عبّاد شمس: خطط خُلّبية.. أم نهب!

عبّاد شمس: خطط خُلّبية.. أم نهب!

منذ الستينيات بدأت منظومة التكامل الزراعي- الصناعي في سورية تأخذ معالمها في زراعات كبرى ومفصلية، وتوسعت هذه السياسة الاقتصادية، في الثمانينات مع دعم المحاصيل الاستراتيجية، وتصنيعها، وتوزيع مدعوم لمنتجاتها، بردٍّ سوري على العقوبات الاقتصادية في تلك المرحلة.

في أزمتنا الكبرى حالياً، تكمل الليبرالية السورية على الحلقات الزراعية- الصناعية- التوزيعية، التي أدارها جهاز الدولة والسوريون خلال العقود الماضية.
في إنتاج الشوندر كأحد المحاصيل الاستراتيجية والزراعات الصناعية، زادت سورية إنتاجها من 416 ألف طن، إلى 1,2 مليون طن، بمقدار 788 ألف طن بعد عام 1985 وحتى 2003، أما خلال أعوام الأزمة الأربعة فقد أنتجنا 2% مما أنتجناه في عام 2011 من الشوندر السكري، وصنعنا حتى الآن أقل من 1 % مما صنعناه من السكر في 2010.
يبرر البعض بأن الحرب أخرجت مساحات واسعة من زراعة الشوندر، وساهمت في زيادة كلفه، وفي تدمير المعامل، إلا أن الحرب التي لها الدور الأكبر في التراجع، هي بالنسبة للبعض الفرصة السانحة، لانفلات عمليات السمسرة والاستثمار في بقايا هذه الحلقة الإنتاجية المتكاملة، والتي كانت تبدأ بزراعة مدعومة للشوندر وتسويق مضمون للمعامل، وتستكمل بتصنيع للسكر وللخميرة والميلاس والكحول والمنتجات العلفية من بقايا المحصول في معامل المؤسسة العامة للسكر، وتنتهي بتوزيع السكر بكميات ثابتة وأسعار منخفضة لكل السوريين.
خلال أربعة أعوام من الأزمة تراجع إنتاج الشوندر بنسبة 98%، والسكر بنسبة 99%، فهل الحرب تتحمل المسؤولية كلها؟، بالطبع لا، فهي لا تفسر استمرار سياسة رفع أسعار الأسمدة، مع أن معملها متخم من الإنتاج الفائض، أو ترك الأدوية والمبيدات لاحتكار السوق، عوضاً عن استرجاع عملية توزيعها مدعومة كما كانت قبل 2010. كما أن العقوبات لا تبرر تحرير أسعار الوقود، أو عدم توزيعه مدعوماً للمزارعين، تحديداً عندما يصبح  قطاع المحروقات الحكومي رابحاً على حساب السوريين! كما أن الإرهاب ليس السبب في التوسع الكبير في عمليات النهب من مخصصات الإنفاق على المؤسسة العامة للسكر، سواء من عمليات استيراد بأسعار أعلى من الأسعار العالمية بنسبة مرتفعة للسكر الخام والخميرة، أو من عمليات الإنفاق على تجديد وصيانة الآلات، بشهادة وزير الصناعة.
خطة زراعة الشوندر لم ينفذ منها في هذا العام إلا نسبة تقل عن 7%، كما أن خطة تصنيع السكر في معامل المؤسسة لم ينفذ منها إلا 2%، فأين ذهبت مخصصات الموازنة للإنفاق على هذه الخطط؟! وهل تنطبق هذه النسب من عدم الإنجاز على القطاعات كلها، وبالتالي على أموال الموازنة كلها؟! 
نستطيع أن نخمن أنه إما أن الخطط خلبية أو أن الأموال المخصصة وغير المنفذة منهوبة بجزئها الأكبر، أما ما نستطيع أن نجزم به، أن استيراد حاجات السوريين من السكر كبديل عن الإنتاج المحلي، يحقق أرباحاً هائلة للتاجر، ومن يسهل هذا الاحتكار التجاري له ينال نسباً هامة أيضاً، ومن يسعى للاستثمار في معامل الدولة المعطلة، ينتظر أرباحاً كبرى كذلك الأمر..

آخر تعديل على الأحد, 05 تموز/يوليو 2015 13:37