جمعية اللحّامين تكشف ماخفي في المهنة..

جمعية اللحّامين تكشف ماخفي في المهنة..

تعتبر الجمعية الحرفية للحامين من المفاصل الهامة لارتباطها بغذائنا اليومي بشكل أساسي، حيث تجمع بين 14 مهنة من باعة لحم الفروج والغنم والعجل والحبش والسمك وغيرها بمختلف أشكال البيع

ويعد ما تقوم به هذه المهن وما تملكه من خبرات وآراء فيما يتعلق بثروتنا الغذائية وعاداتنا الاستهلاكية جانباً هاماً لا يجوز التهاون معه أو غض النظر عنه في اتخاذ القرارات، فالدخول في عالم الحرفة ذاتها يسهم في معرفة اتجاه القرار وتداعياته الإيجابية والسلبية، إضافة لفضح ممارسات البعض المؤذية للصحة العامة بشكل مباشر وغير مباشر..

اللحامون في دمشق..

وتضم جمعية اللحامين في دمشق 796 حرفي مسجل،  من بين 4 آلاف حرفي عموماً يعملون في 14 مهنة.

(قاسيون) التقت رئيس جمعية اللحامين في دمشق محمد بسام درويش، الذي حدثنا عن  أبرز الصعوبات التي تواجهها حرفة اللحامة في الوقت الحالي، بقوله إن «صعوبة النقل بين مناطق التربية ودمشق وقلة الأمان على الطريق سببت لنا التكاليف المرتفعة، حيث باتت الشاحنة التي تنقل الغنم على سبيل المثال تطلب مبلغ 30 ألف ليرة بعد أن كان لا يتجاوز الأربعة آلاف ليرة في السابق، إضافة لانتشار التهريب بشكل أكبر من السابق إلى دول الجوار مثل تركيا والأردن ولبنان..»

العرض والطلب..

تتركز مناطق تربية الأغنام في ريف حماة وحلب ودير الزور، أما حمص ومصياف فتشكلان نسبة 60% من كميات الفروج الواردة لدمشق ودرعا نسبة 40%. بيّن درويش أن «الكميات التي تدخل مدينة دمشق لم تنقص، خاصة عند مقارنتها بالطلب، حيث تناقص الطلب على اللحوم بسبب ارتفاع أسعارها، وبذلك لم يشكل انخفاض الكميات فجوة في السوق، لكن عموماً انخفضت أعداد الذبائح اليومية بشكل تدريجي من 10آلاف رأس غنم إلى 4 آلاف، والعجل بات يذبح بمعدل 200 رأس يومياً».

وفيما يخص نسب استهلاك أنواع اللحوم في دمشق، أوضح رئيس الجمعية أن «استهلاك لحم العجل بات يقارب نسبة استهلاك لحم الغنم ويصنفان بالمرتبة الأولى، بينما يشكل استهلاك لحم الدجاج المرتبة الثانية بنسبة 40%، ويقاربه لحم الجاموس، فيما تتراوح نسبة استهلاك السمك بين 20-30% حسب ارتفاع وانخفاض سعره، وأخيراً يستهلك لحم الحبش بنسبة 10% من إجمالي استهلاك اللحوم».

سهولة التهريب ..صعوبة الظروف

أما عن أماكن الذبح في ظل الأوضاع المتوترة، قال بسام درويش « يتم الذبح في الوقت الحالي وكظرف إسعافي في المحلات وفي ضواحي المدينة، بهدف تأمين المادة للسوق، فالمسلخ وسوق الجملة بمنطقة الزبلطاني مغلق بسبب الأوضاع، كما أن مناطق وصول الأغنام من المناطق الشمالية تغيرت وانحصرت بمكان واحد بعد أن كانت في عدرا، كل هذا يجري التعامل معه بشكل استثنائي كي لا تحدث فجوة بين العرض والطلب».

وعن استهلاك اللحوم المستوردة، أشار درويش إلى أن «انخفاض سعر اللحوم المستوردة مقارنة باللحم البلدي شجع على استهلاكه بشكل كبير، إلا أن المشكلة الأساسية هي طريقة دخوله غير النظامية عبر التهريب بسبب عدم وجود تسهيلات للاستيراد وفرض الرسوم الجمركية المرتفعة، يلجأ التجار لتهريبه، وهذا بدوره يخلق مشكلة أساسية ثانية وهي صلاحيته للاستهلاك البشري وسلامته الغذائية غير المراقبة، فحالياً على سبيل المثال ستصل شحنة من لحم الجاموس المبرد بحجم 2300 طن عبر البحر».

منوهاً إلى أن «كل اللحوم المجمدة في السوق هي مهربة، لذلك لا بد من معالجة القضية بتسهيل الاستيراد وإعفاء اللحوم من الرسم الجمركي بما يضمن دخولها نظامياً ومراقبتها صحياً، وعندها يمكن تخصيص محلات لبيع هذه اللحوم، وتتنوع الخيارات أمام المستهلك بطريقة واضحة للاختيار حسب الجودة والسعر المناسبين».

وحذر درويش من شراء اللحوم المفرومة مسبقاً بغياب الزبون، فضلاً عن ضرورة الانتباه لتاريخ اللحم المجمد المستورد والتي لا تزيد عن 3 أشهر، علماً أن مدة شحنها لتصل إلى البلد تصل إلى الشهر.

اللحمة في ظل الأزمة..

وحول تأثير الأزمة على ممارسة العمل، قال درويش إن «الحرفيين في المناطق المنكوبة توقفوا عن العمل بالكامل، إما بسبب إغلاق المناطق أو دمار المنشآت كلياً أو جزئياً، ومن واجب الحكومة تقديم الدعم لهم عن طريق منحهم قروضاً دون فوائد أسوة بالقروض الزراعية التي تمنح للفلاحين، مع تحديد ضمانات معينة لها، بما يشجع الحرفي ويساعده لبدء العمل مجدداً وتعويض الخسارة الكبيرة التي لحقت به، إضافة لما يتعلق بموضوع الاستيراد والتسهيلات في النقل المرتبطة بشكل أساسي بالصحة والسلامة العامة»، مضيفاً إن « الحكومة أصدرت مؤخراً قراراً بإعفاء الحرفيين الذين توقفت منشآتهم عن العمل من الضريبة».

ووافقت الحكومة السورية مؤخراً على توصية اللجنة الاقتصادية المتضمنة السماح باستيراد مادة الفروج المجمد بطريقة المقايضة لكمية 200 - 500 طن من الجمهورية الإسلامية الإيرانية، عن طريق المؤسسة العامة للدواجن، وتسليمها إلى بعض مؤسسات الدولة، وذلك بناءً على طلب وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي.

كما تضمنت الموافقة، تكليف المؤسسة العامة للدواجن بإنزال الكميات المقابلة للكميات المستوردة إلى الأسواق المحلية بما يسهم في توفير كمية أكبر من الفروج المجمد في الأسواق.

الأسعار

بلغ سعر كيلو لحم الغنم 1500 ل.س، بعد أن كان 750 ل.س، ووصل سعر كيلو لحم العجل إلى 900 ل.س، وكيلو الفروج المذبوح إلى 275 ل.س، (سعر كيلو الدبوس والوردة  325 ل.س، وكيلو الشرحات بـ 525 ل.س، والجوانح 225 ل.س، والسودا بـ400 ل.س)، وكيلو لحم الحبش بـ 700 ل.س، والسمك الطازج إلى ألف ليرة تقريباً، مقارنة بسمك الهامور المثلج والمستورد الذي يباع حالياً بـ375 ل.س متأثراً بارتفاع الدولار بعد أن كان سعره سابقاً 270 ل.س.

الحذر واجب.. ممارسات غش اللحوم.. وسائل «مبتكرة»

يفتح تهريب اللحوم بوابة أساسية لغش هذه المادة الغذائية الهامة، حيث أن مصدر اللحوم المهربة  هي لحوم صلاحيتها شارفت على الانتهاء في دول الخليج مثلاً، يتم إرسالها إلى لبنان وتهرب للسوق السورية عبر الجبال، وتمت الموافقة عام 2007 بعد مراسلة جمعية اللحامين للحكومة على استيراد لحوم مستوردة مجمدة، حيث سمحت وزارة الاقتصاد والتجارة باستيراد لحم الجاموس من الهند، بعد طلب مقدم من اتحاد غرف التجارة، بشرط الالتزام بشروط الذبح على الطريقة الإسلامية، برقابة من لجان فنية متخصصة قبل الاستيراد.

قال رئيس اتحاد الحرفيين في دمشق مروان دباس إن «أساليب غش اللحوم كثيرة ومتنوعة، أولا لحم الجاموس الذي لا يتجاوز سعره 350 ليرة، كان يباع بـ 190 وتم استيراده بدولار لكل كيلو، يتم حالياً استخدامه للغش نظراً لارتفاع أسعار اللحوم البلدية وتهريب الثروة الحيوانية بأعداد كبيرة للخارج».

وفصّل دباس طريقة الغش قائلاً « يسلط الهواء على لحم الجاموس المثلج حتى يتفكك، ويستعمل في المطاعم ويضاف للكباب، ويستعمل في مطاعم المعجنات، دون أن يتمكن المواطن من تمييزه بسبب البهارات المضافة إليه لتمويه الطعم».

وتابع دباس «يتم إضافة الصباغ والملونات للحم العجل بعد خلطه بأنواع أخرى»، كاشفاً إن «بعض ضعاف النفوس يقومون بعمليات بسيطة بزرع أو تركيب الأعضاء الذكرية لإناث الغنم وبيعها بكميات كبيرة وبسعر رخيص، فتصل أرباح اللحام يومياً إلى 5 آلاف ليرة سورية، بعد أن كان ربحه حوالي 500 ليرة سورية في الذبيحة، أو يتم خلط لحم الغنم مع لحم فخذ الحبش الأرخص ثمناً».

وعن غش الفروج، بيّن رئيس اتحاد الحرفيين في دمشق أنه «يجري حالياً غش الفروج بطرق مبتكرة انتشرت بشكل واسع، عن طريق حقنه بالمياه، بحيث لا تتسرب المياه منه ولا يكشف الغش إلا عند طهي الفروج وشويه، فيقل وزن الفروج بمعدل أوقية ونصف تقريباً».

وبالنسبة للفروج المشوي، قال دباس إن «وزن الفروج المشوي كان محدداً بـ1550 غ سابقاً، وتم تخفيضه إلى 1300 غ، على أن يباع بسعر 600 ل.س، لكن المطاعم تتلاعب بالوزن وتبيع الفروج بوزن لا يتجاوز 1 كيلو بسعر 800 ل.س».

«رزق الله ع الخمسينيات».. قاعدة اللحمة والأجر

اللحمة في الخمسينات وقبل وجود مؤشر يقيس مستوى التضخم، أي سلة الأسعار الغذائية كانت تعتبر مقايس للحد الأدنى للأجور، فكان سعر كيلو اللحمة يعادل أجر العامل السوري باليوم.. أي بتعبير أبسط كان أجر العامل الكفيل باستمرار عملية التغذية الصحية بالحد الأدنى لمعيل أسرة يحدد بـ 30 كغ لحمة أغنام شهرياً..

فإذا ما بسّطنا هذه القاعدة بأنه في الخمسينات كان الحد الأدنى للأجور يتحدد بـسعر 30 كغ لحم غنم شهرياً.. فكم يبتعد الحد الأدنى للأجور في سورية والذي بلغ في عام 2011: 9700 ل.س تقريباً عن الحد الأدنى لأجر العامل السوري في الخمسينات..!!

نستنتج أن الحد الادنى للأجور في العام الماضي يحتاج إلى 100% زيادة كي نقترب من أجور الخمسينات، بينما يحتاج في عام 2013 مع الارتفاع في مستوى الأسعار العام إلى 250% زيادة تقريباً.. فقط كي نبلغ الأجر الحقيقي في خمسينات القرن الماضي..

فأعيدونا للخمسينيات..