خطة مقابل خطة.. الحكومة تختار الأسوأ
إن توسيع استيراد الحكومة للمواد الرئيسية، وبيعها بأسعار مخفضة هو توسيع للدعم. فبيع الحكومة للمواد الرئيسية بأسعار تناسب دخول السوريين وظروفهم، هو واحد من أهم طرق تضييق الفقر الذي طال 80% من السوريين، ومن أضمن طرق تحقيق زيادة حقيقية للأجور التي تحتاج إلى 70 ألف ل.س إضافية لسد الحاجات الأساسية لعائلة.
كما أن كلا من تضييق الفقر، وزيادة الأجور، مساهم رئيسي في الحفاظ على قيمة الليرة السورية، من جانبين أولهما أنه يزيد من قيمتها الشرائية، وثانيهما أنه يقلل من الطلب على الدولار وبيع الليرة، لأن توسيع الاستيراد الحكومي يخفف من الحاجة إلى استيراد القطاع الخاص للمواد الغذائية والرئيسية، مقللاً من عمليات شراء الدولار من المصرف المركزي للاستيراد وبيع الليرة مقابله، حيث تمول الحكومة المستوردين بمبالغ ستصل خلال عام من الآن إلى 3,6 مليار دولار.. يذهب جزء هام منها إلى السوق السوداء.
إلا أن أصحاب القرار لا يريدون اعتماد هذه الخطة، لأن الخطة البديلة هي، تقليص الدعم، وتخفيف الإنفاق الحكومي، والاعتماد على القطاع الخاص، ومن ضمنه الاعتماد على التجار في تأمين مستلزمات البلاد وبالتالي تسعيرها. ما ينجم عنه هدر كبير عن طريق حصول كبار التجار على جزء من مال الحكومة وعلى جزء هام من مال المواطن، نتيجة قدرتهم على التحكم بالسعر بشكل غير قابل للضبط، مهما بلغت إجراءات وزارة التجارة الداخلية من رقابة ومصادرة وتسعير وغيرها. فطالما أن مستوردي القطاع الخاص يستوردون أكثر من الدولة، فإنهم أكثر قدرة على التحكم بالسعر.
كما أن الحكومة الساعية جدياً لتخفيف نفقاتها، لحد الوصول إلى رفع سعر الخبز، لا تبحث جدياً في تخفيف النفقات الناجمة عن الهدر في عمليات الاستيراد الحكومي، لتستطيع الاستيراد بجدوى أعلى..!
حيث تضاف اليوم إلى التكاليف المضخمة غير المفهومة في عمليات استيراد الطحين 119 مليار ل.س، تكاليف غير مبررة في استيراد السكر تتراوح بين 6-12 مليار ل.س.
ليسجل (الهدر) أرقاماً جديدة في ظروف الأزمة تشير إلى توسع قدرة منظومة الفساد، على سحب جزء هام من موارد السوريين.