..جدل واسع وأسئلة كثيرة حول قرار الحكومة تعليق استيراد بعض المواد
القرار فرصة استثنائية لنهوض الصناعة الوطنية المنهكة من منافسة المنتجات المستوردة
منذ اللحظات الأولى لإصدار القرار الحكومي القاضي بتعليق استيراد المواد التي تزيد رسومها الجمركية على 5 %، دار جدال واسع في الأوساط الشعبية عموماً، والاقتصادية بشكل خاص حول صوابية هذا القرار وضرورته في هذه المرحلة، والتي اختصرها الإعلان الحكومي بالحفاظ على القطع الأجنبي والحد من تسربه إلى الأسواق العالمية عن طرق الاستيراد غير الضروري أو الممنهج أحياناً، أي تقنين عملية الاستيراد، ولكن هل بالفعل ستنجح الحكومة في قرارها هذا؟! وما هي الثغرات التي تضمنها القرار الحكومي، والذي اعتبره الكثيرون متسرعاً وغير مدروس؟!..
السيارات السياحية كانت على رأس قائمة المواد التي تم تعليق استيرادها، بالإضافة إلى الأجهزة الكهربائية، والألبسة بمختلف أنواعها، وبعض المواد الغذائية، كالاجبان والخضروات المستوردة، والعسل الطبيعي، وبعض أنواع اللحوم منها لحوم السمك، والتوابل وغيرها من المواد، ولكن الكثيرين يعتبرون أن القرار لم يكن مدروساً بالشكل الكافي، فالقرار لم يكن متكاملاً وجاء متسرعاً، على الرغم من أهميته النسبية لبعض جوانب الاقتصاد السوري..
لم تغب الحكومة طويلاً، لتطل بعد ثلاثة أيام من قرارها بتعميم جديد استثنت بموجبه 51 مادة يحتاجها المواطن ولا تنتجها الصناعة المحلية، وتزيد رسومها عن 5 %، كالخلائط الحديدية، والذبائح الكاملة وأنصاف الذبائح، كما شمل القرار كل من جوز الهند وجوز البرازيل، ، تين، أناناس وأفوكادو (كمثرى أميركي)، وتم استثناء جوز الكاشو الطازج، وغيرها من المواد، ولكن هناك الكثير من المواد التي ليس من الضروري استثناؤها، وهذا هو نتيجة واحدة للتسرع في اتخاذ القرار..
القرار من اللحظة الأولى ترك تبعاته السلبية على المواطن السوري، من خلال ارتفاع أسعار أغلب السلع التي شملها القرار بنسب ليست بالقليلة، وهذا يطرح تساؤلاً عن مدى «حتمية» ارتفاع الأسعار مجدداً التي سيتحملها المواطن دون سواه، وهل هذه الارتفاعات كانت أمراً محتوماً بالأساس؟! خصوصاً وأن الارتفاعات في أسعار المواد التي شملها القرار قد بدأت، وهي تصل إلى 100% أحياناً لبعضها..
لا شك أن للقرار انعكاساته الإيجابية على الصناعة السورية إذا ما أحسن استغلاله، فالكثير من معامل النسيج والألبسة قد توقفت بسبب منافسة المنتج المستورد المعفي من الرسوم الجمركية، كما أدى الاستيراد أيضاً إلى ضرب صناعة الأخشاب والمفروشات لدينا بسبب منافسة الدول المجاورة، وهذا عنى أن القرار الحالي هو فرصة استثنائية لنهوض الصناعة الوطنية، واستعادت سوقها الداخلية في ظل غياب منافسة المنتجات المستوردة المعفية من الرسوم الجمركية..
ومخاوف البعض تتعاظم من عودة النشاط إلى حركة التهريب التي لم تتوقف يوماً، خصوصاً وأن القرار يشمل مواد ومعدات كهربائية ومواد أخرى كانت على رأس قائمة المهربات إلى سورية، هو أمر مشروع دون شك، وهذا لا يمكن التنبؤ به سلفاً بالشكل الدقيق، إلا أن المعطيات تشير إلى احتمالات جدية تضاعف التهريب عبر الحدود..