صفعة فرنسية ناعمة على الخد الأيمن..
نقلت صحيفة محلية خبراً بتاريخ 10/11/2015، عن قيام وفد تجاري فرنسي بالتقاء رئيس غرفة تجارة دمشق وأعضاء فيها، ناقشوا فيه (توقيع اتفاق لتأسيس غرفة سورية فرنسية مشتركة مستقلة لتسهيل التبادل التجاري بين المنشآت السورية والمنشآت الفرنسية ما يساعد على تنشيط الحركة التجارية بين البلدين)، وفقاً للصحيفة.
اللافت في هذا اللقاء أنه يجيء في مرحلة متقدمة من عمر الأزمة السورية بدأ يتم الحديث فيها عن احتمال لحلول سياسية، كما أن الواضح في هذا اللقاء أنه تم بين جهات قطاع خاص من الطرفين.
ووفقاً للصحيفة فقد أكد الطرف السوري على رفض أية ضغوط على سورية والتأكيد على وحدة التراب السوري وأن (سورية لكل السوريين على اختلاف انتمائهم العرقي والديني والمذهبي..).
حيث بدت تأكيدات الطرف السوري تلك على أنها إشارة من غرفة تجارة دمشق لبراءة القطاع الخاص من أي علاقات مشبوهة ذات أبعاد سياسية، واقتصار الأمور على مناقشة الأبعاد الاقتصادية لاحتمال المشاريع المشتركة تحت سقف (السيادة الوطنية) التي عبر عنها الطرف السوري بتأكيداته السابقة!.
لا يبدو أن مفهوم السيادة الوطنية لأحد أبرز رموز القطاع الخاص التجاري السوري، إلا تكراراً لمفهوم السيادة الوطنية التي درج على تردادها الخطاب الرسمي، فمفهوم السيادة الوطنية مقتصر على الجانب السياسي، أما جوانبه الاقتصادية الفعلية، فهي (مخترقة) وخاضعة لبازار المصالح حتى لو كانت مع القطاع الخاص الفرنسي، والذي أثبت مثل غيره التزامه مصالح دولته المشاركة في سفك الدم السوري والحصار الاقتصادي الغربي لبلدنا، فما الذي جد على القطاع الفرنسي الخاص من مواقف حتى «ندير له خدنا الأيمن»!
قبل الأزمة فاوضنا الاتحاد الأوربي على الشراكة معه، إلى أن مسّ سيادتنا الوطنية بإملاءاته، ثم سرعان ما عدنا لفتح الخطوط مع الغرب وفي ظل الأزمة، فاستوردت الحكومة القمح من فرنسا بحجة استبداله بودائعنا المجمدة هناك، في صفقة خسرنا فيها مليارات الليرات نتيحة فرق الأسعار الدولية بين القمح الفرنسي وأسعار دول أخرى. كما سبق وأن حاولت جهات من سيدات الأعمال في سورية إعادة تلميع دور الاتحاد الأوروبي في المجال الاقتصادي المتعلق بإعادة الإعمار وتم استقبالهم بحفاوة على الأراضي السورية المحاصرة من الاتحاد الأوروبي.
أما اليوم فيعاد طرق البوابات الاقتصادية من باب القطاع الخاص الفرنسي، وكأنا نسينا الدماء التي نزفت جوعاً من السوريين في ظل الحصار الغربي المستمر حتى ساعة اللقاء. فأين كان هؤلاء عندما كنا في عز الأزمة؟ وهل فعلاً لم يرضخوا لقرارات حكومتهم؟ وهل علينا فتح الباب لهم من جديد، أم استبدالهم بجهات أكثر موثوقية؟ وهل ستظل شماعة السيادة الوطنية، التي لم تشمل وفق مفاهيم الرسميين ومن بحكمهم، الحفاظ على لقمة عيش فقراء سورية، مدخلاً لفتح علاقات تجارية لم يستفد منها إلا حفنة من أصحاب المال؟!