الحليب السوري «ميزة نسبية».. والحكومة تستورد الحليب المجفف

الحليب السوري «ميزة نسبية».. والحكومة تستورد الحليب المجفف

تتعدد المزايا النسبية منها والمطلقة في سورية، وتستمر كذلك مظاهر الهدر وإضاعة الفرص والإمكانيات الكامنة في الاقتصاد السوري، والتعامل معها بالحد الأدنى بشكلها الخام دون تفعيلها بالشكل الذي يتيح خلق قيم مضافة أعلى من خلال التصنيع

وبينما تضغط الأزمة الاقتصادية الراهنة باتجاه تفعيل كل الإمكانيات المتاحة، تبقى بعض القطاعات التي من الممكن أن تساهم مساهمة اقتصادية اجتماعية هامة، خارج الاهتمام.. وإنتاج الحليب كإحدى مكونات السلة الغذائية الرئيسية، إحدى هذه المشاريع حيث يتيح التركيز عليه خلق حلقات ربط متعددة بين مربين ومنتجين ومستهلكين، وأوسع من ذلك إلى معامل صغيرة للتجفيف بالإضافة إلى عمليات النقل، سلسلة من المشاريع الصغيرة والتشغيل التي يسمح بها القطاع المهمل في سورية إذا ما تم الالتفات إليه..

حليب الأبقار الطازج

حليب الأبقار في سورية ميزة نسبية حسب الدراسات، حيث تحتل سورية المركز الثالث في إنتاج الحليب بعد السودان ومصر، ويشكل إنتاج الحليب 41% من قيمة إجمالي الناتج الحيواني و 15.5% من إجمالي قيمة الناتج الزراعي، وعلى الرغم من ذلك تشير الإحصائيات إلى أن الألبان ومنتجاتها تحتل مركزاً متقدماً في قائمة السلع الغذائية المستوردة.

 ويعد قطاع تربية الماشية الحلوب من القطاعات المهمة التي من شأن رفع معدلات الإنتاج فيه النهوض بالقطاع الزراعي وتحقيق معدلات نمو أعلى فيه. يلعب قطاع الإنتاج الحيواني دوراً أساسياً في الاقتصاد الوطني لأنه يعتبر مصدراً أساسياً للاستهلاك الغذائي للفرد ولتأمين الطاقة ولتوليد الدخل خاصة في البادية السورية كما يساهم بنسبة 15%من الصادرات الزراعية. يخلق قطاع الحليب فرصاً لزيادة دخل المزارع خاصة في حال الأسعار المناسبة لأن الفلاح يستخدم المنتجات الثانوية للمحاصيل بعد الحصاد في تغذية حيواناته، كما أن هناك أهمية خاصة للحليب في نظام الغذاء السوري بسبب مكوناته الغذائية.

يعتبر حليب الأبقار المصدر الأول للحليب الطازج من أجل الاستهلاك البشري في سورية بالمقارنة مع مصادر الحليب الأخرى، ويتم توريد أكثر من 60% من الحليب إلى أسواق المناطق الحضرية الرئيسة في أوعية مفتوحة للمستهلكين مباشرة عن طريق سلسلة من باعة الحليب أو تجار الحليب الذين يحصلون عليه من مزارع الأبقار الصغيرة الواقعة على أطراف المدن.

عندما يتناقص المعروض من الحليب في الشتاء فإن معامل تصنيع الحليب تتحول إلى استخدام حليب البودرة لتغطية حاجة السوق المحلية ولضمان استمرار نشاطها. إن استهلاك الحليب يتبع الإنتاج وإن تنبؤ سوق الحليب بفرض زيادة قدرها 1 في معدل نمو السكان واستهلاك الفرد سوف يظهر عجزاً قدره 540 ألف طن مما يؤدي إلى انخفاض معدل الاكتفاء الذاتي إلى 78.6%، وسوف يغطى هذا العجز من خلال استيراد حليب البودرة، حيث أن معظم هذه الكميات تستعمل من أجل تغذية الأطفال والتصنيع في المعامل، لذلك فإنه من الضروري تحسين الإنتاج المحلي كي يقابل تزايد الطلب خصوصاً على الحليب الطازج.

 وتثبت الدراسات أن هناك ميزة نسبية في إنتاج الحليب المحلي بالمقارنة مع حليب البودرة المستورد بسبب الأسعار المرتفعة لحليب البودرة.

الحليب المصنع محلياً يثبت كفاءته

لقد تم حساب سعر المساواة من أجل مقارنة الحليب المعقم والمصنع من بودرة الحليب المستورد مع الحليب السائل المصنع من الحليب المحلي الطازج لمعرفة أيهما أكثر كفاءة، وتم اختيار الحليب المعقم باعتباره الشكل التجاري الأكثر استخداماً في حالات الاستيراد والتصدير نظراً لأن الحليب المعقم يتمتع بمواصفات تبقيه قابلاً للاستهلاك لمدة ثلاثة أشهر من تاريخ التعبئة وتبين أن القيمة المضافة والتي حسبت عن طريق طرح المدخلات القابلة للتجارة من العوائد بلغت نسبتها من العوائد الكلية 49 % على مستوى المزرعة و 98% عند جامع الحليب و 53 % للمعمل.

ولاحظنا أن الحليب المعقم والمصنع محلياً يحقق ربحاً معقولاً وبالتالي يمكننا تأمين حاجاتنا من الحليب محلياً بدل من استيراد بودرة الحليب، وتوفير الأموال المخصصة للاستيراد والمقتطعة من الدخل القومي في الاستثمار الداخلي وتوظيفها في زيادة القيمة المضافة للاقتصاد وزيادة الأرباح وتأمين فرص عمل وبالتالي المساهمة ورفع معدلات النمو والتنمية .

بالمقابل نجد أن هذه المبالغ تذهب على شكل أرباح تستفيد منها الشركات في الدول المصدرة على حساب الاقتصاد الوطني .

نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي

تقترح دراسات اقتصادية تطبيق بعض الإجراءات التي من شأنها أن تحقق تحسناً في مجال تصنيع منتجات الألبان ومن تلك الإجراءات:

تشجيع وتحسين زراعة المحاصيل العلفية الاقتصادية والرابحة لتخفيض تكاليف التغذية لأنها تشكل 23 % من التكلفة الكلية.

 تعزيز وتطوير صناعة العبوات لأن تكلفة التعليب تشكل 17 % من مجمل التكلفة.

 تشجيع استخدام تقنيات الحليب الحديثة وتأسيس مراكز لتجميع الحليب لتخفيض الحمولة الجرثومية للحليب وتجنب الخسائر.

 استخدام وسائل النقل المناسبة الصهاريج المبردة لتحسين نوعية الحليب الموزع.

 تحسين الصناعات الريفية الخاصة بالألبان.

 تحسين المعلومات التسويقية عن طريق تأسيس قاعدة بيانات مناسبة.

 تحسين الخدمات البيطرية وتأمين الأعلاف بالإضافة إلى تشجيع تأسيس الشركات الحديثة لصناعة الأعلاف.

تقييم كفاءة القروض والاستثمارات وتقديم القروض للصناعات الريفية وزيادة القروض الطويلة الأجل.

 تشجيع تأسيس الشركات المتخصصة في التسويق وتحسين خدمات الإرشاد والأبحاث وتعزيز السياسات والأبحاث التسويقية.

 إعادة تنظيم حجم الحيازة للاستفادة من وفورات السعة- زيادة الإنتاجية- وتخفيض التكاليف.