دورات الليبرالية ـ الدمار.. (الإسكوا) تؤدي عملها
أصدرت منظمة (الإسكوا) لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي أسيا، تقريراً بعنوان (النزاع في الجمهورية العربية السورية: تداعيات على الاقتصاد الكلي وعقبات في طريق الأهداف الإنمائية للألفية). افتتحه عبد الله الدردري النائب الاقتصادي السابق، ووجه مرحلة الليبرالية الاقتصادية السورية وكبير الاقتصاديين، في المنظمة التي أدارت إعادة إعمار لبنان نحو حلقة مستمرة من المحاصصة، وعدم القدرة على بناء دولة..
يخلص التقرير إلى أن قرابة 90 % من السوريين فقراء في عام 2015، وبأن الناتج المحلي السوري قد انخفض إلى النصف بين عام 2010، و2013، ومن 60 مليار دولار إلى 33 مليار دولار.. أما حول مستقبل سورية الاقتصادي، فقد لخص الدردري بعد استعراض الأرقام المدوية بأنه (لم يعد بالإمكان تمويل العجز بالمدخرات الداخلية، ولا بد من المنح أو الاستثمارات الأجنبية المباشرة أو الديون الخارجية من أجل الاستمرار بتمويل عجز الموازنة)
اعتراض محق ولكن!
اعترض ممثل الحكومة السورية عميد كلية الاقتصاد في جامعة دمشق د. رسلان خضور، على بعض البديهيات (الدردية الأممية). مطالباً برفع العقوبات الاقتصادية عن سورية، ومشيراً إلى مبالغة في الأرقام، وأن سورية لديها موارد داخلية، وتعول على دول البريكس وغير ها من الدول غير الأطلسية، ومشيراً إلى أنه عوضاً عن المنح والاستثمارات فإن دولاً مشاركة في الحرب عليها أن تدفع تعويضات، كما أشار إلى أن (خريطة الطريق) الواردة في التقرير ذات بعد (سياسي- أمني).. وذلك حسب ما تناقله الإعلام من مداخلته في المؤتمر.
وعلى الرغم من أن الاعتراض الذي يأتي في مكانه رداً على تحديد الخيارات أمام سورية، إلا أن الليبرالية الاقتصادية المستمرة في قيادة الاقتصاد السوري في زمن الأزمة، تقف في صف الدردري، وتتبنى مقولته، وتجهز للاستثمار والديون القادمة..
النهب- الفقر- الضخ
بداية أرقام تقارير الإسكوا، تعتمد على بيانات الحكومة بحسب الدردي، بينما يمنع أصحاب القرار المكتب المركزي للإحصاء من نشر أرقامه وتقاريره حول الاقتصاد السوري في الأزمة، ويترك النشر للتقارير الأممية أو المدعومة منها!..
أما العقوبات الاقتصادية والحصار، فيشارك الفساد في سورية بجني ثماره وتفعيل آثاره، لترتفع أسعار استيراد الطحين (250$/طن) والسكر (348$/طن) فارق نهب وبمبالغ إجمالية تتجاوز 90 مليار ل.س، وكذلك الأمر في مواد أخرى أي أن أثر الفساد أضعاف أثر العقوبات على السوريين، الذين يتحملون التكاليف بتقليص الدعم ورفع الأسعار. ومنه فإن مستوى معيشة الشعب السوري وحدة فقره، أكبر من أرقام الأمم المتحدة والحكومة السورية، حيث أن عتبة الفقر المطلق في سورية حالياً تتطلب حوالي 50 ألف ل.س للأسرة من خمسة أشخاص، بينما متوسط الأجور 20 ألف ل.س، وهي تغطي نصف الغذاء الضروري فقط لأسرة.
في سورية خلال الأزمة توضع للحكومة مهمة رفع الدعم، للحفاظ على الموارد الداخلية، بينما يستمر هدر ونهب هذه الموارد، بالتجديد لوجوه الفساد، حيث يرفع المفضوحون من المدراء الفاسدين إلى مراتب أعلى. وتزدهر السوق السوداء بأشكالها، لتتفاقم أزمات المازوت والسبب المحدد هو تجار السوق، وتتبادل السوق السوداء والمصرف السوري المركزي الأدوار، لترفع السوق السعر، وتأخذ مكافآت من ضخ الدولار بحجة حماية الليرة.
وآخرها رفع الضخ اليومي للدولار إلى 15 مليون دولار يومياً بالحد الأدنى، خمسة جديدة غير محددة الوجهة توزعها شركات الصرافة، وأكثر من 10 لتمويل مستوردات التجار. وليستهلك بهذه الطريقة 67% من احتياطي العملات الأجنبية خلال سنوات الأزمة بحسب تقديرات الإسكوا. أما التعويضات، فليست النهج المتبع، فأموال واستثمارات دول مشاركة في الحرب والدمار لا تزال بمأمن..
الدردرية وجه الليبرالية الاقتصادية السوري، وعتبة ضرورية في دخول البلاد حربها الطاحنة، لا تزال مستمرة..
وعلى الرغم من الخطاب الحكومي الذي يحاول البحث عن تمايز عن الدردري، إلا أن التطابق واضح أمام ممارسات الدردرية المستمرة اليوم..
وهكذا تستمر الدورة من ليبرالية متسارعة- فقر- فساد- فوضى- دمار. تليها ليبرالية أسوأ- فقر أشد- فساد أشرس- دمار أعلى.. إلى أن يكسرها نشاط وتنظيم المتضررين الفعليين.