الأشجار وتقديم النظافة الدائمة وتنظيم الخدمات العامة.
- الناحية المالية حيث الإيرادات الضريبية وإيرادات الخدمات النظامية والمساهمة بحل مشكلة السكن وكذلك المليارت من الليرات نتيجة العوائد من ثمن الأراضي الفائضة عن الحل العادل.
- الناحية الاجتماعية بحيث تؤدي إلى التخفيف من الكثير من الأمراض الصحية ومن الأمراض الاجتماعية وإلى الشعور بالأمان والاستقرار،وكذلك إلى تغيير في العادات والتقاليد بشكل تدريجي مما يساهم في التوجه نحو تنشئة سليمة.
- تأمين مئات آلاف فرص العمل واستثمار الموارد البشرية بشكل صحيح.
- حماية آلاف الهكتارات الزراعية من زحف المساكن العشوائية، وبالتالي خروجها من العملية الإنتاجية.
- من الناحية الإنسانية والوطنية.
ويكون العلاج وفق خطط مدروسة وتعتمد على بيانات دقيقة وعلى مراقبة مستمرة ووفق برنامج زمني محدد،ولكن قبل الخوض بهذا الموضوع لا بد لنا من التطرق إلى موضوع هام يتعلق ببعض المعايير التي يجب أن تأخذ بالحسبان ومنها:عدم اللجوء في هكذا موضوع إلى المستثمرين الأجانب كعلاج إلا في حال عدم توفر الكفاءات المحلية أو نقص الأموال أو نقص بالعدد والتقنيات.
نلاحظ في الفترات الماضية بأن هناك من يحاول أن يزرع فينا الفكرة القائلة بانعدام الكفاءات والخبرات لدينا،رغم وجود آلاف الفنيين والمهندسين والمخططين الذين تخرجهم جامعاتنا والتي لا نشك بمخرجاتها على الرغم من بعض التحفظات،وكذلك لا ننسى الخبرات الكبيرة التي بنت مدناً كاملة مع مختلف الخدمات كمدينة الطبقة والثورة والمدن الرياضية وعشرات الضواحي في مختلف مناطق القطر ومئات المشاريع منذ عقود،وهذه الخبرات والشركات التي يعملون بها تتوق إلى المشاريع من أجل إثبات وجودها وإعادة إحيائها في ظل المحاولات لحلها،وكذلك الخبرات التي تهاجر من بلدنا وتبدع في البلدان الأخرى لقلة فرص العمل،وبالتالي فإن الشركات والخبرات الوطنية والمتعهدين والمقاولين المحليين أولى وأقدر على القيام بهذه الأعمال.
نحن لا تنقصنا الخبرات والأموال، وإنما تنقصنا الإرادة الصادقة والنية الجادة والعمل الدؤوب، ونقول إن أي حل لا ينطلق من مبدأ العدالة الكاملة لساكني هذه المناطق هو حل فاشل،وكذلك أي حل لا يقترن بقمع شديد وقوي للمخالفات الجديدة هو حل مائع لا يمكنه الاستمرار. ويجب تسهيل الإجراءات القانونية بحيث تتمكن الأجهزة الإدارية للدولة من التدخل المباشر لردع المخالفات أو هدم الأبنية، تلافياً لتوسع السكن العشوائي المجمع والمبعثر في آن واحد،وكذلك يجب أن تعمل الدولة على وضع برامج وخطط مستقبلية لتأمين السكن لذوي الدخل المحدود، وتفعيل دور المصرف العقاري بإعطاء قروض بفوائد رمزية ورفع سقف التسديد إلى 30 سنة بما يؤمن لشريحة اكبر من المواطنين الإفادة من هذا التمويل في تأمين المسكن،وتأمين الأراضي للجمعيات السكنية،والعمل على توازن التنمية في القطر بين الريف والمدن وبين المدن.
وبعد هذه المعايير لابد من تشكيل فرق عمل لامركزية إقليمية في كل محافظة تضم أفراداً ذوي كفاءات في الإحصاء والتخطيط والإدارة والقانون ومهندسين وفنيين تقوم هذه الفرق:
- بتقسيم المنطقة إلى أجزاء، ومن ثم يقومون بدراسة إحصائية واقعية لكل جزء من حيث السكن المقام وعدد الأفراد وعدد الأسر والمساحة.
- بوضع المخطط الجزئي لكل جزء بحيث يشمل جميع الخدمات التي سيحتويها من شوارع عريضة وحدائق ومدارس وغيرها من الخدمات.
- تقترح هذه الفرق كيفية التعويض اللازم بعد أن تكون قد ناقشت أصحاب العلاقة،ومن المستحسن أن يكون البديل منزلاً، بحيث تبدأ هذه اللجان بتنظيم المناطق المحاذية للمنطقة المنظمة عن طريق بناء البرجيات حسب الطبيعة الطبوغرافية للمنطقة،وتكون الأولوية للأجزاء التي سوف تقام عليها خدمات عامة.
- تقوم هذه الفرق بتقدير الكميات اللازمة لمواد البناء من أجل تأمينها وفق برنامج زمني مسبق.
- تقترح هذه الفرق كيفية التعامل مع المخلفات الناجمة عن هدم المساكن.
ومن ثم تستطيع الدولة بيع الفائض من الأراضي للجمعيات السكنية وللمتعهدين، أو تقوم بمشاريع جديدة.