تصفية (السورية الكورية) للاتصالات.. والتكتم حول المستقبل!

تصفية (السورية الكورية) للاتصالات.. والتكتم حول المستقبل!

لماذا يقوم أحدهم بسد باب رزقه بيده؟! سؤال بسيط يطرأ على الذهن كلما فكرنا بسلوك السياسات الاقتصادية تجاه قطاع الاتصالات.. ولا نتحدث هنا عن الخليوي بل عن الشركة العامة التي أنتجت ومدت أغلب خطوط ومقاسم الهاتف الأرضي ثم وحدات النفاذ الضوئي، وبوابات الانترنت ADSL في سورية، منذ بدء عملها في عام 1996.

أيام معدودة ويتسلم عمال الشركة السورية الكورية للاتصالات براءات ذمتهم، وينتظرهم المجهول، كجزء من إجراءات التصفية التي تتم للشركة.

الشركة ليست خاسرة، وليست مدمرة، ولديها عقود عمل سارية حتى اللحظة، تم تسويتها، إلا أن مشكلتها بأن الطرف الكوري المتمثل بشركة سامسونغ قرر الانسحاب، ما يلزم بتصفية الشركة.

مقترحات العمال والإداريين السوريين لاستدراك الأمر، والإسراع في إعادة تفعيل الشركة، وعدم وجود فترة طويلة بين التصفية وإعادة الإقلاع، لا يلوح شيء في الأفق من تطبيقها في الأفق، ما يهدد بضياع الآلات والمعدات وخطوط الإنتاج والخبرات المتراكمة، حيث جاء في مقترحاتهم للاتصالات بضرورة (إنشاء شركة جديدة بالسرعة الكلية لصناعة تجهيزات الاتصالات وصناعات التجهيزات الإلكترونية مع تطوير وتوسيع عملها، بحيث تتمتع بالمرونة اللازمة صناعياً وتسويقياً وتشمل تجهيزات الطاقة البديلة التي باتت حاجة ملحة، مع عدم وجود فترة انقطاع بين مرحلة تصفية الشركة الحالية وإنشاء الجديدة).

إن هذا النوع من النشاط الخدمي في قطاع الاتصالات، ذو عائدية عالية، فالشركة على سبيل المثال استطاعت خلال أربع سنوات أن تسترد رأس مالها، وأن تنفذ برأس مال يعادل في عام 1995: 5 مليون دولار، عقوداً بلغت قيمتها 139 مليون دولار تقريباً، وأن تنفذ قرابة 76 ألف خط هاتف سنوي..

الآلات لا تزال جاهزة، وكذلك العمال، والخبرات، وحتى العقود، وكلها متوقفة اليوم إلى أن يُتخذ القرار، بشأن هذه الصناعة العامة الهامة، هل ستكمل وزارة الاتصالات بهذه الشركة، أم أنها ستعرضها للبيع، أم للتشاركية..

الخيارات جميعها متاحة، رغم أن العقلاني والمنطقي والرشيد منها، هو أن تقوم الدولة بتشغيلها، بالبحث عن مزود بالخدمة والتكنولوجية، بشروط أفضل من شروط شركة سامسونغ التي كانت تحصل على نصف الربح! وهذا الأمر لم يعد بالتعقيد ذاته الذي كان عليه في عام 1995، عندما لم تكن الصين والهند قد دخلت بقوة إلى هذا القطاع، كما هي اليوم..

عمال الشركة يقولون بأن التكتم يسود مصير الشركة، ومعداتها وعقود عملها، وهذا طبيعي بالنسبة لقطاع يتربص به الطامعون جميعهم باستثمار مرحلة إعادة إعمار سورية، ويتربص به الكثيرون ممن يتحكمون بمصير قطاعات هامة كالاتصالات، الذين يرون بأن شركة عامة في سوق هامة خلال مرحلة إعادة الإعمار القادمة، هو أمر غير ليبرالي تماماً ينبغي تغييره!