الصادرات 2014 بين تصريح مرتفع.. وأرقام واقعية!
صرح رئيس هيئة تخطيط الدولة همام الجزائري في حديث له مع إحدى الفضائيات العربية، بتاريخ 31-5-2014 أن قيمة الصادرات السورية في الربع الأول والثاني من عام 2014 بلغت حوالي 2 مليار يورو!، وأن الصادرات تضاعفت حتى الجاري من الربع الثاني عما كانت عليه في الربع الأول من العام الحالي.
بناء على الرقم الكبير قاسيون قصدت اتحاد المصدرين السوريين للوقوف على آخر أرقام الصادرات، بعد أن تحول الحديث عن المصادرين والصادرات السورية خلال الأزمة إلى نقطة ملفتة في الظروف الحالية ومنذ بداية العام الحالي، حيث ترى فيها هيئة تخطيط الدولة، معياراً متفائلاً للحديث عن إعادة الإعمار.
وفق حديث رئيس هيئة تخطيط الدولة فإن الصناعات الغذائية والنسيجية إحدى الصناعات التي بدأت بالتعافي وتحديداً مع عودة المدن الصناعية في حسياء وعدرا بالعمل بكامل طاقتها تقريباً، والظرف الأمني المتقدم من حيث تأمين طرق رئيسية.
مفارقة..
تنبغي الإشارة إلى أن قيمة الصادرات الإجمالية في عام 2011 كاملاً بلغت : 505 مليار ل.س، أي ما يعادل بسعر اليورو اليوم (200 ل.س تقريباً): 2,5 مليار يورو، لذلك فإن المفارقة كبيرة في التصريح الذي يشير إلى ارتفاع قيمة الصادرات السورية خلال أقل من نصف عام في الأزمة لتقترب من قيمة الصادرات السورية خلال عام كامل قبلها..!
60% من الصادرات السورية مصدرها اقتصاد الظل
في لقاء لجريدة قاسيون مع (إياد محمد) الخازن في اتحاد المصدرين السوريين، أكد أنه لا يوجد إحصاء رقمي حتى الآن حول صادرات عام 2014، وأن الاتحاد يسعى إلى الوصول إلى إحصاء دقيق من المصدرين والقضية مسألة أيام وأسابيع.
مشيراً أنه لا يمكن بناء أرقام دقيقة تماماً، نتيجة التضخم الكبير لاقتصاد الظل الذي كانت صادراته قبل الأزمة تشكل حوالي 60% من الصادرات السورية.
وعن وجهات التصدير الأساسية، بين الخازن "أن الصادرات السورية شكلت ما يقارب 73% من مستوردات العراق، الذي يعتبر أكبر سوق لصادرات سورية، في حين لايزال الخليج يشكل سوقاً للخضار والفواكه"، لافتاً إلى أن القطاعات الأسرع في التعافي من آثار الأزمة هي قطاعات صناعة النسيج والقطاع الزراعي والصناعات الغذائية، بما يتقاطع مع تصريح رئيس هيئة التخطيط.
وفيما يخص الأسعار المعتمدة في عملية التصدير، أوضح: (يتم اعتماد السعر المذكور في نشرة الصادرات، وهي تختلف عن أسعار السوق لأنها غير محتوية التكاليف المترتبة على النقل وغيره، والتي يتم تضمينها في السعر عند البيع بالسوق المحلية).
الانخفاض لا يزال 96%!
الرقم الوحيد المتاح حول بيانات عام 2014 هو من مركز التجارة الدولي العالمي (ICT) بحسب اتحاد المصدري السوريين، الذي أعلن أن قيمة الصادرات السورية بلغت 31 مليون دولار في الربع الأول من عام 2014، بينما كان وسطي تصدير الربع (ثلاثة أشهر) في عام 2011: 126 مليار ل.س، ما يعادل بدولار اليوم (160 ل.س): 789 مليون دولار. أي أن مقدار الانخفاض الحقيقي في وسطي صادرات الربع الأول من عام 2014 وصادرات الربع الأول من 2011 لا تزال 96%.
تقارير سابقة حول صادرات الأزمة
وتراجعت الصادرات السورية بنسبة بلغت نحو 95% خلال الفترة بين الربع الأول من عام 2011 والربع الأول من عام 2013، كما تراجعت المستوردات بنسبة 88%، وهذا يعود إلى العقوبات الاقتصادية المفروضة التي أثرت بشكل مباشر في تمويل التجارة الخارجية، إضافة إلى أن المصارف تشددت في تقديم التمويل للتجارة الخارجية، وقلصت من الفترات المتاحة لهذا التمويل إلى جانب تدهور عملية الإنتاج وارتفاع تكاليفها، بحسب تقرير صادر عن وزارة الصناعة.
وبين التقرير أن هناك تراجعاً حاداً في قيمة الصادرات السورية الإجمالية «النفطية والسلعية» خلال فترة الأزمة، حيث تراجعت من 1901 مليون دولار في الربع الأول من عام 2011 إلى 94.7 مليون دولار في الربع الأول من عام 2013، بنسبة تراجع إجمالية بلغت نحو 95% وهذا يعود كما هو معروف إلى العقوبات الاقتصادية المفروضة التي أثرت بشكل مباشر في تمويل التجارة الخارجية، إلى جانب تدهور عملية الإنتاج وارتفاع تكاليفها إضافة إلى أن أعلى قيمة للصادرات الإجمالية خلال فترة الأزمة سجلت في الربع الثاني من عام 2011 بقيمة بلغت 2.269 مليون دولار، في حين سجلت أقل قيمة لها في الربع الرابع من عام 2012 بقيمة بلغت نحو 88 مليون دولار.
نشرات أسعار التصدير أكثر منطقية اليوم!
يشيد الخازن في اتحاد المصدرين بقرار تعهد الاحتفاظ بقطع التصدير، رقم 1397 الصادر عن مصرف سورية المركزي في الشهر الخامس من عام 2014، والذي ينص على تعهد التاجر المصدر بإعادة 50% من القطع الأجنبي ويدفع نسبة 10% كفالة من قيمة الفاتورة بالليرة السورية التي تنظم عن كتابة تعهد إعادة القطع. ليباع القطع الأجنبي المحصل من التجارة الخارجية إلى المصرف المركزي بسعر أقل من سعر السوق السوداء.
وهو ما يعتبره التجار خسارة، حيث يخسرون 4 ل.س في الدولار، وذلك بناء على فرصة بيع القطع الأجنبي المحصل في السوق السوداء، ويشير إياد محمد الخازن في اتحاد المصدرين بأن المصرف المركزي يسعى ليوفر هذه الخسارة عن كاهلهم! وذلك بالتقارب بين السعر الموازي في السوق السوداء وسعر شراء القطع من قبله.
تأخذ الجمارك رسومها، وتؤخذ كفالة التعهد بالليرة السورية بناء على (الفاتورة) التي تحدد نشرة أسعار الصادرات الصادرة عن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، أسعار الحد الأدنى منها.
صدرت النشرة الأولى لأسعار الصادرات عن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، لعام 2013 وكانت أسعار الحد الأدنى للصادرات منخفضة عن أسعار السوق إلى حد بعيد. قد يقال أن انخفاض أسعار الصادرات طبيعي، نتيجة عدم تحمل كلف نقل مرتفعة، أو عمولات لتجار التجزئة، إلا أن الأسعار لم تكن واقعية على الإطلاق، حيث أن عينة من ستة مواد ضمن النشرة سجلت متوسط انخفاض أسعار تصديرها عن أسعارها في السوق السورية بمقدار 455% حيث كان الفرق بيناً، إلا أن النشرة اللاحقة وهي النشرة الأولى للصادرات في عام 2014 عدلت الأسعار نسبياً، لكنها بقيت أقل من أسعار السوق.
خفضت نشرة أسعار صادرات عام 2014 من الفارق الكبير بين أسعار نشرة 2013 وأسعار السوق، إلا أن أهم المواد الغذائية المصدرة لا تزال أسعارها مرتفعة جداً في السوق المحلية قياساً بمستوى دخل السوريين. حيث تسمح الحدود الدنيا للأسعار بتخفيض رسوم الجمارك التي على التجار دفعها، وبتخفيض قيم الفاتورة التي يجب أن يستعاد 50% من القطع الأجنبي منها.