أرقام رسمية تفصّل على قياس السياسات الحكومية.. 12 ل.س التكلفة الفعلية لإنتاج (١ ك.و.س) والحكومة تدعي 24 ل.س
بسمفونية الدعم المعهودة، أطلت علينا جهات حكومية بقائمة من الأرقام التي تساهم في تبرير وتمرير السياسات الحكومية
كشف رئيس الحكومة وائل الحلقي أنَّ تكلفة إنتاج الكيلو واط الساعي من الكهرباء يصل إلى 24 ليرة، بينما يُباع بحدود ليرة سورية واحدة فقط..
في عام 2012، أوضح معاون المدير العام للمركز الوطني لبحوث الطاقة الدكتور سنجار طعمة في تصريح لإحدى الصحف شبه الرسمية، أن إنتاج الكيلو واط الساعي الواحد من الكهرباء يتطلب ما يتراوح بين الــ 200-220 غراماً من الفيول.
على هذه القاعدة نبني ونكشف عدم دقة بعض الأرقام، حيث إن وزارة الكهرباء قالت في أحد تقاريرها أن 86% من التكلفة الإجمالية في عملية إنتاج الكهرباء تتحملها الوقود (الفيول - الغاز)، وبأرقام أكثر تفصيلاً، فإن 90% من محطات توليد الكهرباء تستخدم مادة الفيول، أي أن ارتفاع أو انخفاض تكلفة إنتاج الكهرباء مرتبط بأسعار هاتين المادتين بالدرجة الأولى
معادلة التكلفة وهمية
انطلاقاً من كل ما سبق نقول: إن كل 1 ك.غ من الفيول يُنتِج 5 ل.و.س، أي أن كل طن من مادة الفيول ينتج 5000 ك.و.س، وفي المحصلة، فإن تكلفة إنتاج كل ك.و.س من الكهرباء يكلّف 10 ل.س، يضاف إليها ليرتان بالحد الأقصى لسد التكاليف الإضافية الأخرى، والتي تصل نسبتها إلى 14% من تكاليف الإنتاج الإجمالية، أي أن الفارق بين الرقمين يتجاوز الضعف..
وفي كل الأحوال، فإن سعر طن الفيول البالغ 50 ألف ل.س محلياً يعادل 350 دولار تقريباً، وهذا على أساس التسعير الرسمي للدولار لا بحسب السوق السوداء، لأن الحكومة لا تشتري الدولار من السوق السوداء لتأمين القطع الأجنبي في حالات الاستيراد، وهذا من حيث المبدأ..
أما إذا ما حاولنا أن نبني التكلفة على قاعدة الـ 24 ل.س لكل ك.و.س التي تطرحها الحكومة، فإن تكلفة كل ك.و.س من الفيول لن تقل عن الـ 20 ل.س (86% من تكلفة الإنتاج الإجمالية)، وفي هذه الحالة، فإن طن الفيول الذي ينتج 5 آلاف ل.و.س، سيكون سعره بحدود 100 ألف ليرة سورية، وهو ما يعادل 600 دولار على أساس سعر صرف 170 ل.س للدولار الواحد، وهو ما يتجاوز السعر الرسمي للدولار، أي أن المعادلة الحكومية لتكلفة إنتاج الكهرباء وهمية بالمطلق، لأن الفيول لا يباع بالأسواق العالمية بـ 600 دولار حالياً..
(المي .. والغطاس)
في منتصف عام 2013، كشف مدير عام شركة المحروقات «سادكوب» ناظم الخداج، كشف في شهر حزيران من عام 2013، أن سعر طن الفيول في الأسواق العالمية يصل إلى 60 ألف ليرة، لتبرير القرار القاضي برفع سعر طن الفيول إلى 50 ألف ل.س، وعندها كان الدولار قد تجاوز حاجز الـ 200 ل.س في السوق السوداء، والذي على أساسه يبني المسؤولون الحكوميون أرقامهم، أي أن سعر الطن عالمياً كان بحدود 300 دولار أمريكي..
الخط الائتماني يخفض التكلفة
نحن لا ننتج من النفط الخام محلياً الشيء الكثير، وهو ما تقدره أرقام وزارة النفط بنحو مليون برميل من النفط الخام خلال الربع الأول من عام 2014، في حين يبلغ إجمالي إنتاج الغاز الخام المنتج خلال الفترة نفسها 1.504 مليار متر مكعب بمعدل يومي 16.7 مليون متر مكعب، إلا أننا لا نستورد من المشتقات النفطية الشيء الكثير على الضفة الأخرى، لكي تحسب أسعار الفيول وسواها من المشتقات النفطية وفق بورصة الأسعار العالمية، بل نستورد النفط الخام من إيران بالدرجة الأولى عبر الخط الائتماني، أي أن الحكومة لا تدفع نقداً اليوم قيمة النفط الخام المستورد من إيران، وهذا ينطبق على المشتقات النفطية المستوردة أيضاً، وفي المحصلة، فإن استيراد النفط الخام لتكريره في المصافي السورية سيخفض معادلة التكلفة بطبيعة الحال، وهذا سيخفض تكلفة إنتاج الكهرباء، وإلا لكنا استوردنا المشتقات النفطية بشكل مباشر، وفي كلا الحالتين، فإن سعر طن الفيول لا يباع عالمياً بسعر 600 دولار إذا ما تم اعتمدنا الأرقام الحكومية عن تكلفة إنتاج الــ ك.و.س، كما أن تكلفة إنتاج الفيول على الطريقة السورية (استيراد النفط الخام من إيران وتكريره بالمصافي السورية) لن يتعدى السعر العالمي بالتأكيد..