صعوبة تأمين الأعلاف تهدد بالتحول لاستيراد الدواجن .. ومحاولات لاحتواء الأزمة

تنامت في الفترة الأخيرة أسعار الفروج وبيض المائدة في السوق المحلي بقفزات شاسعة، ورغم محاولات البعض بث تطمينات بأن وضع الدواجن بحالة جيدة وتحت السيطرة، استمرت الأسعار بالالتهاب متأثرة بعوامل متزايدة، إلى أن بات انهيار القطاع على المحك مع تداول أنباء بتحول سوريا من مصدر إلى مستورد للمادة، وهو ما لم ينفه مدير التسويق في المؤسسة العامة للدواجن، مشيراً إلى أن «ارتفاع أسعار الأعلاف عالمياً، كان له الأثر الكبير»..

ومن جهتها استشعرت الحكومة السورية الخطر المتربص بالقضاء على مهنة تربية الدواجن في ظل التناقص المتواتر في كميات الإنتاج وخروج ما يصل إلى 90% من المداجن من العمل، فعمدت إلى إصدار قرارين لتسهيل وصول الأعلاف إلى سوريا، أولهما «بإلغاء رسم الضميمة على استيراد الذرة الصفراء وفول الصويا»، وثانيهما «السماح باستيراد الأعلاف من لبنان».

 

23% من المربين مستمر بالعمل

وعن وضع المربين وجهت قاسيون استفسارها إلى رئيس لجنة الدواجن محمد نزار سعد الدين، الذي قال إن «23% من المربين مستمرين في العمل، بينما خرج معظمهم من المهنة بسبب المعاناة والصعوبات فيها، لكن المؤشرات تدل على بدء عودة البعض لتربية الدواجن، ومع هذا فالنتائج بحاجة لوقت لا بأس به حتى تبدأ بالظهور».

وعن المغزى من السماح باستيراد الأعلاف من لبنان، بين سعد الدين إن «قطاع الدواجن له خصوصية معينة، وأي قرار يصدر بشأنه بحاجة لحوالي ثلاثة أشهر قبل أن نلمس أثاره، وأتوقع أن قرار وزير التجارة الخارجية بالسماح باستيراد الأعلاف من لبنان سيكون له نتائج إيجابية، سيما أن الاستيراد كان محصوراً ببلد المنشأ الأساسي للعلف، أما الآن فقد فتح المجال لاستيراده من غير بلد المنشأ»، مشيراً إلى أن «استيراد الذرة كان يتم حصراً من البرازيل، وفول الصويا من الأرجنتين، أما بصدور القرار سيسهل وصول الأعلاف لسوريا من مصادر أخرى».

 

انخفاض عدد أمات الفروج

من ربع مليون إلى 60 ألف

أما المؤسسة العامة للدواجن فقد بينت عبر مدير التسويق فيها سراج خضر إن «الظروف الأمنية كانت السبب الأساسي وراء خروج عدد كبير من المربين من المهنة في ظل عدم القدرة على تأمين المداجن، وعدم تمكنهم من نقل المواد والأعلاف وصعوبة التنقل بين مكان الإنتاج ومكان التسويق».

وأضاف خضر إن «حوالي ربع مليون من أمات الفروج والصوص كانت تدخل إلى القطر سنوياً، بينما لم يتجاوز عدد ما دخل هذا العام الـ60 ألف أماية، وهذا الرقم يعد مؤشراً لكمية الصوص المباع لاحقاً، ويفسر ضعف صوص الفروج المنتج مع عزوف المربين عن العمل، ما أدى لخلق الهوة الحاصلة في الأسعار».

 

القطر يعتمد على المداجن الخاصة

وتوقعات بالتحول للاستيراد

وحول المداجن الخاصة، بين خضر إن «عدد المربين غير المرخصين يبلغ ضعف عدد المرخصين، واعتماد القطر في تلبية حاجته من الفروج والبيض على القطاع الخاص، علماً أن المؤسسة العامة للدواجن لا تغطي سوى 3% من حاجة القطر، بينما يذهب إنتاجها بمعظمه لمؤسسات وزارة الدفاع».

وأشارت البيانات الإحصائية لوزارة الزراعة العام الماضي إلى أن إجمالي عدد المداجن بلغ 9633 مدجنة، موزعة في جميع المحافظات، منها 6549 مدجنة مرخصة، و3084مدجنة غير مرخصة، بينما بلغت نسبة مداجن الدجاج البياض غير المرخصة 13.61 % من إجمالي مداجن الدجاج البياض، وبلغت نسبة مداجن الفروج غير المرخصة 34.58 % من إجمالي مداجن الفروج، وبلغ عدد مداجن أمات الدجاج البياض 15 مدجنة مرخصة، وعدد مداجن أمات الفروج 142 مدجنة، منها 7 مداجن غير مرخصة.

وحول تراجع الإنتاج، قال خضر إن «حاجة القطر من البيض تقدر بـ 2 مليار تقريباً، بينما الإنتاج يبلغ 4 مليار و800 ألف بيضة سنوياً، لكن هذا الإنتاج تراجع والدليل عليه هو الرقم العائد من التصدير، في الوقت الذي من المتوقع فيه تحول سوريا من مصدر إلى مستورد للفروج والبيض، ما يعني القضاء على هذا القطاع الذي يعمل به حوالي 5% من سكان القطر».

 

سعر الأعلاف سينخفض

أما فيما يخص مصدر الأعلاف، قال خضر إن «المؤسسة العامة للأعلاف تؤمن جزءاً لا يتجاوز الـ20% من حاجة القطاع، بينما يقوم القطاع الخاص باستيراد الكميات وبيعها للمربين»، مضيفاً «بعد الارتفاع الكبير في أسعار الأعلاف عالمياً من المفترض أن تنخفض التكلفة بعد إلغاء رسم الضميمة».

وتتضمن المكونات العلفية الرئيسية الذرة الصفراء، طحين السمك، طحين فول الصويا، وكسبة البذور الزيتية الأخرى.

وتؤمن المؤسسة العامة الأعلاف من 18 إلى 20 % من الاحتياج الكلي من الأعلاف، فيما يؤمن القطاع الخاص باقي الكمية، حيث تقل أسعار المؤسسة عن السوق المحلية بنحو 5714 آلاف ليرة سورية لكل طن واحد من العلف.‏‏

وبلغت الكميات المصنعة في معامل القطاع العام الموسم الماضي 178 ألف طن، في حين وصلت الكمية المصنعة حتى نهاية شهر حزيران 2012 إلى 68 ألف طن، وتم خلال العام الحالي توزيع 336 ألف طن حتى نهاية شهر حزيران الماضي، إضافة إلى إعلان الوزارة خلال هذا العام عن فتح 3 دورات علفية حسب الإمكانيات المتوفرة لدى المؤسسة العامة للأعلاف.

ويؤثر سعر الأعلاف عالمياً بالإضافة لعوامل أخرى مثل ارتفاع أجور النقل على سعر مبيع الفروج وبيض المائدة للمستهلك، فقد بلغ سعر مبيع كيلو الفروج عام 2005 حوالي 75.6 ليرة سورية، بينما لامس عام 2012 حد الـ 175 ليرة سورية، كما كان سعر البيضة الواحدة عام 2005 يبلغ 2.54 ليرة سورية، في الوقت الذي وصل فيه العام الحالي إلى حوالي 7.56 ليرة سورية.

وتطورت أسعار حبوب الذرة الصفراء وفول الصويا من عام 2006، بحيث كان الطن الواحد من الذرة الصفراء يبلغ 124 دولار، أما في الشهر الرابع من عام 2011 بلغ 318 دولاراً، فيما كان سعر طن فول الصويا يبلغ 218 دولار عام 2006، ووصل إلى 516 دولار في شهر نيسان عام 2011.

وارتفعت أسعار الذرة الصفراء خلال أيلول الماضي فقط بمعدل 51%، وارتفعت أسعار فول الصويا 31%، أما محلياً ارتفع متوسط السعر المحلي للذرة الصفراء خلال الربع الثاني من العام بنسبة زيادة 26.46% عن سعره عالمياً بسبب ارتفاع أجور الشحن والنقل وارتفاع قيمة بوليصة التأمين على البضائع المستوردة.

وأكدت تقارير صادرة عن مجلس الحبوب العالمي وجود ارتفاع واضح في سعر الذرة بفعل الأزمة الاقتصادية، حيث ارتفعت في أسبوع واحد من 322 دولاراً إلى 344 دولاراً للطن الواحد، فيما لم يزد سعرها في الفترة نفسها من العام الماضي عن 317 دولاراً، كما ارتفعت أسعار الصويا مع بداية الأزمة الاقتصادية من 627 إلى 644 دولاراً.

ولفتت التقارير إلى أن سعر البوشل من فول الصويا ارتفع في شيكاغو مع بداية الأزمة إلى 11.14 دولاراً، وهو أعلى سعر له منذ تموز 1973 جراء الطلب المتزايد من جانب صناعة الوقود الحيوي.

وارتفعت أسعار الفروج عالمياً خلال الربع الأول من العام بنسبة 4.57% بينما ارتفعت محلياً خلال الربع الأول من العام الحالي مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي بنسبة 73.36% بسبب نقص العرض في المحافظات المنتجة للفروج (حمص، درعا، إدلب، حماه) وصعوبات النقل وارتفاع أجورها وارتفاع أسعار الخلطات العلفية وخروج المربين من حلقات الإنتاج.

وبلغ سعر الكيلو غرام الواحد من العلف 65 ل.س، بعد أن كان العام الماضي يبلغ 28 ل.س، وارتفع أجار نقل من الفروج والأعلاف من 0.5 ل.س إلى 3 ليرة سورية.