بين التلوث في شركة الأسمدة وتلوث الضمائر أشكال الإهمال المتعمّد لمؤسسات القطاع العام كثيرة، وفي شركة الأسمدة أوجدت الحلول، وطُبقت وتم التراجع عنها
منذ سنوات طويلة وحديث التلوث الذي تسببه الشركة العامة للأسمدة في الصحافة وفي مذكرات ترفع إلى الجهات الوصائية تطالب بنقل الشركة من موقعها الحالي إلى جهة صحراوية باتجاه تدمر.الشركة كما يقال تلوث الأراضي والشجر والمياه وبحيرة قطينة وتتسبب في أمراض عديدة أبرزها:السرطانات والالتهابات والتحسس.
الهدر الكبير
طبعاً لا نشك في أن الشركة تسبب التلوث فعلاً وهذا التلوث يكلف الشركة سنوياً مبالغ كبيرة تصل إلى مئات الملايين من الليرات السورية تعويضاً لأصحاب الأراضي المجاورة للشركة، وهذا حق طبيعي لأصحاب الأرض، والسؤال: لماذا لا تشتري الشركة هذه الأراضي عوضاً عن دفع مبالغ سنوية، هذا إذا ما اعتبرنا بأن التلوث لا يمكن تجنبه؟؟
تقارير ميتة
حدثني مهندس كيمياوي في الشركة قال: إن ما قامت به إدارة الشركة قبل أكثر من عشر سنوات كان يتجه إلى دراسة أسباب التلوث ووضع الحلول المناسبة له وتنفيذها على أرض الواقع وذلك بتحسين مردود المعدات والتجهيزات عن طريق الصيانة المبرمجة والعلمية وتحسين ظروف التشغيل والاستثمار ورفع مردود التمويل للعمليات الكيميائية المختلفة وتشديد الرقابة على التحاليل المخبرية واعتمادها كدليل أساسي لمراقبة النتائج وتطوير العمل.. وهذا يؤدي إلى زيادة كمية الإنتاج ونوعيته وخفض الكلفة لواحدة المنتج ويوفر ملايين الدولارات المطلوبة لمعالجة نتائج التلوث. وسؤال المهندس، هل نفذ ما تتحدث عنه وما هي الإجراءات التي اتخذت يقول: «تبين التقارير الموقعة من قبل ما يزيد عن مئة عنصر من فعاليات الشركة حجم التلوث الذي تم السيطرة عليه وذلك عن طريق معالجة الأسباب التي أدت إلى ظهوره.»
إجراءات عملية وحقائق عملية
تخفيض استهلاك الغاز الطبيعي بحدود 2000م3سا نتيجة لوضع غاز الكسح بالخدمة.
توفير كمية كافية من CO2 نتيجة إصلاح الصمام الخاص في قسم الأمونيا.
تخفيض استهلاك الغاز الطبيعي في المراجل بحدود 1500 م3سا نتيجة لضبط تهريب البخار وتخفيض الاستهلاك.
منع تهريب الأمونيا من صمام أمان خزان الأمونيا نتيجة لاستمرارية عمل ضواغط دارة يورك.
تخفيض الهدر من مادة الأمونيا في قسم اليوريا نتيجة لوضع المكثف المنعكس في الخدمة.
تخفيض استهلاك المواد الكيميائية في دارة كارسول نتيجة ضبط شروط التشغيل.
الإقلال والحد من التلوث المائي حيث يصبح شبه معدوم إن لم يكن معدوماً وذلك بإعادة استخدام المياه المطروحة من باقي معامل الشركة في معمل ت س ب.
وفر كبير في استهلاك المواد الأولية المعالجة حيث يتم استرجاع كمية 200 ــ 300م3سا مياه نظيفة إلى المرسبات مواصفاتها قريبة جداً من مواصفات المياه المفلترة كانت تذهب إلى البحيرة الأمر الذي يوفر مواد أولية لمعالجة هذه الكمية.
إجراء صيانة لأبراج التبريد في قسم حمض الكبريت ووفر بالمياه الصناعية التي كان يتم التعويض بها لتخفيض درجة الحرارة وتقدر الكمية التي تم توفيرها بحدود 300م3سا.
تجميع المياه النظيفة المتفرقة من الأقسام وإعادتها إلى المرسبات للاستفادة منها في العملية الإنتاجية وتحويل جزء من مياه المرفأ الفنية بـ P2OS إلى المفاعل لتحسين مواصفات المعلق وتوفير 80م3سا مياه صناعية.
تخفيض كمية كهرباء اللازمة لوحدة المنتج تقارب 20%.
وفورات كبيرة
هذا بعض ما تم إنجازه لمكافحة أسباب التلوث وقد أورده المهندس الكيميائي على سبيل المثال لا الحصر، ويقول: «إن قيمة هذه المواد الملوثة التي تم حجب تأثيرها عن البيئة تقدر بمئات الملايين من الليرات السورية تم توفيرها. فإضافة لتوفير أضعاف هذا المبلغ الذي كان بحاجة له لمعالجة النتائج التي يمكن أن يسببها التلوث.»
ويتابع: «أن أكبر معامل الأسمدة في مصر موجود في قلب مدينة المنصورة ومع ذلك لا يوجد تلوث خارج المعايير المسموح بها عالمياً.»
هذه الإجراءات طبقت لمدة عام أو عامين ولم تعد تطبق ليعود التلوث وليشمل الأرض والمياه والشجر والبشر ولتعود الشركة إلى خسارة مليار ل.س سنوياً بعد أن كانت رابحة من خلال هذه الإجراءات. لتعود الشركة بقرة حلوب لبعض المدراء الذين تواكبوا عليها للتجار وللسماسرة المتدافعين على أبوابها للفوز في صفقات مختلفة والتي تقدر سنوياً بالمليارات، من الأكياس إلى قطع التبديل، والإنتاج... لتتحول هذه الشركة إلى بقرة حلوب لسماسرة الهدر، ولم تتم مساءلة أحد، عن التلوث، والفساد والهدر. وتبقى حتى الآن الشركة مُخسرة، ومُلوّثة، ويستمر استيراد السماد بالمليارات..