الكهرباء الغائبة تحلّق بسعر جديد!
نقلت مواقع إلكترونية عن لجنة السياسات الحكومية أنها رفعت أسعار الكهرباء لأغراض الاستعامل المنزلي والصناعي والزراعي. القرار الذي نُشر في الصحيفة الرسمية وفقاً للخبر، يأتي على مايبدو للبعض استكمالاً لسلسلة إجراءات عقلنة الدعم التي دأبت عليها الحكومة في أعوام الأزمة، والتي لم يكن مستغرباً أنها ستطال إن عاجلاً أم آجلاً أسعار الكهرباء.
مقدمات رفع أسعار الكهرباء غير مستغربة، فالسياق العام لسياسات ومؤشرات الحكومة كانت توحي باقتراب هذه الخطوة، فعمليات رفع الدعم المتكررة التي طالت أسعار المحروقات، ورفع أسعار الغاز والبنزين والفيول والخبز والاتصالات ومعظم الخدمات الحكومية، لم تتوقف خلال الأعوام الماضية وما عملية رفع سعر الكهرباء إلا تحصيل حاصل واستكمالاً لمهمات معدة لتصفية ما تبقى من الدعم، رغم التباس الأرقام الحكومية التي تدعي استمراره ببعض المجالات والتي تعد الكهرباء أبرزها.
اللقاء الأخير الذي جمع رئيس الحكومة بنقابات العمال أواخر العام الماضي كان مليئاً بالإشارات حول احتمال رفع الدعم عن الكهرباء، بدءأ بالتأكيد على استمرار نهج (العقلنة) وصولاً بتذكير الحاضرين بالأموال الكثيرة التي تنفقها الدولة على قطاع الكهرباء.
طبعاً يظل أحد أبرز مؤشرات التمهيد المسبق لرفع الدعم عن الكهرباء هو تضخيم فاتورته، وهو ما أوضحته موزانة عام 2016، والتي ادعت دعم الكهرباء بـ (325 مليار ليرة) علماً أن هذه الأرقام قد تكون مكررة، فهي تشمل تكلفة المحروقات الداخلة في إنتاج الكهرباء والتي تمثل (85% من التكلفة) والتي تدعي الحكومة دعمها أيضاً، علماً أن الأسعار العالمية للمحروقات مستمرة بالهبوط حتى اللحظة بفعل انخفاض أسعار النفط. الموازنة أيضاً حملت مؤشراً آخراً بهذا الاتجاه وهو تصنيف بندي دعم المحروقات والكهرباء على أنهما «خسائر مدورة» وذلك للتنصل لاحقاً من عبء الدعم، وهو ما تحدثت عنه قاسيون في تغطيتها لموازنة 2016 (راجع العددين 733-732).
كما أن القرار، الذي ستعمد قاسيون إلى مناقشته موسعاً في الأعداد اللاحقة، يأتي امتداداً لإجراءات العام الأخير المتسارعة بغرض إنهاء دور الدولة في مجال إنتاج أو توزيع حوامل الطاقة وجعلها قطاعات رابحة اقتصادياً، ما سيجعلها مطرحاً مربحاً للمستثمرين الجدد من خلال قانون التشاركية الذي أقر مؤخراً.