تزامن غلاء الدولار مع أزمات الشتاء ينشر مخاوف من جنون الأسعار
عاودت هواجس الأسعار الجنونية والأزمات المتعددة تلامس خاطر المواطن السوري، خاصة مع اقتراب فصل الشتاء، والحديث عن اختناقات في مادة المازوت، وما يتبعها من أزمات نقل ومواصلات وغلاء أسعار مواد غذائية ووسائل التدفئة وما إلى هنالك من تبعات لا حصر لها، إذ خطت الخضار والفواكه أولى درجات السلم وسجلت ارتفاعاً بسيطاً، والقلق من تكرار مواسم الشح السابقة يتعاظم مع موجة غلاء الدولار الأخيرة.
فبعد فترة من الثبات والهدوء في سعر صرف العملة السورية أمام الدولار الأمريكي، وما أدى إليه ذلك من ثبات نسبي للأسعار في السوق المحلية، عادت من جديد المخاوف من تقلبات أخرى قد تصيب سعر الصرف، وتؤدي بدورها إلى أزمة اقتصادية عواقبها أسوأ مما مضى..
المخاوف لها ما يبررها، إذا بدأ سعر صرف الدولار الأمريكي بالصعود ببطء مقابل الليرة السورية في الشهر الأخير، ومع تعقد الأحداث السياسية والأخبار التي تقول بضربات أمريكية على سورية تحديداً، بدأ سعر الصرف يعيش ارتفاعات بين ليلة وضحاها من سعر 170 ليرة، وصولاً إلى سعر 202 ليرة في دمشق وسعر 205 ليرات في عدة محافظات أخرى، أي بنسبة بين 25 -30%، ليعاود الانخفاض مجدداً إلى ما دون 200 ليرة، ومع ذلك لا تعتبر هذه الأرقام ثابتة، وتنبئ بالوقت نفسه بعودة خطر تدهور سعر صرف الليرة السورية بشدة.
المركزي يتدخل
ويبيع 10 مليون دولار
من جانبه مصرف سورية المركزي عقد جلسة تدخل طارئة في القطع الأجنبي وأسعار الصرف بداية الأسبوع، بهدف اتخاذ إجراءات حاسمة ومؤثرة تعيد سعر صرف الليرة السورية إلى مستوياتها التوازنية، وذلك بعد أن لامس مستويات وهمية قاربت 202- 206 ليرات للدولار الأميركي، ووصل إجمالي الكميات المبيعة للقطع الأجنبي في الجلسة إلى 10 ملايين دولار.
وفي نشرته الأخيرة الصادرة بتاريخ 18 أيلول الحالي بين المصرف المركزي أن سعر صرف الدولار الأمريكي هو 158.50 بالحد الأدنى و159.45 بالحد الأقصى، بينما كان سعر الدولار في السوق السوداء بدمشق 193 الحد الأدنى و195 الحد الأعلى، وفي سوق حلب 194 الحد الأدنى و196 بالحد الأقصى.
محاولة للتفسير!
أما إحدى الصحف المحلية فتداولت ما يفسر ارتفاع سعر صرف الدولار بأنّ أصحاب المحافظ الكبرى في السوق السوداء يحرّضون لرفع للدولار عبر زيادة الطلب بنشر الإشاعات، فيرتفع السعر إثر استجابة المشترين المندفعين، وعندما يصل السعر إلى حدّ معين، تبدأ عمليات جني الأرباح، فيبيع من اشترى عند بدء الارتفاع ويجني أرباح المضاربة، التي تسمى "مكاسب رأسمالية" لأنها ناجمة عن الفرق بين سعر المبيع والشراء، وليس عن الاستثمار.
وأضافت أنّه «من الصعب تحديد أسباب ارتفاع أسعار الصرف في المدى القصير»، كما وأنَّ كبار المستثمرين والمضاربين في العالم يجدون أنّ الأسعار تتحرك بطريقة غير مفهومة في وقت قصير، كون السوق يخضع لمشاعر المتعاملين فيه على المدى القصير، إذ إنّ العوامل الأساسية من اقتصادية وسياسية وصناعية تتحكم باتجاه السوق على المديين المتوسط والطويل.
الدخان يعلن تأثره
وبالنسبة لأسعار السلع والمنتجات، بدأت بعض السلع بالتأثر بارتفاع سعر الدولار الأمريكي تحديداً، وأبرز تلك السلع الدخان الذي سجل ارتفاعاً ما بين 10-20 ليرة سورية للعبوة الواحدة، بينما كان تأثر الخضار والفواكه أقل وغير محدد بسعر الدولار بالذات، حيث بينت التجارة الداخلية في دمشق في آخر نشراتها أن سعر كيلو البندورة نوع أول بـ70 ليرة بعد أن كانت بـ60 ليرة في نشرة سابقة، والخيار بـ150 ليرة، والباذنجان البلدي بـ70 ليرة، والبطاطا بـ95 ليرة مرتفعة 5 ليرات عن التسعيرة التي قبل، والفليفلة السميكة بـ80 والرقيقة بـ100 ليرة سورية.
بالمقابل، تقاربت أسعار الخضار في السوق المحلية مع ما حددته نشرة التجارة الداخلية، حيث يباع كيلو الخيار بسعر يتراوح بين 120-150 ليرة، وكيلو البندورة بسعر 60-70 ليرة، وكيلو البطاطا بسعر 90-110 ليرات، وكيلو الباذنجان بسعر 75 ليرة تقريباً.
أما نشرة الفروج فسعرت الفروج المذبوح المنظف بـ475 ليرة، والشرحات بـ900 ليرة، وكيلو الدبوس بـ550 والجوانح بـ400 ليرة، فيما سعرت صحن البيض بـ700 ليرة.
التجار يرفضون الخسارة
وبناء على تصريح سابق لجريدة قاسيون، من أحد أعضاء غرفة تجارة دمشق، لن يتوانى التاجر السوري عن رفع أسعار بضاعته مع كل ارتفاع لسعر الدولار الأمريكي حتى لو لم يكن اشترى بضائعه بهذا السعر، لأن التاجر لا يرضى بالخسارة على الإطلاق، خاصة مع توجب شراء كميات جديدة من البضاعة بالسعر العالي!!..
إلا أن أسعار السلع والمنتجات في الأسواق مرتبطة بعدة عوامل أخرى عدا عن سعر صرف الدولار الأمريكي، حيث شهدت الأسعار ارتفاعاً قبل بدء تذبذبات سعر الصرف، والسبب وراء ذلك هو أزمة المازوت التي بدأت ملامحها تطغى على مختلف النواحي ذات الارتباط الوثيق بتوفر هذه المادة، فضلاً عن قرب موسم الشتاء وانتهاء موسم عدد من الخضار والفاكهة ما يعني قلة العرض في السوق.
أسعار لا تعرف طريق النزول
وبمراقبة دقيقة لوضع السوق المحلي، يتبين أن أسعار معظم البضائع رافقت سعر الدولار في صعوده فقط، ولم تنخفض مع عودته، باستثناء الخضار والفواكه التي شهدت بعض الانخفاض حسب الموسم، أما الملابس والكهربائيات والالكترونيات وباقي السلع فحافظت على سعرها المرتفع نافية علاقتها بسعر الصرف الذي أوصلها لتلك المستويات.
ومن المعروف أن 81% من المستوردات السورية تمول بالدولار مقابل 17% تمول باليورو فقط، بينما أدى السماح بالتمويل الخاص للمستوردات إلى تحميل أسعار السلع المختلفة للفارق ما بين السعر الرسمي الخاص بالدولار الصادر عن مصرف سورية المركزي وسعره في السوق غير النظامية (السوق السوداء).
الدولار ينتعش عالمياً
وفيما يخص وضع الدولار عالمياً، فقد شهد سعر صرف الدولار ارتفاعاً بنسبة 1.5% مقابل الين في مستهل تعاملات أوروبا يوم الخميس، بعد أن أحدث «مجلس الاحتياطي الاتحادي» البنك المركزي الأميركي صدمة أخرى في النظام المالي العالمي برفع توقعاته لأسعار الفائدة مستقبلاً، وذلك بعد أن كرّر «البنك المركزي الأميركي» تأكيده أن أسعار الفائدة ستظل قرب الصفر لفترة «طويلة» عندما ينتهي العمل ببرنامج تحفيز من خلال شراء السندات الشهر المقبل.
لكن المركزي الأمريكي رفع متوسط تقديراته لفائدة الأموال الاتحادية في نهاية العام المقبل، وهي فعلياً عند مستوى الصفر الآن، إلى 1.375 في المئة، مقارنة بـ 1.125 في المئة في حزيران (يونيو)، في حين رفع توقعاته لنهاية عام 2016 إلى 2.875 في المئة من 2.50 في المئة.