نحو تصريح حكومي دقيق 159,5 حصيلة الرفع.. وليس 121,5 مليار!

صرح رئيس مجلس الوزراء بتاريخ 1-2-2015  بأن ما ستحصله الحكومة من الرفع الأخير لأسعار المازوت، والغاز والخبز، سيحقق 121,5 مليار ل.س، معلناً بأن الحكومة أعادت هذا المبلغ المحصل للسوريين، وذلك بتوزيع التعويض البالغ 115 مليار ل.س، بمبلغ 4000ل.س لكل موظف حكومي، وبإعطاء ما تبقى أي 6,5 مليار لزيادة رواتب المجندين. أي أن الحكومة تريد أن تقول بأن سياسة (عقلنة الدعم) تتمثل بهذه الحالة المذكورة، وهي قائمة ببساطة على فكرة أن الحكومة ستعيد توزيع ما حصلته من رفع الأسعار.

ولكن هل هذا الرقم دقيق، وهل الحكومي تمارس عقلنتها فعلاً؟.. ينبغي التدقيق.
كيف نحدد ما الذي حصلته الحكومة؟
ما ستحصله الحكومة خلال عام قادم، هو الفارق بين ما حصلته في عام 2014 من مبيعات هذه المواد التي ارتفعت أسعارها، وبين ما ستحصله في العام القادم إذا باعت الكميات ذاتها، بالأسعار الجديدة المرتفعة.
ونستطيع بناء على وسطي أسعار بيعها للمازوت والغاز والخبز في العام الماضي 2014، وبناء على نسب ارتفاع الأسعار أن نعطي رقماً أولياً أدق من الرقم الحكومي:
109 مليار ل.س قادمة للمازوت
المازوت بيع في 2014 بسعر وسطي: 63 ل.س/ ليتر- وبمقدار إجمالي: 111 مليار ل.س.
بينما إذا ما باعت الحكومة في 2015 مقدار (1,7 مليار ليتر)، مساو لكميات 2014، فإنها ستحصل مقابلها في العام القادم على: 220 مليار ليرة- بعد رفع سعر الليتر إلى 125 ل.س- أي المبلغ الإضافي الناتج عن رفع أسعار المازوت في العام القادم سيكون: 109 مليار ل.س.
17,2 مليار ل.س قادمة للغاز
أما الغاز فقد باعت الحكومة في 2014 بسعر وسطي لاسطوانة الغاز المنزلي 12 كغ: 1000 ل.س- وبمقدار إجمالي: 34,5 مليار ل.س.
وكانت الكمية المباعة في 2014 (34,5 مليون اسطوانة) ستحصل مقابلها في العام القادم على: 51.7 مليار ل.س- بعد رفع سعر اسطوانة الغاز المنزلي إلى 1500 ل.س- أي أن المبلغ الإضافي الناتج عن رفع أسعار الغاز في العام القادم سيكون: 17.2 مليار ل.س.
4,3 مليار ل.س للخبز
أما الخبز فقد باعت الحكومة السوريين خبزاً  في 2014 بمقدار 2,12 مليار ل.س - وفق تصريح رئيس لجنة المخابز الاحتياطية زياد هزاع في الشهر الأول من عام 2015. وكانت الكمية المباعة 205 آلاف طن، ستحصل مقابلها الحكومةـ إذا ما ثبتت الكميات في العام القادم- بعد رفع أسعار الخبز بمقدار 10 ل.س لربطة الخبز، وارتفاع سعر كغ الخبز إلى 21 ل.س بدون عبوة، أي أن المبلغ الإضافي الناتج عن رفع أسعار الخبز في العام القادم سيكون: 4,3 مليار ل.س.
وبهذا يكون المبلغ الفعلي الذي ستحصله الحكومة من رفع أسعار المازوت والغاز والخبز هو 130,5 مليار ل.س.
إذن وفق مبدأ (العقلنة) المذكور، يجب أن تجد الحكومة طريقة لإعادة مبلغ 130,5 مليار ل.س وليس 121,5 مليار ل.س للمواطنين الذين سحب منهم هذا المبلغ.
ماذا عن المواد الأخرى؟!
التصريح الحكومي قدر ما ستحصله الحكومة من رفع أسعار ثلاثة مواد فقط، إلا أن معطيات وقرارات العام الماضي 2014، تشير إلى ارتفاع مواد أخرى مثل البنزين، والفيول، والسكر والأرز، وسنأخذ تقديرات البنزين والفيول فقط لنضيفها إلى المبالغ التي يجب أن تجد طريقها للتعويض.
15 مليار ل.س قادمة للفيول
الفيول بيع في 2014 بسعر وسطي: 51000 ألف  ل.س/طن* - وبمقدار إجمالي: 70 مليار ل.س.
بينما باعت الحكومة مقدار (1 مليون طن) ستحصل مقابلها في العام القادم على: 85 مليار ل.س - بعد رفع سعر الطن إلى 85 ألف ل.س- أي المبلغ الإضافي الناتج عن رفع أسعار الفيول في العام القادم سيكون: 15 مليار ل.س.
*تنويه: تم خطأً تقدير وسطي سعر بيع طن الفيول بمقدار 63000 ل.س، وذلك في مادة قاسيون بعنوان: (مازوت ـ بنزين ـ غاز ـ فيول: أرباح العام القادم!- الصادرة في العدد 692 بتاريخ 8-2-2014)، والرقم الأدق هو 51000 ل.س/طن.
14 مليار ل.س قادمة للبنزين
البنزين بيع في 2014 بسعر وسطي: 118 ل.س/ليتر - وبمقدار إجمالي: 142 مليار ل.س.
بينما باعت الحكومة مقدار (1.2 مليار ليتر) ستحصل مقابلها في العام القادم على: 156 مليار ليرة- بعد رفع سعر الليتر إلى 130 ل.س- أي أن المبلغ الإضافي الناتج عن رفع أسعار البنزين في العام القادم سيكون: 14 مليار ل.س.
159.5 مليار وليس 121,5 مليار ل.س!
وبناء عليه كان على رئيس الوزراء أن يقول، بأننا سنحصل في العام القادم مبالغ إضافية من رفع أسعار الخبز، والغاز، والمازوت، والفيول ، والبنزين، ستبلغ 159,5 مليار ل.س، عوضنا منها جزءاً من المواطنين فقط بمقدار 115 مليار ل.س لا تعتبر كافية، والباقي لم يجد طريقه، وربما لن يجد.. وهكذا يكون التصريح دقيقاً ومسؤولاً وصريحاً.
أما الأدق، وفق تعريف (عقلنة الدعم) الحكومي، هو أن يعاد توزيع كامل مبلغ الدعم المخصص لقطاع المحروقات على الأقل، والبالغ 388 مليار ل.س في موازنة 2015، نظراً لكون المحروقات ستتحول إلى قطاع رابح، وغير مدعوم حتماً.
(العقلنة) مقولات للتستر!
قد يبدو التوقف والتدقيق، في التصريح الحكومي شكلياً، إلا أن الحكومة التي تمارس السياسات الليبرالية وفي مقدمتها رفع الدعم بتسارع مضطرد، وبلا رادع، تحاول التستر وراء مقولات وعناوين، مثل عقلنة الدعم وإعادة توزيعه، وتوسيع الإنفاق الحكومي وإلخ.. و(أضعف الإيمان) في مواجهة هذا التستر المفضوح هو ملاحقته وإظهار تناقضاته، لتظهر الحقائق كما هي..
الحقيقة الواضحة أنه ثمّة من قرر في ظروف الأزمة والحرب والفقر الشامل تقريباً، أن يستكمل تقليص دور جهاز الدولة ونقل موارد المال العام، لأيدي القلة الكبرى الرابحة، وأن الكوارث الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن ذلك ليست في حسابات هؤلاء.