عقلنة الدعم وأمل إبليس في الجنة!!

عقلنة الدعم وأمل إبليس في الجنة!!

قدّم النقابيّ حسام منصور رئيس نقابة عمال المصارف والتأمين والتجارة مداخلة اقتصادية هامة، في المؤتمر السنوي لاتحاد عمال دمشق، انتقد فيها السياسات الحكومية السابقة التي أدخلت البلاد في الأزمة، والسياسات الحالية التي تسير في الاتجاه نفسه،  وفق رأي منصور، ومع استمرار تغطيتها لأهم نقاشات وتقارير النقابات الاقتصادية، تنشر قاسيون أهم ما جاء في المداخلة.

بدأ منصور حديثه حول العلاقة بين النقابات والحكومة قائلاً: «إن من البديهي أن نكون نحن والحكومة في خندق واحد في مواجهة أيّ خطر على الوطن، أو أيّ تهديدٍ للسيادة الوطنيّة، وهذه البديهيّة بحد ذاتها علمتنا أن ننتقد الأداء الحكومي ونواجهها عند محاولتها النيل من المكتسبات التي حققناها على مدار سنوات بقوة وهمّة عمالنا وتنظيمنا النقابي، وخاصة تلك السياسات التي لعبت دوراً في انفجار الأزمة التي ندخل عامها الخامس، مع تدخّل أكثر من 80 دولة في الحرب علينا، مستفيدون من كل الثغرات التي أحدثتها الحكومات المتعاقبة، وخاصة القاضية بفرض النموذج الليبرالي المشوه والفاسد في البلاد، على حساب الغالبية الساحقة من المواطنين السوريين المتضررين، وعبر تنفيذ السياسة الثابتة في رفع الدعم وتحرير الأسعار ومحاولات تحويل جزء من شركاتنا ومعاملنا للخصخصة، وكف يد الدولة عن دورها الاجتماعي تنفيذاً لإملاءات الصناديق والمؤسسات الدولية (صندوق النقد والبنك الدوليين) التي أثبتت فشلها وانعكاساتها الخطيرة في كل بلد طُبقت فيه».

ورجوعاً بالذاكرة قال منصور: «في أيلول 2007 بدأت الحكومة عبر تصريحاتها الرسميّة تؤكد، أن مقترحات إعادة توزيع الدعم لن تكون موضع التطبيق خلال الأيام أو الأسابيع القادمة، يبدو هذا التأجيل مع الارتفاعات السابقة والمستمرة منذ ذلك الحين لأسعار مواد الدعم، كان قدراً لابد منه مع بداية 2015 أيّ بعد ثمانِ سنوات من الهجوم على الدعم، من هنا فإن المعركة من أجل إبقاء الدعم والحفاظ على المكتسبات الاجتماعية يجب أن تستمر بمقابل ذلك».

عن تجاهل زيادة موارد الخزينة!

وانتقد منصور الأداء الحكوميّ بالقول:«إن الحكومة الحالية ما تزال بكل أسف، تستسهل الحلول للأزمات الاقتصادية–الاجتماعية التي تكون من صلب العمل النقابي، مع معرفتنا المسبقة بحجم المؤامرة الكونيّة التي تتعرض لها سورية قديماً وحديثاً عبر التاريخ، وما تزال تتغافل وتشيح ببصرها عن كل الاقتراحات المقدمة لها، المتعلقة بالمطارح المناسبة لتأمين موارد إضافية للخزينة، فهي لم تقم بأيّة إجراءات حقيقية لمكافحة التهرب الضريبي، كما لم توجه حرابها للفاسدين الكبار، الذين هرّبوا أموالهم للخارج، بالشكل المطلوب منها بالضرب بيد من حديد، بالإضافة لذلك، فإن من الهام أخذ الحيطة والحذر من تعليمات ووصفات صندوق النقد والبنك الدوليين، وخاصة في قضيّة إعادة الإعمار، والإقراض، وهي التي نيّاتها لم تكن سليمةً في يومٍ من الأيام اتجاه شعوبنا».

من (إعادة) توزيع الدعم إلى (عقلنته)؟!

وأردف منصور «إن السياسات الاقتصادية المجحفة بحق المواطنين بشكل عام، والعامل الكادح والمكافح على وجه الخصوص، أدت لفوضى عارمة في الأسواق، وتردٍ شديد في مستوى الخدمات العامة من سكن وكهرباء ونقل وتعليم وصحة، وإنتاج ملايين الشبان والشابات العاطلين عن العمل، ومنهم خريجو جامعات، بلا عمل وبلا أفق للحياة بالحد الأدنى وغيرها، بسبب الأوضاع الأمنيّة الصعبة والتهديدات والقذائف اليومية من العصابات الإرهابيّة التي زادت من النزوح والهجرة، وإلى ارتفاعات غير مسبوقة في أسعار العقارات والأراضي والمواد والسلع الأساسية. نعم هكذا كان الحال قبل نفاذ خطة الحكومة لـ«إعادة توزيع الدعم»، فكيف سيكون الحال إذا ما نجحت في «عقلنة الدعم؟» مع ضبابيته».

مجتمع المخاطر!

وأشار منصور أن المواطن السوري شهد ذوبان دخله المتواضع (ونحن هنا بصدد أصحاب الدخل المحدود).. أمام هذا الارتفاع الجنونيّ في أسعار المواد الحياتيّة والخدمات الضروريّة، لا توجد إجابة مقنعة، وإن وجدت، فهو يراها عاجزة ليس فقط عن التفسير، وإنما عن إعطائه الأمل في غدٍ يستطيع فيه أن يوائم ما بين دخله المتواضع، وهذا الجشع غير المبرر الذي يجده في السوق، وإذا كان هذا هو حال أصحاب الدخل المحدود، فما هو حال من لا دخل له؟!».

وبيّن أنه ومن «خلال نظرة إلى ما يحيط بسورية من مخاطر وما نجده من تكالب القوى الإقليمية والدولية، عدنا نكتشف نتائج السياسات الاقتصادية التي تم انتهاجها من الحكومات ما قبل الأزمة، ولعل هذا ما يفسر ما سبق أن طرحناه قبل الأحداث بسنوات أن سياسات الاقتصاد المفتوح واقتصاد السوق ستؤديان إلى ما سميناه (مجتمع المخاطر) فأيّة مخاطر أشد وأمضى مما نشهده اليوم؟!». 

وختم منصور مداخلته بتقديم مجموعة مقترحات وحلول، منوهاً أن الحل الذي نراه مناسباً، هو التأكيد على استقلال القرار الاقتصاديّ الداعم للقرار السياسي، وهنا لابد من الإشارة إلى إعادة الأموال التي تم تهريبها إلى الخارج وإلى أموال المغتربين، وإلى القروض التي نهبت بوضح النهار وبالقانون، ومازال أصحابها يسرحون ويمرحون دون حسيب أو رقيب.