نزادر عادلة نزادر عادلة

الخطط الاستثمارية في موازنات الدولة قبل رفع الإنفاق الاستثماري ماذا حققت الخطط وأين صرفت الأموال؟

لم يخفض الإنفاق الاستثماري في موازنة العام القادم، بل إن تخفيض هذا الإنفاق بدأ منذ العام 1995 والذي يطالع أرقام موازنات الدولة منذ العام 2006 يكتشف تغييراً مهماً في التركيب الهيكلي للإنفاق العام يتضمن تراجعاً عن الدور التنمويللدولة.

إن هذا التراجع في دور الدولة التنموي أدى إلى ما نشهده الآن من بطالة تتفاقم عاماً بعد عام والذين كانوا يراهنون على القطاع الخاص، الوقائع أمامهم الآن حيث تأكد بأنه ليس قادراً في ظروفه وطبيعة رساميله وهياكلها ومصادرها على ردمالفجوة الاستثمارية أو الوفاء بمتطلبات تحسين معدل الاستثمار والمستهدف في الخطة الخمسية العاشرة والحادية عشرة، وهذا ما انعكس سلباً أيضاً على إمكانيات خلق فرص عمل جديدة في سوق العمل بما يتناسب مع عرض العمل سنوياً وهوبحدود 250 ألف إنسان، يضاف إلى ذلك ما خلفته الأحداث الجارية في سورية والتي أدت حتى الآن إلى تسريح عشرات الآلاف من العمال في شركات ومؤسسات القطاع الخاص.

 

لماذا التخفيض

رصد مشروع موازنة العام القادم 275 مليار ل.س اعتمادات الإنفاق الاستثماري بانخفاض وصل إلى 100 مليار ل.س مقارنة باعتمادات عام 2012 الاستثماريةالأحداث الجارية في سورية تستدعي تعزيز ودعم وضخ الاستثمارات فيالقطاع العام وأن تعود الدولة إلى دورها الاقتصادي خصوصاً في هذه المرحلة، ومازلنا نتذكر دور شركات ومؤسسات القطاع العام في حرب تشرين 1973 وإبان الحصار الاقتصادي على سورية في ثمانينيات القرن الماضي من ناحية تأمينكل المستلزمات الحياتية والمعيشية للمواطنين وأذكر هنا دور شركة الإطارات.

القطاع العام لعب دوراً أساسياً في ترسيخ الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي ولعب دوراً محورياً في البناء والإعمار وبناء القاعدة المادية لسورية وهذا بلا شك يستدعي زيادة الإنفاق الاستثماري لا تخفيضه.

 

خطط ولكن

الانفاق استثماري ليس لإقامة مشاريع جديدة أو لاستبدال

وتجديد لأن الأموال المخصصة لا تكفي لإصلاح آليات شركة واحدة وهي تنفق وتهدر بلا جدوى دون مساءلة أو محاسبة، أيضاً الشركات التي لا تنفذ خطتها لا تتم مساءلتها أو محاسبتها.

ومازلت أذكر اجتماع وزير الصناعة عام 2009 مع مدراء المؤسسات الصناعية حول تتبع وتنفيذ الخطط الاستثمارية حيث فوجئ وزير الصناعة بمعدلات التنفيذ خلال النصف الأول من العام، بلغ معدل التنفيذ في المؤسسة العامة النسيجية11% والمؤسسة الغذائية 6% والهندسية 84% والكيمياوية 56% والاسمنت 38% والسكر 31% وحلج وتسويق الأقطان 47% والتبغ 34% وكان إجمالي نسب التنفيذ لكامل الجهات التابعة لوزارة الصناعة 55%، أما نسب التنفيذ في هيئةالمواصفات والمقاييس فكانت 1% ومركز الاختبارات والأبحاث 44% ومركز تطوير الإدارة والإنتاجية صفر ومجمعات التدريب المهني 57% والمعاهد المتوسطة 10% ومديريات الصناعة 18%.

 

الخطة الإنتاجية

قد نغفر للمؤسسات وللشركة عدم تنفيذها خططها الإنتاجية وذلك لأسباب عديدة منها مثلاً:

في شركات الغذائية سوء مواصفات بذور القطن الموردة من مؤسسة حلج وتسويق الأقطان وسوء مواصفات الحليب الخام المورد سواء من المباقر أو الجمعيات الفلاحية حيث ارتفاع الحمولة الجرثومية.

استمرار المنافسة بالأسعار في السوق وخاصة لمنتجات الألبان نتيجة وجود الورشات التقليدية ومعامل القطاعين الخاص والمشترك والتي تتمتع بمرونة كبيرة في السوق وعدم الالتزام بالمواصفات.

قِدم الخطوط الإنتاجية مثالألبان دمشق وحلب اعتماد شركات الكونسروة على المحاصيل الزراعية المرتبطة بالظروف المناخية والتي تتباين من عام لآخر وخاصة موسم البندورةوبالرغم من قدم الخطوط الإنتاجية فإن هذه الخطوط لا تعملبكامل طاقتها المتاحة لعدم كفاية المواد الأولية أولاًوصعوبة عمليات التسويق ثانياً، بالإضافة إلى عدم توفر السيولة المالية لتأمين مستلزمات الإنتاج.

 

الخطة الاستثمارية

الضعف في التنفيذ يؤدي إلى تواضع الأداء ولا سيما فيما يتعلق بالتوظيف والإنتاج والمبيعات.

زيادة الاستثمارات تؤدي إلى تحسين إنتاجية رأس المال أولاً، والعمالة ثانياً من خلال رفد الشركات بتكنولوجيا حديثة ومواكبة لحاجة السوق واستجابة لمتطلبات المنافسة مع إنتاج الأسواق العالمية وزارة الصناعة كانت تشكو من قلة الاعتماداتالتي رصدت في الخطة الخمسية العاشرة والحادية عشرة للقطاع العام الصناعي.

اتحاد العمال كان ولا يزال يطالب بزيادة الاستثمارات ويقول إن الخطة الخمسية العاشرة خصصت ما قيمته /21/ مليار ل.س لإصلاح القطاع العام، ويسأل هل يكفي هذا المبلغ بقيمته الحقيقية وليست الاسمية.

أي بعد خصم معدلات التضخم منها، هل يكفي للنهوض بالصناعة في القطاع العام وتطويره تكنولوجياً وتحديثه إنتاجياً.

 

قديم وجديد

يقترح اتحاد العمال في هذا الصدد:

وضع خطة متكاملة للاستبدال والتجديد ورصد الاعتمادات اللازمة لذلك، ومنح مجالس الإدارات الصلاحيات الكاملة لتنفيذ هذه الخطط وخاصة ما يتعلق بالترف بالفوائض الاقتصادية للوحدات المختلفة.

تركيز الاهتمام على تحسين المستوى التكنولوجي في الوحدات الاقتصادية والاستفادة من المؤسسات البحثية والجامعات السورية.

رفد الشركات والمؤسسات بكوادر فنية عالية التأهيل ومنحها الحوافز الكافية من أجل تكوين وحدات البحث العلمي.

إعادة دراسة العلاقة بين وحدات القطاع العام ووزارة المالية ومنح هذه الوحدات الاستقلالية.

 

هوة عميقة

الواقع يقول إن هناك هوة بين ما يطالب به اتحاد العمال حول زيادة الاستثمار لدعم القطاع العام وبين ما يخصص من استثمار وبين ما ينفذ من  الشركات.

وهنا لن نسأل الحكومة عن أسباب خفض الاستثمار لأن أجوبتها معروفة وأجاب عنها وزير المالية ولكن نسأل المدراء:

ما هي الأسباب التي تعيق تنفيذ الخطط الاستثمارية؟ ولكن قبل ذلك نسأل وزارة الصناعة:

لماذا تبقي الوزارة مؤسسات وهيئات نسب تنفيذها صفر أو 1%.

الجواب واضح:

أنشئت المؤسسات قبل أكثر من أربعين عاماً وبقي دورها حلقة وسيطة بين الشركات والوزارة تعقيد مشاكل الشركات وروتين وبيروقراطية وترهل إداري ومكاسب غير مشروعة في حين كان يجب أن يكون دورهاالعمل على تطوير وتحسينالمنتج والإقلال من الاعتماد على الاستيراد وإيجاد بدائل محلية ورفع الإنتاجية وتخفيف الهدر من خلال تشديد الرقابة وتوطين التكنولوجيا.

 

أين ما استثمر ؟

إذا كنا نبكي على ضعف الاستثمارات، هل سألت المؤسسة إدارة شركة:

أين صرفتم المخططات وهل تم التوثيق في العقود والمناقصات؟

خبير اقتصادي يقول في هذا الصدد:

الخطة الاستثمارية في مؤسساتنا هي كذبة كبرى وهي مجال رحب وواسع لصرف الأموال على التجار والمتعهدين ولشراء الولاءاتوإذا كانت الخطة الاستثمارية صفراً يعني أن وضع الشركة بخير ويجب أن تُكافأ إدارة الشركة إذا كانتطبعاً المخصصات المالية موجودة.

خطة استثمارية بـ 40 مليون لإحدى الشركات تصرف ليس على التطوير والتحديث وإنما في تعهدات بلا معنى.

رئاسة الوزراء تطالب بصرف المخصصات، ولكن هل سألت جهة ما هو مردود الخطة الاستثمارية وكلما تدنت الخطة الاستثمارية كانت الأوضاع أفضل، يهدم بناء ويقام غيرهمشاريع خلبية دون مشاريع استثمارية.شركة معينة مخصصاتها400 مليون وهي بيد الوزير وعشرات المتعهدين يتزاحمون في المؤسسة والوزارة لشراء العقود.

 

لماذا لاتسألون ؟

إذا خصص لهذه الشركة 10 مليون لفمن المفروض أن تكون هناك زيادة في الدخل مليون ل.س مع تعيين عمال وتحسين في الإنتاج.

وهنا أسأل الجهات الوصائية:

لماذا لا تسألون عن سنوات سابقة ماذا حققت الخطط وأين صرفت الأموال؟

الخطط الاستثمارية في المؤسسات والشركات أفسدت قطاعا كبيراً من العاملين في القطاع العام.. مدراء وكوادر فنية وعمالاً وتجاراً وسماسرة ومازالت تفسد في غياب المحاسبة والمساءلة.