(عقلنة)  عقلنة الدعم الكهربائي..

(عقلنة) عقلنة الدعم الكهربائي..

ناقش فريق من الخبراء الاقتصاديين والفنيين في عام 2013 هيكلة دعم الكهرباء، باتجاه رفع أسعارها، وقدم مقترحاً متكاملاً للحكومة لتصحيح تشوهات قطاع الكهرباء، إلا أن المنطلقات كانت في حينها، مبنية على محددات أولية ضرورية، والمقترحات لم تكن تنتهي بتخفيض الدعم، بل بعدم تكليف الحكومة دعماً إضافياً، مع ضمان هيكلة الدعم لإعطائه فعلاً لمستحقيه، ولتصحيح تشوهاته التي تعكس تشوهات القطاع ككل. ويفيد التذكير بدراسات الأمس القريب لتوضيح مستوى العشوائية في عملية (عقلنة الدعم) المطروحة حالياً: 

 

  زيادة الدعم للشرائح الأقل وتكليف المستهلكين الكبار

  قام المقترح السابق على أساس إعفاء تام للشريحة الأولى من الاستهلاك المنزلي التي تستهلك أقل من 400 كيلو، وتخفيض التعرفة للمستهلكين المنزليين بأقل من 800 كيلو، وتخفيض التعرفة الكهربائية المباعة للحرفيين والتجاريين المستهلكين بنسب منخفضة، وتثبيت التعرفة المنخفضة للمستهلكين الزراعيين والصناعيين كما كانت في 2012.

اعتبر حين ذاك بأن إلغاء التعرفة على الشريحة المنزلية الأولى، سيؤدي إلى تحقيق وفر قدّر حينها بحوالي 150 مليون دولار، إذا ما سعى مستهلكو 100 ألف من مشتركي الشريحة الثانية إلى تخفيض استهلاكهم، كما قامت المقترحات في ذلك الحين على تصحيح تشوه توزيع استهلاك الطاقة الكهربائية في سورية، لمصلحة صغار المستهلكين، وهذا قائم على فكرة أن الدعم لا يقدم لجميع المستهلكين، بل يستثني كبارهم حيث كان المقترح بدعم قرابة 80% من المشتركين السوريين الذين يستهلكون نصف الإنتاج الكهربائي فقط قرابة 50,5%، وعدم دعم 20% من المستهلكين الكبار الذين يستهلكون قرابة النصف الآخر 49,5%.

تخفيض الفاقد الفني والتجاري

قامت إعادة هيكلة دعم الكهرباء في حينه على فكرة تخفيض الفاقد الإجمالي الذي يشكل 30% تقريباً من الإنتاج، والذي تحمّل تكاليفه على الدعم، وهو المشكل من فاقد فني ناتج عن سوء الشبكة والضياع فيها، وفاقد تجاري ناتج بشكل رئيسي عن تهرب كبار المستهلكين من الدفع، ومن ثم ناتج عن (السرقات) وعدم الفوترة في الأحياء العشوائية القابلة للضبط والتنظيم  توضع كذريعة.

  تصحيح تسعير الوقود وإيقاف تضخيم الكلف

قامت أيضاً فكرة إعادة هيكلة دعم الكهرباء في حينه على مناقشة تكاليف الوقود، التي تسعر بالأسعار العالمية رغم إنتاجها محلياً، حيث يتبين أن سعر المتر المكعب من الغاز المسعر عالمياً في حينه بحوالي 23 ل.س، كان من الممكن تسعيره محلياً بـ 10 ل.س ما يخفض تكاليف الغاز وبالتالي تكاليف الإنتاج، حيث تبين من تلك الدراسات أن تغيير طريقة التسعير من العالمية للمحلية كان ينقل تكلفة الوقود للكيلو واط الساعي من 11,5 ليرة، إلى 5,4 ليرة أي يخفض تكاليف الوقود في إنتاج الكهرباء بنسبة: 53%، أي أكثر من النصف.

ما هي سياسة هيكلة 

دعم الكهرباء اليوم؟!

ما من سياسة محددة لإجراءات رفع أسعار الكهرباء اليوم، سوى السعي إلى رفع السعر عن التكلفة، وتحميل المستهلكين بشرائحهم وأنواع استهلاكهم أعباءً أعلى، دون اعتبارات انخفاض الأجور، وتراجع كميات الاستهلاك المنزلي، بل بالسعي إلى تحصيل المزيد من هؤلاء حتى لو خفضوا استهلاكهم عبر إلغاء الشرائح الصغيرة، ودمجها ورفع تعرفتها، كما لم تؤخذ اعتبارات الإنتاج الصناعي والزراعي المحلي الذين لم يعد لهما أية ميزة بعد رفع أسعار الكهرباء، غير المتوفرة أساساً، ولم تفكر الحكومة بتصحيح الفاقد الفني، أو مناقشة الفاقد التجاري، وسبل زيادة تحصيله ووجهاتها، ولم تناقش بالتأكيد تكاليف الوقود التي أصبحت تسعر بالسعر العالمي على اعتبارها مستوردة بأغلبها، وهي التي كانت تسعر بالعالمي حتى لو كانت منتجة محلياً

تثبت عملية رفع أسعار الكهرباء، أن سمت السياسة الحكومية اليوم لا يتعدى تخفيض النفقات، وتحرير أسعار القطاعات الكبرى من الدعم، تمهيداً لطرحها للاستثمار، لتبقى مئات المليارات من الليرات المعلنة للدعم مجهولة المصير، وغير مخصصة لتحسين الاستثمار العام في القطاع، أو توسيع استيراد المحروقات لتحسين الوضع الكهربائي العام الذي يسير من تدهور إلى تدهور.

آخر تعديل على الأحد, 31 كانون2/يناير 2016 00:08