قراءة المستقبل.. من (نوايا) الحكومة!
في العام الماضي، وفي مثل هذا الوقت أي أثناء نقاش الموازنة في مجلس الشعب، أشرنا إلى ثلاثة جوانب من إيرادات الحكومة، تعبر عن قرار وموقف سياسي بالانحياز للأقوياء اقتصادياً بشكل منهجي وواضح، أي تراجع الإيرادات التي تحصلها الدولة منهم، مقابل توسع الإيرادات المحصّلة من السوريين المتبقيين كافة. وكانت هذه الجوانب الثلاثة هي: تراجع ضرائب الأرباح بشكل كبير مقابل ثبات في ضرائب الأجور والرواتب،
ثبات حصة الدولة من عقود الخدمة في شركات الاتصالات على الرغم من تحصيل الشركات إيرادات أعلى، ورفعها لأسعار الخدمات، والجانب الأخير هو الإيرادات من فروق أسعار بيع المحروقات التي كانت تعكس النية الواضحة برفع الأسعار خلال عام 2014. أي كانت الحكومة في موازنتها بعام 2014 قد أعلنت أنها لا نية لديها لتوسيع تحصيل الضرائب أو التشدد في مكافحة التهرب الضريبي لأصحاب الربح، وأنها متنازلة عن توسيع حصتها من قطاع الاتصالات الاحتكاري، وأنها تنوي منذ نهاية 2013 توسيع رفع أسعار المحروقات.
فهل صدقت (قراءتنا للمستقبل) من نوايا الحكومة في الموازنة؟! للأسف نعم.
الحكومة سعت جاهدة لتحقيق نواياها المعلنة، فلم تتم محاربة التهرب الضريبي بل تتالت المراسيم التي تسمح لمكلفي ضرائب الأرباح بتأجيل السداد وتعفيهم من الفوائد، ولم يتغير شيء في عقد شركات الاتصالات نحو توسيع حصة الحكومة بل حصل العكس حيث سعت الحكومة -دون أن تنجح لحسن الحظ- إلى ترخيص الشركات، أي زيادة خصخصتها، وتقليص حصة الدولة إلى حد بعيد. أما بشأن رفع أسعار المحروقات فإن الحكومة قد أنجزت المهمة على أكمل وجه!. وعلى الرغم من التأكد من النوايا فإننا لا نعلم بدقة حجم الإيرادات المحصلة لأن الحكومة لا تصدر قطع حسابات للموازنة منذ عام 2010، أي لا تعلم أو لا تعلن ما نفذته بالفعل من موازناتها منذ عام 2010.
هل نستطيع في هذا العام قراءة المستقبل من أرقام الحكومة في موازنة 2015، لنعرف ممن ستحصل الحكومة إيراداتها، وإلى أين تتجه السياسات؟!.
القراءة في المادة المعنونة بـ (موازنة 2015: لا نيّة للسحب من الربح المتراكم إلى الصالح العام!) تدل على استمرار وتصاعد النهج الليبرالي ذاته، عسى أن لا يدوم طويلاً!.