توافق بين معارضي اسطنبول وسياسات حكومية
صدر قانون التشاركية بين القطاعين العام والخاص بشكله النهائي بتاريخ 10-1-2015، وأصبحت كافة الاعمال الخدمية والإنشائية والإنتاجية التي تقوم بها الحكومة، مؤهلة لأن تصبح عمليات مشتركة بين جهاز الدولة وقوى السوق التي أثبتت أنها عابرة لثنائية (المعارض والمؤيد) في المجال السياسي!.
فالملفت أن القانون الصادر عن الحكومة لقي ترحيباً، لدى بعض محللي المعارضة التي انبرت عبر أحد منتدياتها الاقتصادية (المنتدى الاقتصادي السوري) للترويج لمبدأ التشاركية وضرورته الاقتصادية، حيث وافقت على مبدأ التشاركية واكتفت بالاختلاف مع الحكومة على درجة تحكم قوى السوق بمثل هذه العقود!.
يؤكد المنتدى في أحد تحليلاته أن: (ما يهمنا من هذا القانون هو أن المشرّع إستطاع أن يطرح مبدأ التشاركية تحت ذريعة مشاركة القطاع الخاص والسماح له بالمشاركة في الحياة العامة)، أي أن الخطوة الأهم التي تبيح القطاع العام لشكل من أشكال الخصخصة، وهي جوهر المشروع، والتي تم إنجازها وبنجاح، وإن حملت بعض الشوائب من وجهة نظر ليبراليي الخارج، هي مبعث الرضى.
أما أبرز انتقادات المنتدى على القرار فهي انتقاد مدى الحرية المعطاة لقوى السوق في التحكم بمثل هذه الشراكات، حيث يشير التحليل إلى أن الخلاف ليس على القانون بحد ذاته بل بدرجة تحكم السلطة التنفيذية به، ويقول المنتدى أن مشكلة القانون هي: (فرض بعض القيود القاسية والتي ترتبط بالحكومة مباشرةً من خلال فرضه سلطة (مجلس التشاركية) والذي يعد السلطة العليا فيما يتعلق بشؤون التشاركية)!
أما معارضة (المنتدى) للقانون، فتجيء من موقع يبدو أكثر يمينة ورجعية من القانون ذاته بالتساؤل حول (هل هذه التشاركية التي نريد؟!) ليضيف التحليل: (نحن ننادي بالتشاركية بين القطاعين الخاص والعام ولكن من خلال فصل الملكية عن الإدارة وعدم فرض الوصاية على القطاع الخاص مجدداً أو فرض أسلوب محدد ليعمل عليه).
الجدير بالذكر أن ما يسمى «المنتدى الاقتصادي السوري» والذي يأخذ من تركيا مقراً له والذي يدخل في عداد طواقمه الرئيسين مستشارين لإئتلاف الدوحة، يدعو لدور ريادي للقطاع الخاص في إدارة سورية اللاحقة كما يدعو لميلاد اقتصاد السوق الحر، والذي يبدو أن (قابِلَتَه القانونية) هي السياسات الحكومية التي تخدم مصالح قوى رأس المال.
مرة أخرى تتوافق قوى الليبرالية في النظام مع نظيرتها في المعارضة وهذه المرة على حساب دور الدولة الاقتصادي والمتعلق بمستقبل السوريين، لتتعرى التناقضات الشكلية «نظام- معارضة»، في السياسات الاقتصادية ويحتفي رجال الأعمال على حساب مستقبل الدولة ومكتسبات الشعب.