النتيجة الطبيعية: الدولة تترك دورها الاجتماعي للآخرين
لا يقتصر الأثر الليبرالي الاقتصادي الذي يريد للدولة أن تكون مجرد مشرف وميسر أعمال للسوق، على القطاع الإنتاجي، وعلى حجم الإنتاج العام، بل يمتد إلى القطاع الخدمي..
الدولة تتقشف وتبتعد وتتخلى عن مهماتها تجاه الناس، وتترك المساحة الفارغة للمنظمات، والجمعيات بأشكالها وألوانها.. ورغم كل ما يمكن أن يقال حول دور المنظمات غير الحكومية، الذي يفترض أن تكون (السياسة الممانعة) على دراية به، وبارتباطاته وتوظيفاته..
المنظمات غير الحكومية والجمعيات اليوم في داخل سورية، تغيث من استطاعت إليه سبيلا، أو انتقته من السوريين، وتأويهم، بل وتقوم بمشاريع خدمات المياه من حفر آبار في ريف دمشق والقنيطرة وطرطوس، وصولاً إلى تخديم الأفران، وانتهاء بخدمات إسكان وإيواء اللاجئين. بينما جهاز الدولة يسهّل لها أعمالها، وييسّر أمورها، ليلجأ السكان بالتالي إلى المنظمات لتأمين خدماتهم الرئيسية، عوضاً عن الدولة، التي لا تستجيب بداعي التقشف.
ويؤسس هذا الأمر لخطر إبقاء وتوسيع الوضع الحالي لاحقاً، وتوزيع البلاد إلى قطاعات ترعاها في غذائها ومائها ولقاحها وسكنها وحاجاتها الأساسية الجهات الدولية المانحة، أو (المحسنين) من رجال المال والاعمال والسياسة..
الأرقام تعبر عن هذا الخطر وهي المستمدة من تقديرات المنظمات الدولية ذاتها، التي أعطتها الدولة واحدة من مهماتها وهي إصدار الرقم الإحصائي..
ارتفعت حصة قطاع الخدمات غير الحكومية من الناتج من 4,3% في عام 2010، إلى قرابة 11% من الناتج في عام 2015، لتتساوى تقريباً مع حصة قطاع الخدمات العام التي تبلغ 13% في 2015.