مؤشرات التنمية البشرية بتراجع في سورية رغم زيادة حصة الفرد!

مؤشرات التنمية البشرية بتراجع في سورية رغم زيادة حصة الفرد!

أكد تقرير التنمية البشرية للعام 2010 تراجع سورية إلى المرتبة 111 عالمياً ضمن القائمة التي شملت 169 دولة، بينما جاءت في المرتبة 11 عربياً من أصل 17 دولة شملها التقرير، وذلك قياساً بـ107 الترتيب العالمي السابق لسورية في تقرير التنمية البشرية للعام 2009 الذي شمل حينها نحو 180 دولة في العالم، لكن القضية لا تتوقف بالتأكيد عند تراجع سورية هذه المراتب الأربع في دليل التنمية فقط، والتي قد يعتبرها البعض ليست قضية كبرى يتطلب التوقف عندها، فالمشكلة هي في المؤشرات التي يتحدد على أساسها مؤشر التنمية البشرية، والتي تراجعت، وأدى تراجعها أو عدم تقدمها بالشكل المناسب - قياساً بتطور باقي دول العالم - لتراجع الترتيب العالمي لسورية ضمن تقرير التنمية البشرية.

مؤشر التنمية البشرية الذي يتحدد على أساسه الترتيب العالمي لهذه الدولة أو تلك، يشمل عدداً من المؤشرات الجزئية ومن أهمها، حصة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، حجم إنفاق الدولة على كل من الصحة والتعليم، مؤشر عدالة توزيع الدخل (معامل جيني)، مؤشر ارتفاع الأسعار، وحجم الدين العام... وغيرها من المؤشرات الأخرى المؤثرة في الترتيب الكلي، وبالتالي فإن تراجع سورية في الترتيب العام يعني تراجع عدة أو جميع المؤشرات السابقة التي تمس بشكل مباشر حياة المواطن السوري ومستوى معيشته..

ماذا يقول التقرير الدولي؟!

أشار تقرير التنمية البشرية الأخير إلى أن الناتج المحلي الإجمالي في سورية يبلغ نحو 55.2 مليار دولار الذي يساوي 94.2 مليار دولار عند معادلة هذا الناتج المحلي بالقوة الشرائية للدولار، وتصل حصة الفرد النظامية (قبل معادلتها بالدولار) من الناتج المحلي الإجمالي إلى 2769 دولار، بينما تصل حصة الفرد مقارنة بالناتج المعدل 4760 دولار.

وأكد التقرير أن نسبة العمل النظامي في سورية تقدر بـ57.5% من مجموع العاملين، مقارنة بـ42.5% للعمل غير المستقر، مشيراً إلى أن نسبة العاملين بلغ نحو 46.6% في العام 1991 قياساً إلى مجموع سكان سورية، بينما قدرت هذه النسبة بنحو 44.8% في العام 2008.

وأوضح التقرير أن متوسط تغير أسعار المستهلك بلغ نحو 5.9% وذلك بين العام 2000 – 2008.

أما بالنسبة لحجم إنفاق الدول على الصحة مقارنة بناتجها المحلي الإجمالي، فقد أتت كل من سورية والأردن في المرتبة السابعة والثامنة عربياً بنسبة إنفاق على الصحة 4.9%، بينما لم تتجاوز نسبة الإنفاق على التعليم 1.6% في سورية، وذلك مقابل 1.5% نسبة الإنفاق اليمني على الصحة، و1.3% نسبة إنفاق السودان على الصحة قياساً بالناتج المحلي الإجمالي، واللتين حلتا في آخر القائمة العربية بنسبة الإنفاق على التعليم.

المتوسط السنوي لمعدل نمو دليل التنمية البشرية بين العام 1990 – 2010

الترتيب

 

الدولة

 

معدل نمو دليل التنمية البشرية بين

 1990 – 2010

1

 

السودان

 

1.47%

 

2

 

تونس

 

1.30%

 

3

 

الجزائر

 

1.16%

 

4

 

السعودية

 

0.96%

 

5

 

الأردن

 

0.94%

 

6

 

الإمارات

 

0.81%

 

7

 

ليبيا

 

0.79%

 

8

 

البحرين

 

0.72%

 

9

 

سورية

 

0.63%

 

تراجع الإنفاق على الصحة والتعليم

وفق تقرير التنمية البشرية للعام الماضي، كان متوسط تغير الأسعار بحدود 4.1% بين الأعوام 1990 – 2007، بينما بلغ هذا المتوسط نحو 3.9% بين الأعوام 2005 – 2007، وذلك بحسب تقرير التنمية البشرية للعام 2008.

حسب تقرير التنمية البشرية للعام الماضي، وصل متوسط الإنفاق العام على التعليم إلى 3.9% من الناتج المحلي السوري في العام 1991، وفي المقابل، بلغت حصة الإنفاق الحكومي على الصحة 245 دولاراً للفرد الواحد بعد تعادل الناتج المحلي بالدولار في العام 2004، وهذا يؤكد – بالأرقام - تراجع اهتمام وإنفاق الحكومة السورية بمعظم مؤشرات التنمية البشرية، والناتج عن تدني معدل نمو دليل التنمية الذي يتجاوز 0.5% بقليل، بالإضافة إلى تراجع حجم الإنفاق الحكومي على الصحة والتعليم، على الرغم من الزيادة الاسمية لحصة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، وهذا يطرح التساؤل الأساسي حول مدى أهمية هذه الزيادة الشكلية في حصة الفرد من الناتج المحلي ما دامت باقي مؤشرات التنمية البشرية في تراجع واضح!.

استنتاجات

مما سبق يمكن استنتاج ما يلي:

• تدني نسبة الإنفاق على التعليم بنحو 2.3% من الناتج المحلي الإجمالي في سورية بين العام 1991 - 2008، وهذا يعني تدني الاهتمام بالتعليم ونوعيته، خصوصاً وأن سورية حلت في المرتبة 15 عربياً بالإنفاق على التعليم.

• الإنفاق الحكومي على صحة المواطن السوري الواحد وصل إلى 245 دولاراً بعد معادلة الناتج المحلي بالدولار في العام 2004، لكنه، وانطلاقاً من حجم الناتج المحلي الإجمالي البالغ 94.2 مليار دولار بعد معادلة هذا الناتج المحلي بالقوة الشرائية للدولار، نصل إلى أن حجم الإنفاق الحكومي الكلي على الصحة يصل على 4.6158 مليار دولار (4.9% من الناتج المحلي المعدل)، وهذا يوصلنا إلى أن الإنفاق الحكومي على صحة المواطن السوري لم يتجاوز 230 دولاراً للفرد الواحد، وبهذا تسجل حصة الفرد السوري «الصحية» تراجعاً 6.5% (15 دولاراً).

• تعتبر سورية أدنى الدول العربية مجتمعة في المتوسط السنوي لمعدل نمو دليل التنمية البشرية، حيث تتجاوزها البحرين في معدل النمو بنحو 25%، بينما تصل هذه النسبة في كل من الإمارات، وليبيا، والسعودية، والأردن إلى ما يتراوح بين 30 – 50%، بينما يصل فارق معدل نمو دليل التنمية البشرية إلى 100% في تونس والجزائر، ويقفز  إلى ما يقارب 130% في السودان.

• لم يرتفع نصيب الفرد السوري من الناتج المحلي الإجمالي إلا بنسبة 5.5%.

• من الملاحظ ارتفاع نسبة متوسط تغير أسعار المستهلك مقارنة بالأعوام السابقة، حيث فاق معدل نموه نسبة 35%، وذلك مقارنة بنسبة متوسط تغير الأسعار بين الأعوام 2005 – 2007، وهذا يعكس تسارعاً في نسب التضخم التي تشهدها السوق السورية بشكل متزايد.