عباد الشمس:الحلول السياسية تخفف أعباء الحصار..
لم يعد الربح الكبير من الجوع خلال الحرب، محصوراً بالمناطق المحاصرة، ففي هذا العام امتد التأثير ليشمل المناطق الخاضعة لسيطرة الدولة، وأصبحت القلة المتحكمة باستيراد الغذاء إلى داخل سورية، قادرة على فرض أي سعر مهما انخفض سعره العالمي، حيث أسعار الغذاء المستورد في دمشق أعلى من أسعاره العالمية بأربع مرات، وصولاً إلى 12 مرة لبعض المواد.
وقد جعل هذا الاستغلال لظرف تدهور قيمة الليرة مقابل الدولار، أسعار المناطق الخاضعة للسيطرة متقاربة مع أسعار المناطق المحاصرة. حيث شكل الحصار خلال سنوات الأزمة ظرفاً ملائماً لتكديس الثروات لدى المتنفذين المتحكمين بممرات الغذاء الضروري على طرفي الصراع، إلا أن الحلول السياسية تجعل سياسة الربح الإجرامية هذه محدودة الأفق..
كانت أسعار الغوطة الشرقية المحاصرة على سبيل المثال أعلى بـ 7 مرات من أسعار دمشق في عام 2015، وانخفض هذا الفارق منذ بداية العام الحالي، نتيجة ارتفاع الأسعار في دمشق من جهة، وانخفاض أسعار بعض المواد الغذائية في الغوطة، بعد بدء دخول المساعدات الغذائية منذ بداية العام الحالي، وتسارعها عقب إعلان الهدنة في نهاية شهر 2-2016، وبدء المفاوضات. فهذه المساعدات رغم كونها متقطعة، إلا أنها دخلت ووزعت مباشرة ودون دور للوسطاء، ما ساهم في تخفيض أسعار الحبوب والزيت والسكر بشكل واضح منذ بداية 2016.
معالم الحلول السياسية خفضت أرباح سماسرة الحصار الداخلي المباشرة، في بعض المناطق السورية المحاصرة وعددها 18، إلا أنها لم تستطع حتى الآن أن تخفف من تسارع انتهاز سماسرة الاستيراد لظرف تدهور قيمة الليرة، وفرض أسعار احتكارية على الغذاء المستورد لسورية ككل، وهي مهمة للمرحلة القادمة، عندما تُلغى العقوبات الاقتصادية الدولية على سورية، أو عندما تتغير التوازنات السياسية التي ستسمح بإيجاد إرادة سياسية محابية للمصلحة العامة، وليست محابية ومحاصصة لمصلحة قلة من سماسرة الجوع السوري، كما هو الحال اليوم.