التخطيط الإقليمي لسورية المستقبل.. والزراعة جانبية!
صدر القانون رقم 26 لعام 2010 الخاص بتنظيم التخطيط والتطوير الإقليمي، والذي نص على أن الإطار الوطني للتخطيط الإقليمي: (هو مجموعة الاستراتيجيات العامة والمبادىء التي توجه وتكامل بين مبادرات التنمية الإقليمية والاستراتيجيات الوطنية القطاعية المركزية في الجمهورية العربية السورية تضعه هيئة التخطيط الإقليمي)التي نص القانون ذاته على تشكيلها. نص القانون أيضاً أن تنشر الهيئة مسودة الإطار الوطني بعد أن تقوم بالتنسيق مع الوزارات المعنية وغيرها من الجهات لتقوم الهيئة بدراسة الملاحظات والاعتراضات الواردة اليها خلال ثلاثة أشهر وتبت بها.
وبالمحصلة فإن الإطار الوطني ذو أهمية عالية حيث يعتبر نواة الخطط الإقليمية التي (تعتبر بعد إقرارها ملزمة للجهات كافة) بحسب ما ورد في القانون. بناء عليه لا بد من تقديم ملاحظات حول الإطار الوطني للتخطيط الإقليمي فيما يتعلق بقطاع الزراعة.
إشارات بسيطة للزراعة!
يعتبر إعداد الإطار الوطني للتخطيط الإقليمي عملية رائدة في مجال تحول التخطيط التنموي في سورية من التخطيط المنفرد لكل قطاع على حدة إلى التخطيط لجميع القطاعات بوقت واحد وأسلوب يراعي احتياجات كل قطاع، والتعارض المحتمل بين القطاعات وأساليب حل هذا التعارض إن وجد، ومراعاة ندرة بعض الموارد أو قلتها، إلا أن مستوى التنسيق بين مختلف الجهات وهيئة التخطيط الإقليمي خلال فترة إعداد الإطار كان أقل من المستوى المطلوب، وتم الاعتماد في أحيان كثيرة على ممثل وحيد لكل جهة دون الأخذ بالحسبان حجم هذه الجهات ومجال عملها والتخصصات المختلفة في عمل كل منها.
تعرضت مسودة الإطار الوطني للتخطيط الإقليمي من خلال الدراسة إلى معظم القطاعات الاقتصادية والخدمية في سورية دون الأخذ بعين الاعتبار الحجم الفعلي لهذه القطاعات في الاقتصاد المحلي أو مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي، في حين أشار الإطار إلى القطاع الزراعي بإشارات بسيطة فقط.
تغييرات كبرى وإهمال نقاط!
حول الجوانب الزراعية في الإطار الوطني للتخطيط الإقليمي يمكن أن ندرج الملاحظات التالية:
• لم تأخذ الدراسة بعين الاعتبار مناطق تقييد التنمية التي تتمثل بالصفوف الأربعة المحددة في دليل تصنيف الأراضي الزراعية، حسب مقدرتها الإنتاجية والتي تم تحديدها بهدف الحفاظ على الأراضي الزراعية وإن الدراسة لحظت الأراضي المروية ولم تلحظ أبداً الأراضي البعلية التي تشكل حوالي 50% من مساحة الأرض المزروعة، وكان من الأجدر التوجه نحو تقانات حصاد المياه وجر المياه من البحر والتنمية المستدامة لاستعمالات المياه.
• إقرار التحول نحو الاعتماد في الزراعة على الإنتاج الحيواني كمصدر أساسي للدخل الزراعي في الاقتصاد الوطني بدلاً من الإنتاج النباتي، وتهميش القطاع النباتي (محاصيل استراتيجية وغيرها) على حساب قطاع الثروة الحيوانية كمصدر أساسي للدخل الاقتصادي الوطني هو تغيير استراتيجي في التركيبة الاقتصادية الزراعية في سورية ودون دراسة معمقة سيؤدي حتماً إلى المزيد من الهجرة الداخلية حول المدن وما ينجم عنها.
• في خارطة مناطق الحصاد المائي الواعدة لم تراع المناطق ذات الهطول المطري المرتفع (مناطق الاستقرار الاولى والجبال الساحلية) والتي تذهب فيها هذه المياه إلى البحر، وكذلك لم تلحظ الدراسة عوائد الصرف الصحي والصناعي وكيفية الاستفادة من الرواجع في الإنتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني.
• ذكرت الدراسة أنه انقضى عام 2010 ولم تتجاوز مساحة المحميات 1,69% من مساحة القطر، في حين أغفل الإطار الوطني ذكر المحميات الرعوية المعلنة والتابعة للهيئة العامة لإدارة وتنمية البادية، وعددها يقارب 68 محمية رعوية بمساحة تصل مليون هكتار، وعند حسابها ستصبح المساحة المحمية ما يقارب 7,5% من مساحة القطر.
مقترحات للجانب الزراعي
• الدعوة إلى ورشة عمل وطنية تحضرها كل الجهات ذات العلاقة على أن تضم أوسع فئة من المختصين باعتبار التخطيط الإقليمي يفترض أن يكون الدستور التنموي لسورية المستقبل، ويجب أن يحظى بموافقة أغلبية الجهات ذات العلاقة والمتخصصة.
• إعطاء الأهمية للقطاعات المختلفة في الاقتصاد الوطني حسب أهميتها النسبية في الناتج المحلي في تحقيق سياسة الأمن الغذائي في سورية.
• أخذ مناطق تقييد التنمية بعين الاعتبار عند إنشاء محاور التنمية وتجنب التعدي على الأراضي الزراعية.
• معايرة دقيقة لخيار تراجع أهمية المحاصيل الاستراتيجية بحجة ندرة المياه.
• تحديث السياسة التصنيعية وذلك عن طريق ربط التصنيع بالزراعة.