(معرقلو) الإنتاج.. يربحون!
يزداد خلال الحرب تشوه العلاقات الإنتاجية التي تحكم عملية الإنتاج في البلاد بشكل كبير، مؤدياً إلى توقف تدريجي للإنتاج، وتدهور المنتجين والموارد.
ففي قطاع الطاقة عاماً بعد عام، خلال الحرب وقبلها يحصل التالي: تتضخم تكاليف إنتاج المشتقات النفطية، ويهدر المال العام وتتضخم فاتورة الدعم الحكومي، التي تكون نتيجتها تحصيل الفوارق من المستهلكين، ورفع المستوى العام للأسعار، الذي يؤدي بدوره إلى إعاقة الإنتاج في القطاعين الباقيين (الصناعة والزراعة)، ويدخل العديد من أسر محدودي الدخل في دائرة الفقر والبطالة. بالمقابل يسمح تراجع الإنتاج وسوء توزيعه والفوضى الناجمة عن رفع أسعاره بأرباح عالية للفساد والسوق السوداء وبالتالي توسع كل منهما.
كان بإمكان الحكومة أن تستفيد من فرصة تقديم إيران النفط الخام ضمن الخط الائتماني لتزيد دعم المحروقات وتخفض مستوى الأسعار وتحمي الليرة وتدعم الإنتاج، ما سيؤدي إلى إمكانية تسوية الديون الإيرانية لاحقاً بشكل أفضل. إلا أن الحكومة تحمل السوريين المنتجين التكاليف في ظل الواقع الراهن، في سعيها لتخفيف العجز الحكومي.
تراجع الإنتاج.. توسع الاستيراد
أما استمرار الإنتاج الزراعي، مع تراجع عائدات المزارعين يؤدي في كل دورة إنتاجية، إلى عدم زراعة أراض جديدة، ويؤدي حتماً إلى ترك العديد من المساحات الزراعية التي زرعت سابقاً تحديداً في ظل وصول المزارعين إلى الخسارة. بينما تتوسع أرباح التجار، وتنتقل بشكل تدريجي إلى تراجع جدوى الزراعة مرتفعة التكاليف، لتحل المستوردات مكانها.
وفي الصناعة كذلك الأمر تنخفض جدوى الإنتاج الصناعي، مع تراجع قدرات المنتجين على الإنتاج، في ظل ارتفاع التكاليف، وتراجع قدرة المستهلكين على الاستهلاك مع انخفاض أجورهم. وهذا أيضاً يوسع فرصة توسع الاستيراد على حساب الصناعة، أما في القطاع العام، فإن استمرار نهب المال العام، سيؤدي إلى تقديم معامل القطاع العام الكبيرة والرابحة للتشارك مع رؤوس أموال من القطاع الخاص، ما يقلل من العائد العام لهذه المعامل.
كان بإمكان الحكومة أن تستفيد أيضاً من الخطوط الائتمانية ومساعدات الأصدقاء، لتأمين مستلزمات الإنتاج الزراعي والصناعي الأساسية بأسعار مدعومة تخفف التكاليف، وتسمح أيضاً باستمرار الإنتاج وتراجع الحاجة إلى المساعدات، وموقع سوري أقوى لتسوية الديون لاحقاً.
إن البحث عن تحقيق نمو اقتصادي في ظل الحرب، كما تعلن الحكومة، يتطلب تخفيف أو إزالة هذه التشوهات في القطاعات التي تستمر بتجديد إنتاج الثروة الفعلية، بأي مستوى من المستويات.