الهوة كبيرة بين رقم التضخم الرسمي والفعلي.. التباين يتطلب من المركزي للإحصاء تدقيق أرقامه ومراجعة حساباته

الهوة كبيرة بين رقم التضخم الرسمي والفعلي.. التباين يتطلب من المركزي للإحصاء تدقيق أرقامه ومراجعة حساباته

يعتبر بعض الاقتصاديين أن هناك تضخماً محبباً ينشط الأسواق ويحركها، وينشلها من الركود، لكن هذا النوع من التضخم لم يشهده الاقتصاد السوري يوماً، فالأسواق تعيش حالة من الجمود ما تزال ممتدة منذ سنوات طويلة، وأرقام التضخم «المعلنة» تعتبر عالية نسبياً، على الرغم من كونها لا تعبر عن أرقام التضخم الفعلية، فبماذا يمكن أن نسمّي أرقام التضخم الحقيقية إذاً؟! هذا التضخم الذي ينعكس ارتفاعه أو انخفاضه على مستوى معيشة السوريين، وأعبائهم الاقتصادية، خصوصاً إذا لم يواكبه ارتفاع في الرواتب والأجور بما يوازيه بالحد الأدنى، وتعد المقارنة بين هذين الرقمين ضرورة للوصول إلى رقم تضخم أكثر دقة.

 

 

الأرقام القياسية للأسعار الرسمية و الأرقام القياسية الفعلية لكل من أسعار الذهب، والإيجار، واللحم  خلال الفترة (2000-2009م) حسب سنة الأساس  2000 = 100      

 

التضخم حسب الأرقام الرسمية التي يعلنها المكتب المركزي للإحصاء توصلنا إلى أن التضخم الإجمالي بلغ خلال الفترة الواقعة بين 2000 – 2009 نحو 166% فقط، أي أنه – ووفقاً للأرقام الرسمية -  يتوجب أن لا تكون الأسعار قد ارتفعت إلا بهذه النسبة المعلنة، بينما نلاحظ في الواقع أن معظم أسعار السلع الاستهلاكية قد ارتفعت بنسب تصل إلى الأضعاف، لذلك تمت المقارنة بين أرقام التضخم المعلنة والفعلية، بعد اختيار ثلاثة مكونات رئيسية، وهي: الإيجارات التي تشكل 22% من مكونات السلة الاستهلاكية، واللحمة التي تعد إحدى المكونات الرئيسة للغذاء الذي يشكل بدوره 42% من سلة الاستهلاك، وكذلك الذهب كمعادل عام لكل السلع.

الرجوع إلى الوراء لعشر سنوات، يؤكد أن وسطي أسعار إيجار السكن في بعض الأحياء الشعبية بمدينة دمشق ارتفع  بشكل فعلي من 4000 ليرة في العام 2000 ليصل إلى نحو 11 آلف ليرة سورية في العام 2009، أي أن أسعار مكون السكن - الذي يشكل ربع سلة الاستهلاك تقريباً - ارتفعت بنسبة 275% خلال الفترة الواقعة بين 2000 - 2009، علماً أنه تم قياس نسبة التغير في الأسعار أو في عملية حساب التضخم بشكل تراكمي قياساً بالتغير السنوي، استناداً إلى سنة أساس، وليس بشكل إجمالي.

وبالانتقال إلى الذهب، نجد أن وسطي الأسعار الفعلية لغرام الذهب ارتفعت خلال الفترة الواقعة بين 2000 – 2009 من 408 ليرة سورية في العام 2000 لتصل إلى ما يقارب 1310 ليرات سورية في عام 2009، أي أن وسطي نسبة الارتفاع الفعلية لأسعار الذهب وصلت إلى 321% بين العام 2000 – 2009.

أما بالنسبة لمادة اللحمة، فإننا نجد أن السعر الحقيقي للكيلوغرام الواحد من لحم الغنم في بعض أحياء دمشق الشعبية ارتفع من 250 ليرة في العام 2000، ليصل إلى 800 ليرة في العام 2009، أي أن وسطي نسبة الارتفاع في أسعار اللحمة تجاوز 320% خلال الأعوام التسعة السابقة.

وفي النتيجة، نصل إلى أن الارتفاعات التي شهدتها أسعار هذه السلع الثلاث – يعطينا مؤشراً تقريبياً على وسطي ارتفاع أسعار سلة الاستهلاك بشكل عام، والذي وصل خلال هذه الأعوام المدروسة (2000 – 2009) إلى 305%، أي أن الفارق بين أرقام التضخم الرسمية وارتفاعات الأسعار الفعلية في الأسواق وصل إلى 138%!.. وهذا ليس بفرق طبيعي بالتأكيد، ويتطلب من المكتب المركزي للإحصاء مراجعة حساباته وتدقيق أرقامه، إن لم نقل تصحيحها وتغييرها بشكل جذري!..