السكن العشوائي ... «مُجبرٌ أخوك لا بطل»

السكن العشوائي ... «مُجبرٌ أخوك لا بطل»

لم يكن السكن العشوائي الممتد على مساحة غير قليلة من إجمالي مساحة البلاد وليد الرغبة المحضة لسوريين أعلنوا إصرارهم على العيش بمساكن أقل ما يقال عنها، هو عدم تمتعها بشروط السكن الضرورية، وإنما هي الحاجة، وانعدام البدائل الجدية التي يعجز هؤلاء عن دفع أثمانها، هو الذي دفعهم للعيش في هذه المساكن، وعلى مبدأ «مُجبر أخوك لا بطل»، ولكن الأسوأ من المساكن، 

ومن ما أنتجته من أمراض اجتماعية واقتصادية انعكست على التنمية والمجتمع، هو الحديث الحكومي عن مشاريع لمعالجة ظاهرة كهذه، وتحديدها كمعيق لعملية التنمية الشاملة فقط دون محاولة إيجاد الحلول، فمن قرأ الصحف المحلية في العقد الماضي والعقد الذي سبقه، لا بد وأنه اكتشف تصدّر مشكلة السكن العشوائي الاهتمام العلني للحكومة دون الفعلي، والذي تجري معالجته بقرارات تعسفية في غالب الأحيان، والنموذج في منطقة كالزبلطاني لا يزال شاهداً، فمن هجروا من بيوتهم العشوائية منذ أكثر من خمس سنوات لم تعوض لهم الجهات الرسمية شيئاً، سوى الوعود الكاذبة.

في تقديرات حجم السكن العشوائي بسورية، خلصت دراسة أعدتها المؤسسة العامة للإسكان إلى جود نحو 500 ألف مسكن عشوائي، تقدر قيمتها العقارية الإجمالية بين 300 إلى 400 مليار ليرة سورية، كما بلغ عدد مناطق السكن العشوائي 115 منطقة قبل الأزمة، وتتركز أغلبيتها في دمشق وحلب وحمص، وتركز العشوائيات في هذه المحافظات الثلاث لم يكن وليد المصادفة بالتأكيد، بل كان نتيجة الهجرة المتزايدة منذ بداية عام 1990 من مختلف المحافظات السورية الأخرى إلى هذه المدن الثلاث التي تتميز بحركتها الاقتصادية، وقدرتها على استيعاب عاملين في أسواقها، وهذه الهجرة بنسبها الكبيرة هي التي ساهمت في نشوء مناطق العشوائيات وتوسعها...

هذه الأرقام المؤلمة لم تجد صداها لدى الجهات التنفيذية، لأن البعض منهم وجد في حلها توقفاً لمورد يدر ذهباً لهؤلاء، وهم الشركاء في توسع هذه العشوائيات، ومعاقبتهم واسترجاع ما نهبوه من جيوب السوريين عبر سنوات طويلة، باستغلال حاجتهم لهذه المساكن المخالفة.

اللجوء إلى السكن العشوائي على الرغم من مساوئه شكل البديل الممكن لطالبي السكن، وهو المتناسب مع دخل الشريحة الأكبر من المجتمع السوري، وتخفيض أسعار المساكن بما يتناسب مع مداخيل الأسرة السورية سيشكل حلاً، وهو سيشكل حجر الأساس في معالجة مشكلة السكن في عموم سورية، ووضع حد للتوسع الأفقي والعمودي في السكن العشوائي، فكل التقديرات تشير إلى وجود أكثر من 500 ألف شقة فارغة في سورية، وهي تعادل عدد المساكن العشوائية، والتي أوجدها وسخرها عمالقة الاحتكار في المجال العقاري من أجل المضاربة فقط بهدف الإبقاء على ارتفاع أسعار العقارات فقط..

أسعار العقارات لا تتناسب مع تكاليف إنشاء المساكن، وتشكل أضعاف التكلفة فعلياً، وفرض ضرائب على الشقق الفارغة سيساهمان في تخفيض أسعار العقارات، وفي حل مشكلة التسكين التي يعاني منها السوريون ومن ضمنها مشكلة السكن العشوائي..