بعد قروض الكبار المتعثرة.. جدولة قروض المزارعين..
صدر القانون رقم 11 الذي يعفي المزارعين المديونين للمصرف الزراعي من الفوائد وغرامات التأخير المتراكمة نتيجة استحقاق ديونهم وعدم قدرتهم أو التزامهم بالسداد، بالإضافة إلى قروض مكافحة البطالة الممنوحة من المصرف الزراعي.
اللافت أن حجم الإعفاءات هو الأكبر منذ ثلاثة أعوام سابقة للعام الحالي، حيث بلغ بحسب تصريحات المصرف الزراعي التعاوني 15,6 مليار ل.س، ليشكل ضعف مجمل الإعفاءات المقدمة منذ عام 2011، حيث بلغت الإعفاءات المقدمة للمزارعين بموجب القوانين والمراسيم والقرارات الصادرة المتعلقة: 6,85 مليار ل.س بحسب تصريح لمدير المصرف الزراعي بتاريخ 3-2014.
الفلاحون يلتزمون بالجدولة!
تشير تصريحات إدارة المصرف الزراعي إلى أثر إيجابي لعمليات جدولة القروض وإعفاء الفوائد التي صدرت في كل عام خلال الأزمة ( المرسوم التشريعي رقم 120 لعام 2011 والقانون رقم 27 لعام 2012 والمرسوم التشريعي رقم 51 لعام 2012 والقانون رقم 5 لعام 2013 والمرسوم التشريعي رقم 26 لعام 2013)، والتي أدت إلى رفع سيولة المصرف إلى 29-30% وهو الحد المسموح للإقراض، نتيجة استفادة كافة الفلاحين المقترضين من الجدولة والإعفاء وإمكانية تسديدهم لقروضهم بعدها.
معلومات رئيسية
بموجب القانون تجدول أرصدة رأس مال القروض المشمولة بأحكامه بعد استبعاد كل الفوائد العقدية وفوائد وغرامات التأخير المترتبة عليه بتاريخ صدور هذا القانون. ومدة الجدولة عشر سنوات يدفع فيها المزارع القرض على شكل أقساط سنوية متساوية وفي تواريخ استحقاق موحدة، القسط الأول منها في تاريخ 2-8-2015.
بلغ عدد المستفيدين من القانون رقم 11 القاضي بإعفاء قروض المصرف الزراعي التعاوني الممنوحة لغايات زراعية وقروض مكافحة البطالة من الفوائد العقدية وفوائد وغرامات التأخير المترتبة عليها مرصودة بتاريخ صدوره، 600 ألف فلاح ومزارع، في حين تقدر كتلة الإعفاءات بحوالي 15.6 مليار ليرة سورية، بحسب معلومات حصلت عليها جريدة قاسيون من المصرف الزراعي التعاوني.
وفي تفاصيل أكثر، بلغ حجم الديون المجدولة وفقاً للقانون 71.5 مليار ليرة سورية، موزعة على كافة المحافظات حسب المساحات المزروعة، حيث تحتل محافظة الحسكة المرتبة الأولى يليها محافظات حلب والرقة ودير الزور، في حين تحتل محافظة دمشق والقنيطرة المرتبة الأخيرة.
الفوائد من القروض!
حجم الفوائد والغرامات كبير قياساً بحجم الدين المتراكم، حيث أن غرامات وفوائد محافظة الحسكة فقط تشكل نسبة 30% من الدين المجدول.
حيث بلغ مجموع الفوائد العقدية مع فوائد وغرامات التأخير التي تم إسقاطها عن قروض المصرف الزراعي التعاوني الممنوحة لغايات زراعية في محافظة الحسكة فقط بالقانون رقم 11 لعام 2014 الصادر بتاريخ 10/6/2014، ما يقارب 11 مليار ليرة سورية، كما بلغ الدين الزراعي الكامل الذي تمت جدولته بالقانون المذكور مدة عشر سنوات 36مليار ليرة سورية تقريباً عدا ديون قروض مكافحة البطالة.
وتم تطبيق القانون على القروض المجدولة، ذات الفوائد القصيرة الأجل بنسبة 8% بينما الفوائد المطبقة على القروض طويلة الأجل 11%، وجميع القروض تمت جدولتها على عشر سنوات وهي بالعرف المصرفي طويلة الأجل.
حيث تتحدد القروض الممنوحة قصيرة الأجل بضوابط معينة هي ملاءة طالب القرض أو المساحة الزراعية أو حجم الحظيرة أو ضمانات معينة، دون هامش أقل أو أكثر، فيما تبلغ حدود القروض متوسطة الأجل عشرين مليون ليرة، وطويلة الأجل 50 مليون ليرة، بحسب المعلومات.
التمويل دونا عن الكفاءة!
في واحدة من أهم النقاط الإيجابية في القانون الواردة في المادة السادسة منه يسمح للمصرف الزراعي التعاوني بتمويل الفلاحين والمزارعين للموسم الزراعي لعام 2014-2015 بغض النظر عن الملاءة بالنسبة للمدينين والكفلاء، وهو ما يتفادى أخطاء العام الماضي وتعقيدات عمليات التمويل، عندما لم يمول الفلاحون مسبقاً بكافة مسلتزمات الإنتاج إلا بالدفع النقدي لنسب هامة منها، وتحديداً مزارعي القطن، بالإضافة إلى شروط الكفاءة في هذه الظروف الزراعية المعقدة لمنح القورض.
تحصيل قبل الاستحقاق
وتضمنت التعليمات التنفيذية حق المصرف الزراعي بتحصيل الديون المجدولة بموجب هذا القانون من المدينين قبل تاريخ استحقاقها وذلك في حال نضوج محاصيلهم وتسويقها قبل هذا التاريخ، وتعد الفوائد العقدية وفوائد وغرامات التأخير المسددة قبل تاريخ صدور هذا القانون من إيرادات االمصرف الزراعي ولا تجوز المطالبة بها.
غير الملتزمين!
ولكن القانون يستثني تمويل المدينين غير الملتزمين بأحكام الجدولة وفق الضوابط المحددة في هذا القانون، والمحددة تحديداً بدفعة حسن النية البالغة 5% من القرض، التي يجب أن تسدد خلال فترة السماح المحددة بفترة لا تتجاوز 6 أشهر من تاريخ نفاذ القانون. وفقد المدين حقه بالاستفادة من الإعفاء والجدولة المنصوص عليها في حال عدم الالتزام بتسديد دفعة حسن النية أو التخلف عن سداد أي من الأقساط المجدولة إلى ما بعد استحقاق القسط الذي يليه، وتعاد أرصدة القروض المشمولة بأحكام هذا القانون إلى حساباتها الأصلية، كما يطالب المدين بتسديد كامل الفوائد العقدية وفوائد وغرامات التأخر المستحقة وغير المسددة بتاريخ الجدولة ويستثنى من ذلك الحالات القاهرة التي تعتمد من مجلس إدارة المصرف الزراعي التعاوني.
استثناءات من الشمول
تضمنت التعليمات التنفيذية عدم شمول القانون القروض الممنوحة لمؤسسات القطاع العام كما لا يشمل قروض المصرف الزراعي الممنوحة بموجب أنظمة خاصة ويستثنى من ذلك قروض مكافحة البطالة الممنوحة، في حين تخضع القروض المجدولة بموجب هذا القانون لمعدلات الفائدة المطبقة على القروض قصيرة الأجل المعمول بها لدى المصرف الزراعي في تاريخ صدوره كما وتستمر القروض المجدولة بالضمانات السابقة نفسها ويبقى المدينون جميعهم أصلاء وكفلاء يبقى ورثتهم ملتزمين بسداد الدين حتى الوفاء التام.
وبحسب التعليمات التنفيذية فإن القانون لا يشمل ديون المخالفين وفق أحكام المادة 33 من المرسوم التشريعي رقم 30 لعام 2005 كما لا يشمل القانون المحالين على القضاء بجرم اختلاس الأموال العامة، وتوقف الإجراءات التنفيذية للمشمولين بأحكام هذا القانون عند مرحلة البيع بالمزاد العلني مع إبقاء الملف التنفيذي قائما وفي حال عدم الالتزام بالجدولة تتابع الإجراءات من المرحلة التي توقفت عندها، وتعد الأحكام الواردة في القوانين والمراسيم التشريعية الصادرة سابقا والخاصة بجدولة القروض الممنوحة من المصرف الزراعي وإعفاءات الفوائد والغرامات المرتبطة بها معدلة حكما بموجب الأحكام الواردة في هذا القانون.
30 ليرة إضافية عن كل
100 ليرة دين! الدين والفوائد حلقة مفرغة
يعتبر حجم الفوائد والغرامات المترتبة على القروض كبيراً بالقياس إلى حجم القروض ذاتها:
• 21,9% الوسطي: تبلغ الفوائد والغرامات المعفاة 15,6 مليار ل.س، مشكلة نسبة 21,9% من إجمالي القروض المجدولة والبالغة 71 مليار ل.س.
• 30,5% الحسكة: بينما ترتفع هذه النسبة في المحافظات الأكثر اضطراباً من حيث الظروف الأمنية والخدمية، كالحسكة التي تشكل ديون مزارعيها 50,7% من إجمالي الديون المجدولة. حيث يبلغ حجم قروض مزارعي المحافظة المعفية بموجب القانون 36 مليار ل.س، بينما حجم الفوائد العقدية وغرامات التأخير المترتبة عليها 11 مليار ل.س، لتشكل الفوائد والغرامات نسبة 30% من القروض.
بناء عليه فإن كل مزارع يتأخر عن سداد القروض يتحمل عن كل 100 ليرة دين أكثر من 20 -30 ليرة ديناً إضافياً، ما يؤدي إلى دخول المزارعين في دوامة الاقتراض والدين بشكل مستمر، مع تراكم الأقساط والفوائد، ويقابلها دخول المصرف الزراعي في دائرة الجدولة والإعفاءات أيضاً.
وهو ما يفسر أنه على الرغم من جدولة قروض المزارعين خلال ثلاث سنوات متتالية، فإن حجم الفوائد والغرامات يرتفع بشكل كبير خلال عام 2014 ليصل إلى مبلغ 15,6 مليار ل.س في وقت قياسي، بين آخر مرسوم جدولة وإعفاء والقانون الحالي. ما يدل على أن قوانين الإعفاء السابقة لم تغط كافة الغرامات والفوائد التي لا تزال تتراكم، فخلال ثلاثة أعوام بلغ إجمالي الفوائد المعفاة 6 مليار ل.س، بينما تراكم خلال ستة أشهر 15,6 مليار ل.س!
ثلاثة ملاحظات من مزارعي حماة
وصلت إلى قاسيون ملاحظات من مجموعة من الفلاحين في ريف حماة حول قانون الجدولة الأخير، الذي يرون فيه نقاطاً إيجابية ولكنهم يضعون الملاحظات التالية:
• لم يشمل القروض الممنوحة بموجب أنظمة خاصة (الري الحديث) علماً أن هذه الشبكات خرج معظمها من الخدمة بسبب عمليات التخريب وبالتالي أصحاب هذه القروض مجرد وهم من الفلاحين يسألون لماذا تم استثناؤهم من ميزات هذا القانون.
• المستفيدون من القروض الشخصية من المصرف الزراعي تم استثناؤهم من عمليات جدولة القروض مع العلم أن معظمهم من ذوي الدخل المحدود ومن أثرت عليهم الأزمة وبالتالي يجدون صعوبة كبيرة في إمكانية تسديد القروض.
• الفلاحون مع ارتياحهم لهذه القانون إلا أنهم يسألون إلى متى سيبقون منتظرين التعويض من صندوق الكوارث على ما حل بهم وبمحاصيلهم لهذا العام علماً أن اللجان المعنية بتقدير الأضرار رفعت جداول بأسماء المتضررين ونسب الضرر لديهم.