الموازنة بلا قطعها: إعلان (النوايا).. إخفاء (الأعمال)!
الموازنة هي التعبير عن سياسة الحكومة في تجميع الموارد، وإعادة توزيعها. أي أنها تعبير مباشر عن دور الدولة في إعادة توزيع الثروة المنتجة في البلاد، لتجيب أرقام الإيرادات عن سؤال: هل تحصّل الحكومة الموارد من الأقوياء اقتصادياً وتدعم بها مستويات معيشة ونوعية حياة الضعفاء، أم العكس؟ وتجيب جوانب الإنفاق عن سؤال على ماذا تنفق الحكومة جزء الموارد الذي تخصصه للعام المالي القادم، لدعم أصحاب الأجور والدخل المحدود، والإنتاج أم لا؟!
وتوضح أيضاً مدى نجاح الجهاز التنفيذي في إدارة المال العام، وبحيث يساهم في إنتاج ثروات وموارد جديدة، ويوزعها للمصلحة العامة من جهة، مقابل نجاحه في المحافظة على توازن الوضع المالي العام، وعدم الوقوع في العجز والدين والتضخم.
إلا أننا في الحالة السورية، وتحديداً في ظروف الحرب والأزمة الحالية، لا نملك إلا أن نستشف من أرقام الموازنة الاتجاهات العامة للسياسات الحكومية، ولكن التقييم الدقيق غير ممكن لأن الحكومة تعلن (نياتها) ولا تعلن (أفعالها).
فالحكومة خلال الأزمة لم تصدر قطعاً لموازنات أعوام الأزمة الثلاث السابقة، أي لم تعلن ما نفذته، فهل حصلت الموارد التي أعلنت نيتها تحصيلها، وهل أنفقت ما أعلنت نيتها إنفاقه.لذلك فإن تداول مشروع الموازنة لعام 2015 اليوم في مجلس الشعب، هو عملية شكلية أولاً لان المناقشات لم تغير يوماً من أرقام الموازنة، وثانياً لأن نقاش ما تنوي الحكومة إنفاقه لا يعني شيئاَ إذا لم يتم مناقشة ما أنفقته وحصلته في العام السابق.
إن إصدار الموازنة دون قطع الحسابات للعام السابق، هو تعبير جديد يضاف إلى قائمة الشهادات التي تدل على أن عمل الحكومة، خارج إطار التقييم والرقابة الاجتماعية والشعبية في ظروف الحرب.