توق الحكومة لتصدير الغذاء.. يدفعها نحو الشرق وتبقي حصة فرنسا محفوظة!
سامرسلامة سامرسلامة

توق الحكومة لتصدير الغذاء.. يدفعها نحو الشرق وتبقي حصة فرنسا محفوظة!

تشير المعلومات عن توقعات خبراء روس بأن المنتجات الزراعية السورية سيكون لها حصة كبيرة في السوق الروسية، تقدر بـ 10% قبل نهاية العام الجاري، حيث أشار مدراء شركات روسية بدأت تنسق مع السوريين في مشروع قرية الصادرات في اللاذقية إلى أن الكميات ستتراوح بين 150-200 ألف طن سنوياً..

يكثر الحديث عن تصدير المنتجات الزراعية السورية إلى روسيا بعد خمس سنوات من عقوبات الغرب على السوريين، حيث بقيت السياسة الاقتصادية السورية  خلالها أميل للغرب في مستورداتها، أو على الأقل أميل إلى طريقته في العمل، فهي لا تزال تعتمد الوسطاء وتتجنب التعامل من دولة إلى دولة مع الأصدقاء سواء في روسيا أو في إيران، فاستوردنا شحنات القمح خلال الأزمة من فرنسا أكثر من مرة، ولم تتفعل الخطوط الائتمانية مع الروس لتأمين المستلزمات الرئيسية، وبقي الخط الائتماني الإيراني مفتوحاً للوسطاء وبأسعار تفوق الأسعار العالمية بكثير..

سياسة التصدير: غذاء- خام- ووسطاء

اليوم تنشط وزارة الاقتصاد في فرصة التعاون مع روسيا، على غير العادة، على اعتبارها تصديرية أولاً، وللمنتجات الزراعية الخام ثانياً، وثالثاً معتمدة على وسطاء نقل فرنسيين! وكأن السياسة الاقتصادية السورية لا يرتاح ضميرها إذا لم يكن للغرب حصة في ما ينتجه السوريون..

حيث كشف خلدون أحمد مدير( قرية الصادرات السورية لروسيا)، بأن القرية قد وقعت عقداً لمدة سنتين مع مجلس إدارة شركة - CMA-CGM للنقل البحري الفرنسية ممثلة برئيسها السوري جاك سعادة، لتقوم بتسيير سفينة بخط مباشر من مرفأ اللاذقية، إلى مرفأ نوفوروسيك الروسي، برحلة كل 15 يوم، تحمل 3500 طن، و 180 حاوية مبردة لتصدير الخضار والفواكه السورية إلى روسيا.

اتفاقيات طويت في الأدراج

يأتي هذا العقد بديلاً عمّا تم إعلانه والاتفاق عليه سابقاً، في شهر 8 من عام 2014، عندما كشف أمين اتحاد المصدرين مازن حمور في حينه، بأنه قد تم اتخاذ قرار بإنشاء شركة ملاحة مشتركة لتطبيق فكرة الكريدور الأخضر السوري لنقل المنتجات الزراعية السورية إلى روسيا وبيلاروس، حيث كان الاتفاق ينص على أن يقوم الطرفان بشراء باخرة معدة لهذا الغرض، ما يختصر الوقت والتكلفة ويزيد حجم الصادرات.

إلا أن هذا الإعلان لا ينسجم مع السياسة الاقتصادية السورية، التي تسعى إلى تقليص دور الدولة، وتراجعها عن المشاريع التي كانت تقودها، عوضاً عن أن تقوم بإطلاق مشاريع جديدة كإنشاء شركة ملاحية وشراء باخرة! وبالفعل تم استبدال هذا المشروع بما ينسجم مع سياسة سورية الاقتصادية تاريخياً المرتبطة بالغرب عبر وكلاء، واستبدلت شركة الملاحة الحكومية السورية الروسية، بوسيط فرنسي، مغلف بغلاف رجل أعمال سوري!.

خط إيران البحري المباشر.. شغّال أم لا؟!

وأعقب هذا في شهر 9-2014 تعميم لوزارة الخارجية على اتحاد غرف التجارة السورية، عن إطلاق خط شحن بحري يربط ميناء بندر عباس الإيراني، بموانئ سورية مباشرة، ما يتيح تكلفة أقل من الخطوط الأخرى إلى سورية، ومع ذلك بقيت أسعار السلع المستوردة عبر الخط الائتماني الإيراني مسعرة بأسعار خيالية وهي التي تستورد عبر الوسطاء، دون استفادة مما أعلن سابقاً من خطوط نقل بحرية مباشرة وبتكلفة أقل، أو أنه تم الاستفادة منها، وإبقاء تضخيم الأسعار!..

إن الظرف الدولي الذي تمت فيه العقوبات الغربية الظالمة على الشعب السوري، كان يسمح طوال الوقت، وحتى الآن بإيجاد فرص في الشرق ولدى الأصدقاء، عبر العلاقات المباشرة بين دولة وأخرى، وتنحية دور الوسطاء والمنتفعين، إلا أن هذه التنحية تتطلب قراراً بمنع الاستفادة من الأزمة، وبتخفيف العقوبات على الشعب السوري، وهذا ما لم يتم، حتى غدت أسعار الغذاء المستورد إلى سورية، عبر الوسطاء وقوى السوق الكبرى، الممولة بالقطع الأجنبي، أعلى من أسعار الغذاء العالمي بأربعة أضعاف وسطياً، وبـ 12 ضعف في بعض المواد مثل الزيت النباتي، و8 إلى 6 أضعاف في أخرى مثل السكر والقهوة والشاي.

ونورد هنا أمثلة عن ربح المصدرين والمهربين من نقل الإنتاج الغذائي السوري إلى الخارج..

الحمضيات عالمياً

 11 ضعف السعر المحلي! 

30 ليرة هو السعر الوسطي لكغ الحمضيات التي باعها المنتجون السوريون إلى التجار المحليين، والمصدرين في عام 2015 أي أن سعر شراء الطن المحلي بلغ وسطياً 30 ألف ليرة، وحوالي: 60$ وفق سعر صرف 500 ليرة مقابل الدولار، بينما سعر طن الحمضيات عالمياً يبلغ اليوم 675 $ للطن،  ليعود الكغ بسعر 3400 ليرة، ومهما انخفض سعر التصدير إلى روسيا أو بلغت حصة وسيط النقل الفرنسي فإن حصة الوسطاء المصدرين تبقى مرتفعة للغاية.

رأس العواس العالمي 4 أضعاف المحلي!

يباع رأس غنم العواس في السعودية بحوالي 400 دولار للرأس، بينما سعره المحلي 45 ألف ليرة، أي حوالي 90 $ للرأس وفق سعر صرف 500 ليرة للدولار، والفارق بين السعرين هو أرباح تصديرية أو تهريبية صافية لمصدري الأغنام. 

زيت الزيتون العالمي ضعفي المحلي! 

900 ليرة هو السعر الوسطي لكغ زيت الزيتون السوري في السوق المحلية، وهو يعادل اليوم حوالي 1.8$ بسعر صرف 500 ليرة مقابل الدولار، أما سعره العالمي اليوم 4300 $ للطن، أي 4,3 $ للكغ، وهو يعادل 2150 ليرة للكغ.

(الربح من الجوع).. استيراداً وتصديراً

إن تصدير الغذاء إلى أية وجهة في العالم في ظرف جوع السوريين حالياً، هو سياسة خاطئة،  وتحديداً إنه لا يقابل بالسعي للاستفادة من فرص استيراد المواد الغذائية  بأسعار منخفضة من روسيا وإيران أو مقايضتها كما طرح في بدايات الأزمة، بعد أن أغلقت الحكومة ملفات التعاون التجاري للغذاء عبر المقايضة وخطوط النقل المباشرة بشكل كامل.. وأبقت على الخط الائتماني الإيراني، الذي تستورد المواد الغذائية بأمواله عبر الوسطاء بأسعار مرتفعة جداً عن أسعار تصدير إيران ذاتها. إن استفادة الوسطاء من المنتجات الزراعية السورية، ومن استهلاك السوريين من الغذاء هو قاعدة أساسية للربح في الظروف الحالية، حيث أصبح الاقتصاد السوري سوقاً سوداء يربح من الدمار ومن تآكل الليرة ومن الجوع..

فيقص محكترو واردات الغذاء من أجور السوريين أرباحاً ليبيعوا بأضعاف السعر العالمي، ويقص مصدرو ومهربو المنتجات الزراعية السورية من المزارعين السوريين ليربحوا أضعافاً من السعر العالمي المرتفع عن السعر المدفوع للمزارعين..

آخر تعديل على السبت, 16 نيسان/أبريل 2016 14:11