طريقة بسيطة لزيادة الناتج الصناعي 10%..
تكثر الأرقام الدولية المنشورة حول الاقتصاد السوري، وعلى الرغم من التشكيك الكبير بهذه الأرقام، إلا أنها يمكن أن تستخدم بشكل تأشيري، لتحويل الرقم إلى سلاح تواجه به عموميات السياسة الاقتصادية التي تريد أن تخفي الأرقام، لتجعل البحث في المهام الملموسة المطلوبة حالياً ذا طابع تقديري وضبابي، إلا أن عمق الأزمة اليوم يتطلب استخدام الرقم لتوضيح عقم السياسة الاقتصادية عن ابتكار الحلول..
صدر تقرير عن منظمة الإسكوا بعنوان (خمس سنوات لسورية في الحرب)، ومن خلال أرقام التقرير، يمكن تقدير حجم الناتج الصناعي المحلي في سورية لعام 2015 لتوضيح متطلبات توسيعه ونموه..
محرر الشؤون الاقتصادية
الناتج 27 مليار دولار والصناعة 3%
إلى اليوم لم تنشر الأرقام الرسمية رقماً دقيقاً حول خسائر الصناعة بمجملها، إلا أن العودة إلى تقديرات دراسات المنظمات الدولية في الإقليم حول سورية، تشير إلى أن حصة الصناعة التحويلية بقيت تقارب 3% من الناتج خلال الأزمة، ومنه يمكن تقدير قيمة الناتج الصناعي، بناء على تقديرات الناتج المحلي المنشورة في تقرير الإسكوا المذكور سابقاً، والذي يشير إلى أن الناتج الإجمالي السوري، قد انتقل من 60,2 مليار دولار في 2010، إلى 27,2 مليار دولار في 2015.
3% من الناتج كانت تعادل في عام 2010: قرابة 1,8 مليار دولار، قد انخفضت في 2015 إلى 815 مليون دولار ناتج صناعي إجمالي، أي قرابة 250 مليار ليرة، بسعر الصرف الرسمي لنهاية عام 2015: 306 ليرة مقابل الدولار.
أرقام محلية للدلالة..
قد يكون هذا الرقم غير بعيد عن الواقع كثيراً، حيث ناتج القطاع العام الصناعي بلغ 26 مليار ليرة في عام 2015، وفق الإحصائيات الرسمية، وصادرات غرفة صناعة دمشق وريفها، والتي تتضمن مصدرين من حلب بلغت 95,7 مليار ليرة في 2015، وفق تصريحات لغرف الصناعة السورية، وهي مع بعضها تشكل قرابة 121 مليار ليرة سورية، أما المنشآت الصغيرة التي تنتج للسوق المحلية، فكانت تشكل نسبة 66%من الإنتاج الصناعي الخاص قبل الأزمة، وهي تشكل نسبة 98% من المنشآت المرخصة خلال الأزمة، وبناء على هذه النسب من غير المستبعد قدرتها على إنتاج ما يعادل مجموع المنشآت التصديرية وصناعة القطاع العام.
مرونة المنتجين..
و(عصلجة) السياسات
قد لا يكون التقدير في هذه الحالة، سوى تقدير تأشيري، إلا أنه يعطي، الإشارة إلى مرونة في القطاع الصناعي السوري، ومحاولته التكيف مع المتغيرات القاسية، وتحديداً مع الارتفاع الكبير في مستويات الأسعار والكلف وفي مقدمتها الكهرباء والمحروقات، والتي أصبحت جزءاً أساسياً من تكلفة جميع الصناعات، مع الحاجة إلى المولدات لتعويض النقص في الكهرباء، وأوقات التقنين التي لم تستثن الصناعيين.
ولكن مقابل هذه المرونة لم تتوفر مرونة في السياسة الاقتصادية الكلية، تؤمن لهذا الناتج المستمر حصة مضمونة من الاستثمار، بتوسيع التمويل للقطاع الصناعي الذي يحاول الاستمرار بالإنتاج داخل البلاد..
7% من الإمكانيات التمويلية
مصادر تمويل الاستثمار في القطاع الصناعي المحلي، العام والخاص، من الممكن أن تأتي من مصدرين أساسيين، أولهما هو: الأموال العامة المخصصة في موازنة 2016 والبالغة 1980 مليار ليرة، وثانيها الاموال الخاصة المودعة والمتراكمة في المصارف العاملة سواء العامة والخاصة، والبالغة في عام 2016: 1624 مليار ل.س. ومجموع هذه الأموال البالغ 3600 مليار ليرة تقريباً، يبلغ 14 ضعف حجم الناتج الصناعي السوري المقدر لعام 2015.
وإذا ما تم تخصيص مبلغ 250 مليار ليرة لتمويل الاستثمار في القطاع الصناعي السوري العام والخاص، فإنه قد يحقق نمواً 10% خلال عام، وهذا بأسوأ الأحوال، أي بافتراض أن عائدية الاستثمار تبلغ 10% فقط، أي بفرض أننا خسرنا نصف العائدية الوسطية المقدرة بـ 20% خلال العقد الذي سبق الأزمة. والعائدية تعني نسبة الدخل الناتج عن الاستثمار، أي ربحية الليرة المستثمرة.
لا يتجاوز هذا المبلغ الاستثماري، نسبة 8% من مجموع أموال الموازنة العامة وودائع المصارف، ولكنه كفيل بتحقيق نمو أعلى من 10% في الصناعة التحويلية السورية، وينهي بشكل تام اتجاه التراجع والتدهور المستمر في الصناعة السورية خلال مرحلة الأزمة بأكملها، ويحقق خلال سنة معدل نمو لم تشهده الصناعة التحويلية منذ السبعينيات.