النقل الضروري في 2015.. يستهلك الحد الأدنى للأجور!
تحتاج الأسرة السورية اليوم لتأمين متطلبات المعيشة الأساسية مبلغاً قدرة 130ألف ل.س موزعة على الغذاء والسكن والصحة والنقل وغيرها، وذلك وفق تقديرات وأرقام المكتب المركزي للإحصاء حيث تضاعفت أسعار السلع والخدمات المكونة لسلة الاستهلاك التي تحتاجها الأسرة السورية بمعدل 430% عن عام2010 ، عندما كان التقدير الرسمي يرى بأن 30 ألف ل.س كانت تكفي لتغطية حاجات أساسية لأسرة من خمسة أشخاص، وكان الأجر الأدنى 6010 ل.س والوسطي بين10-11 ألف ل.س فقط.
سامر سلامة
يعتبر النقل من الحاجات الرئيسية للأسرة، ومن مكونات تكاليف المعيشة الرئيسية، فهو قاعدة يومية من قواعد الإنفاق اليومي، بعد الغذاء الضرروي، والمشروبات والذي كان يقدر بـ 12600 ليرة عام 2010 لأسرة من 5 أشخاص انتقلت إلى 50 ألف ليرة اليوم بالحدود الدنيا لـ 5 أشخاص اليوم.
النقل 7% و 9000 ليرة!
فما مقدار تغير تكاليف النقل، الذي كانت تقدره الأرقام الرسمية بأنه يأخذ نسبة 3% فقط من نفقات الأسرة الشهرية، ورفعت النسبة إلى 7% أي أنه يبلغ اليوم وفق تقديرات الحكومة 9100 ليرة من أصل 130 ألف ليرة تحتاجها الأسرة شهرياً ؟!
فهل هذه الكلفة، والنسبة منطقية؟! أم هي قائمة على تقدير تكاليف النقل بحالتها التقشفية وفق الضرورات القصوى..لتقدير تكاليف النقل لأسرة سورية مكونة من خمسة أفراد (وسطي عدد أفراد الأسرة السورية) سنفترض أنها تسكن في مدينة دمشق، وتنتقل على مدى 22يوم عمل بإستثناء أيام العطل الرسمية.
دمشق أكثر من 10000 ليرة
للذهاب للعمل!
على افتراض أن الأسرة المكونة من 5 أفراد يتنقل يومياً 3 أفراد منها فقط لغرض العمل، الدراسة، تأمين الاحتياجات الضرورية، وسنعتبر أنها تسكن في مناطق (المزة- باب توما- المهاجرين- برزة) أي داخل المدينة، وبالتالي سيضطر العامل أو طالب الجامعة لاستخدام وسيلتي نقل للوصول إلى مكان العمل أو الجامعة، حيث وسطي أجرة التنقل ضمن دمشق بوسائل النقل الجماعي 35ل.س، وبالتالي ينفق الفرد شهرياً على التنقل بالحد الأدنى وباستخدام وسائل النقل الجماعي ذهاباً وإياباً ضمن مدينة دمشق شهرياً: 140×22= 3080 ل.س.
وتنفق الأسرة المكونة من خمسة أشخاص يتحرك منها 3أشخاص فقط يومياً ضمن دمشق، على التنقل مبلغا قدرة9240 ل.س بالحد الأدنى.
ويجب أن نضيف تكاليف (تكسي) الطوارئ، لنفترض اضطرار كل من أفراد الأسرة المتنقلين في ظل الازدحام الشديد وقلة وسائل المواصلات الجماعية لاستخدم وسيلة نقل خاصة (تكسي) مرة شهرياً، حيث يبلغ وسطي أجرة وسائل النقل الخاصة ضمن دمشق 500 ل.س، فإن تكلفة التنقل يضاف لها 1500 ل.س، وتصبح بالإجمال لضرورات العمل فقط في دمشق: 9240 +1500= 10740 ل.س.
وهذه الـ 10 آلاف تشكل 40% من وسطي الأجر الذي ارتفع اليوم إلى 26500 ليرة، إذا كان للأسرة معيل واحد كما قبل الأزمة، و 8% من مجمل نفقات الأسرة بالتقدير الرسمي: 130 ألف ل.س! و عليه نستطيع أن نقول بأن النسبة الحكومية 7% للنقل محسوبة وفق حاجات النقل الضروري دون طوارئ إطلاقاً، لأسرة من خمسة أشخاص ينتقل منها 3 فقط داخل مدينة دمشق، وليس من ريفها إليها!.
ضاحية- جديدة- صحنايا إلى دمشق
أما الانتقال من ضواحي وأرياف دمشق، مثل ضاحية قدسيا، وجديدة عرطوز، وصحنايا فإننا نتحدث عن مضاعفة تكلفة السرفيس من 35 إلى 60-75 ل.س، فإن تكلفة الذهاب والإياب للعمل لثلاثة أشخاص تفوق 11880 ل.س، بينما تبلغ تكلفة تكسي الطوارئ 300 ليرة، على اعتبار أن سكان الضواحي يتشاركون في ركوب التكسي، التي تبلغ تكلفة ذهابها 1000 ليرة بالحد الأدنى، لترتفع تكلفة النقل على الأسرة مع 3 حالات طوارئ شهرياً إلى 12780 ل.س.
وهذه الـ 12780 ليرة تشكل نسبة 48% تقريباً من وسطي الأجور، و9% من مجمل نفقات الأسرة بالتقدير الرسمي البالغ: 130 ألف ل.س.
اللاذقية نموذجاً..
ثمن العيش في الريف!
لتقدير تكاليف النقل في باقي المحافظات السورية سنحسب تكاليف النقل التي تتحملها الأسرة شهريا في محافظة اللاذقية على سبيل المثال:
على افتراض عائلة مكونة من 5 أفراد يتنقل 3 أفراد فقط، أب يعمل داخل مدينة اللاذقية، ابن يدرس في جامعة تشرين، والثاني في المدرسة، وتسكن العائلة في إحدى مدن المحافظة (جبلة–القرداحة) أو في ريف اللاذقية.
تكاليف نقل الموظف إلى مكان عمله والطالب إلى جامعة تشرين الذي يستقل سرفيسين يوميا بأجرة إجمالية 150ل.س، خلال 22 يوم عمل ذهاباً وإياباً 300×22×2 من أفراد العائلة =13200 ل.س.
بينما تكلفة نقل طالب المدرسة من الريف إلى المدينة بوسطي أجور النقل 50 ل.س=100 ×22= 2200 ل.س.
يضاف 600 ل.س تكاليف استخدام الأسرة تكسي مرتين شهرياً، حيث وسطي أجرة التكسي ضمن اللاذقية 300 ل.س.
وبناء عليه فإن الأسرة المكونة من خمسة أشخاص يتحرك منها 3أشخاص فقط يومياً من ريف اللاذقية إلى المدينة تنفق على التنقل مبلغا قدره 16000 ل.س بالحد الأدنى.
وقد تتضاعف هذه التكلفة في الريف البعيد عن طرق النقل من الريف إلى المدينة، حيث قد يحتاج القاطن في الريف إلى قطع مسافة 3 كم على سبيل المثال للوصول إلى نقطة لقاء السرفيس، وبتكلفة يومية 200 ل.س أو أكثر.
وهذه الـ 16 ألف ليرة، تشكل 60% من وسطي الأجر الذي ارتفع اليوم إلى 26500 ليرة، إذا كان للأسرة معيل واحد كما قبل الأزمة، و 12% من مجمل نفقات الأسرة بالتقدير الرسمي: 130 ألف ل.س!
ماذا لو انتقل أحد أفراد الأسرة بين المحافظات؟!
تكاليف الانتقال من اللاذقية إلى دمشق ارتفعت من 150 ل.س للشخص، إلى 1500 ليرة وسطياً، أي عشرة أضعاف. وإذا ما كان شخص من الأسرة ينتقل شهرياً ذهاباً وإياباً بين دمشق واللاذقية، فإن تكاليف النقل ترتفع 3000 ل.س، وتصبح لأسرة دمشق: 13740 ل.س، ولأسرة ريف دمشق: 15780 ليرة، ولأسرة اللاذقية: 19000 ل.س.
وهي تشكل نسب تتراوح بين 10%- 14%، بتقديرات واقعية للنقل، وليس وفق التقديرات التقشفية التي تجعل النسبة 7% فقط.
5 سنوات من الحرب.. النقل أكثر من 17 ضعف!
الأرقام الرسمية كانت تعتبر أن الأسرة السورية لا تنفق على النقل إلا ما نسبته 3% فقط في عام2009 من إجمالي إنفاقها البالغ 30 ألف ل.س وسطياً أي حوالي 900 ل.س، وهذا الرقم يعتبر تكلفة الحد الأدنى حتى في ذلك الحين، فبمقارنته مع تكلفة النقل بالحد الادنى المحسوبة أعلاه، فإن التكلفة للانتقال للعمل والجامعات فقط وداخل المدينة تبلغ أكثر من 9000 ليرة سورية، بينما مع الحسابات المنطقية الموسعة للنقل، فإنها قد تبلغ 16000 ل.س لأسرة من خمسة أشخاص، وبالتالي فإن تكاليف النقل ارتفعت 17 ضعفاً تقريباً.
وبناء على التغيرات الكبرى في النقل، فإن المكتب المركزي للإحصاء نقل تكلفة النقل من 3% إلى 7% من إجمالي إنفاق الأسرة السورية في عام 2015، ووفق تقديره لحجم الإنفاق الإجمالي البالغ قرابة 130 ألف ل.س فإن نقل الأسرة يبلغ 9000 ل.س فقط، بينما الرقم المنطقي يزيد على 12 ألف ل.س، وهو ما يقارب نسبة 10% تقريباً إذا ما اعتبرنا أن الأسرة يكفيها إنفاق 130 ألف ل.س في الشهر.