«تصريف سريع».. لأرز حكومي منتهي الصلاحية!
تم استيراد عدة آلاف أطنان من مادتي السكر والرز لمصلحة المؤسسة العامة الاستهلاكية، عبر الخط الائتماني الإيراني، لتصل المواد إلى سورية، وتستلمها المؤسسة العامة للتجارة الخارجية، وليتبين أن المواد ذات مدة صلاحية محدودة وتحديداً الأرز.
فماذا كانت ردة الفعل الحكومة في التعامل مع استيراد مواد غذائية رئيسية متدنية النوعية، وتشارف صلاحيتها على الانتهاء؟!
أرسلت المؤسسة العامة الاستهلاكية بتاريخ 9-9-2015 إلى مديرياتها في المحافظات، توجيهاً ببيع كميات 1408 أطنان من الأرز، و5000 طن من السكر على وجه السرعة، والسعي للبيع بالمفرق عبر المنافذ، مع إمكانية بيع الأرز بالجملة للتجار وبسقوف عالية 10 أطنان! بعد أن كان التوجه في مرحلة وزارية سابقة خلال الأزمة هو منع بيع «الاستهلاكية» للمواد الغذائية بالجملة للتجار، ولكن تم تجاوزه لاحقاً، وذريعة السماح هو تصريف المادة التي ستشارف صلاحيتها على الانتهاء في شهر 10-2015!. حيث يذكر كتاب المؤسسة لمديرياتها بأنه «نظراً لتدني نوعيتها، بسبب تعقيمها لمرات عديدة.. وخشية تعرضها للتلف في حال عدم بيعها بالسرعة المطلوبة، وبالتالي تعريض المؤسسة لخسارة فادحة» فقد تم التوجه نحو بيع مادة الرز المذكورة الواردة بسعر جملة 110 ل.س، وبسعر 125 ل.س بمنافذ بيع المفرق.
إسناد حكومي..
المؤسسة تستند في ذلك إلى توصية اللجنة الاقتصادية في جلستها بتاريخ 24-8-2015، وموافقة رئاسة مجلس الوزراء في كتاب له بتاريخ 30-8-2015، وقرارات لمجلس الوزراء سابقة تترك للمؤسسة أن تتصرف سريعاً بما يضمن حقوقها، وبالقرارات التي تراها مناسبة في مثل هذه الحالات.
تصل المفارقات الحكومية اليوم إلى حدود غير مسبوقة، فعلناً تصبح عملية استيراد مواد غذائية رئيسية منتهية الصلاحية، مسألة لا تتطلب أي إجراء، سوى إجراء تجاري، بالإسراع بتصريف المواد! دون أي مساءلة عن مسؤولية الجهات التي تم الاستيراد لمصلحتها كالاستهلاكية، أو عبرها كالتجارة الخارجية، أو إذا ما تم الاستيراد عبر تجار وفق الخط الائتماني الإيراني فمن المسؤول عن هذه العقود؟..
ثم تلجأ القرارات الحكومية إلى تصريف المادة للسوق المحلية، كأنها تسعى «للبراءة» من وجود مادة هامة مثل الأرز بصلاحية منتهية، وكأنها غير مسؤولة عن نوعية المواد في السوق!.
التجار.. «رمية من غير رامٍ»
يضاف إلى ذلك أن عمليات الاستيراد الفاسدة التي أدت لوصول مواد شبه منتهية الصلاحية، ستنتهي إلى منافع وصفقات للتجار، الذين أتيحت لهم عملية شراء أرز بسعر 110 ل.س للكغ، يباع في السوق اليوم بسعر أقله 250 ل.س للكغ، أي بربح 127% بالحد الأدنى.
كما أتاح أن يتم رفع سقف بيع الجملة من المؤسسة العامة الاستهلاكية للتجار إلى 10 أطنان من المواد المختلفة! فما الذي يعنيه وجود المؤسسة الاستهلاكية، إن كانت ستستورد مواد تباع للتجار بسعر الجملة، ليبيعوها بالسوق بأسعارهم المتكيفة مع مستويات الأرباح المطلوبة، والمتاحة من جيوب مستهلكي الأرز والأسر الباحثة عن «صفقات» رابحة لتنال غذاءها اليومي!
وما الذي تعنيه مهمة حماية المستهلك إن كانت الحكومة من مجلس وزرائها إلى لجنتها الاقتصادية، إلى وزارة تجارتها الداخلية، متفقة على شرعية الإسراع في التخلص من مواد منتهية الصلاحية بتسريع إيصالها للمستهلكين؟!