ربط مستوى الدخل بأسعار المحروقات والكهرباء مع دول الجوار يعرّي حقيقة الدعم  الحد الأدنى للرواتب في لبنان 3 أضعاف سورية.. والأجور في الأردن 5 أضعاف مثيلاتها لدينا!

ربط مستوى الدخل بأسعار المحروقات والكهرباء مع دول الجوار يعرّي حقيقة الدعم الحد الأدنى للرواتب في لبنان 3 أضعاف سورية.. والأجور في الأردن 5 أضعاف مثيلاتها لدينا!

منذ أشهر عدة، والحكومة تسرب عبر بعض الصحفيين المقربين منها سيناريوهات لرفع وتحرير أسعار الكهرباء والمشتقات النفطية، ولكنها لم تكن تجرؤ على الاعتراف بخطتها المزمعة لرفع الأسعار، وكانت تصرُّ على نفي إمكانية تطبيق سيناريوهات كهذه، والمفاجئ،

 هو البدء الفوري بتطبيق رفع أسعار المشتقات النفطية بعد انتخابات مجلس الشعب، بعدما اصبحت الحكومة بحكم المستقيلة استناداً إلى الدستور الجديد، وهذا يطرح علامات استفهام عدة، حول أسباب هذا التسرع في تنفيذ سيناريوهات جرى الحديث عنها في أوقات سابقة وأصرت الحكومة على نفيها؟! وهل الهدف من تلك الإجراءات هو حصر حكومة الوحدة الوطنية المزمع تشكيلها في زاوية ضيقة تبدو معها غير قادرة على فعل شيء؟! ولم الإصرار الحكومي على تطبيق سيناريوهات خاطئة نفذتها الحكومة السابقة وأضرت بالاقتصاد الوطني؟!

أسئلة مشروعة

كهرباؤنا الأرخص مقارنة بدول الجوار، مقولة واظبت وزارة الكهرباء الحديث عنها، لتستند إليها في تمرير سيناريوهات رفع أسعارها، ونحن لا ننكر أن أسعار الكهرباء لدينا ارخص من الأردن أو لبنان مثلاً، ولكن ليس بنسب كبيرة، هذا أولاً، كما أنه، ومن جانب آخر، من حقنا التساؤل: هل هذه الدول تنتج الكهرباء محلياً أم تلجأ لاستيراده من الخارج؟! والذي يتوقف على أساسه بحث تكلفة إنتاجه، وتسعيره اللاحق بالسعر العالمي أو بالتكلفة المحلية الأدنى بالضرورة؟! والاهم في كل ذلك: ما هو متوسط الأجور والرواتب في دول الجوار مقارنة بمتوسط الأجور في سورية؟! والتي تتخذها الحكومة ذريعة لتبرير سلوكها المشبوه باتجاه رفع الدعم!..

المؤشر الحقيقي

لا يختلف اثنان على أن الاردن ولبنان قد حررا أسعار الطاقة منذ سنوات، وبالتالي، فإن أسعار المحروقات لديهم تتبع السعر العالمي، وخاصة أنهم يستوردون كامل حاجتهم من المشتقات النفطية، وجزءاً من حاجتهم من الكهرباء، وبالتالي، فإنه من الطبيعي ارتفاع أسعار هذه المكونات لديهم مقارنة بمثيلاتها في سورية، ولكن ما هي نسبة هذه الفروقات؟! وهل تنسجم هذه النسبة مع تفاوت رواتب ودخول السوريين مقابل الدخل في هذه الدول؟! لأن المنطق يفترض ربط الدخل والأجور بالأسعار للحصول على مؤشر حقيقي لمستوى الدعم الفعلي المقدم للسوريين، لأنه ليس من المنطق أن يتجاوز دخل المواطن اللبناني دخل مثيله السوري بأضعاف، ونأتي لنقول، إنه يجب رفع الدعم عن الكهرباء أو المحروقات لأنها الارخص مقارنة بدول الجوار، وأخذها كمنطق مجرد بمعزل عن كل المؤشرات والمعطيات الأخرى، فالدعم أولاً وأخيراً ليس منة من الحكومة على أحد، بل هو نتاج ضرورات اجتماعية واقتصادية توجب بقاءه واستمراره..

الأردن يدعم الكيلو واط بـ 10.5 ل.س

أشار رئيس هيئة تنظيم قطاع الكهرباء في الأردن بوقت سابق، إلى أن كلفة توليد الكيلو واط الواحد من الكهرباء تبلغ 189 فلس (17 ليرة سورية)، وذلك على أساس 90 ليرة للدينار الواحد، في حين يبلغ متوسط سعر البيع 73 فلس (6,5 ليرة سورية) بدعم يبلغ 116 فلس (10,5 ليرة سورية) للكيلو الواط الواحد من الكهرباء، بينما حدد وزير الكهرباء السوري تكلفة انتاج الكهرباء بنحو 14 ليرة سورية، بينما يبلغ متوسط سعر المبيع نحو 2 ليرة، أي أن الدولة تدعم المواطن السوري نظرياً بنحو 12 ليرة في كل كيلو واط ساعي، وهذا يعني أن الدعم المقدم للمواطن والاقتصاد الوطني في سورية يزيد بنسبة %12 في كل كيلو واط ساعي واحد مقارنة بالدعم الذي يحصل عليه المواطن والاقتصاد الاردني من جانب حكومته، وهذا ليس بالفارق الكبير في الدعم إذا ما قارنا إمكانات الاقتصاد السوري بالأردني على هذا الصعيد..

للمشتقات النفطية حكايتها!

وفي تسعيرة المشتقات النفطية، نجد أن ليتر البنزين يباع في الأردن بنحو 620 فلسا (56 ليرة سورية)، بينما يباع في سورية بنحو 55 ليرة سورية لليتر الواحد (بنزين 95 أوكتان)، أي أن سعر البنزين يباع بالسعر ذاته في الاردن وسورية أيضاً، وفي المقابل، يباع ليتر المازوت في الأردن بما يقارب 500 فلس (45 ليرة سورية)، بينما يباع في سورية بنحو 20 ليرة سورية، أي أن سعر ليتر المازوت في الاردن يزيد بنسبة %125 عن سعر مبيعه في سورية نظرياً، لأن ليتر المازوت يباع حالياً لأصحاب السرافيس في الكازيات بـنحو 30 – 35 ليرة سورية، فهذا هو واقع الفروقات في أسعار الكهرباء والمشتقات النفطية بين سورية والأردن، والذي قد يجده البعض تصديقاً لحديث الحكومة عن دعمها الكبير للسورين، ولكن، في البداية نقول، إن سورية تنتج 385 ألف برميل من النفط يومياً، وتكرّر ما يقارب 250 ألف برميل منه في مصافيها، أي ما يغطي %70 احتياجات المازوت والمشتقات النفطية محلياً، وتنتج %50 من احتياجات البلاد من الغاز المنزلي، وكذلك يتم توليد أغلب الحاجة المحلية من الكهرباء، والذي يعتمد توليده على المشتقات النفطية المنتجة محلياً في الغالب، وعلى الموارد المائية، وغيرها من الموارد الاخرى أيضاً، بينما يستورد الأردن كامل مشتقاته النفطية بالدولار، وهو غير منتج للنفط نهائياً، كما يستورد جزءاً من حاجته الكهربائية من الخارج، ويولّد ما تبقى بالمشتقات النفطية المستوردة، فالمعادلة مختلفة تماماً، والكفة ترجع منطقياً لمصلحة ضرورة انخفاض أسعار المشتقات النفطية والكهرباء مقارنة مشابهاتها في الاسعار في الاردن، وانخفاضها لا يعني بأن السوريون يدعمون أكثر من سواهم في الدول المجاورة..

الرواتب بالأردن 5 أضعاف أجور السوريين

لكي لا يعتبر أحد أننا نتجنى على الحكومة، قررنا مقارنة مستوى الرواتب والأجور، وحصة الفرد من الناتج المحلي الاجمالي في كل من الاردن وسورية، حيث تبين أن متوسط الرواتب في الاردن 1050 ديناراً اردنياً، أي ما يعادل 1500 دولار (75 ألف ليرة على أساس 1 دولار = 50 ليرة)، بينما متوسط الرواتب في سورية لا يصل إلى 15 ألف ليرة، بينما يقدرها المكتب المركزي للاحصاء بنحو 12.5 آلاف ليرة، أي أن متوسط الرواتب في الأردن هو خمسة أضعاف متوسط الرواتب في سورية، وهذا يعني أن أسعار الكهرباء والنفط يجب أن تزيد 5 أضعاف في الأردن مقارنة بالسعر في سورية لكي يتساوى المواطن السوري مع نظيره الاردني في مستوى المعيشة..

بحسب تقرير المنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين التابعة للجامعة العربية، نجد أن نصيب الفرد من الناتج المحلي الاجمالي في الأردن 3421 دولار سنوياً، بينما يبلغ نصيب الفرد من الناتج المحلي الاجمالي في سورية 2756 دولار سنويا، أي أن الحصة النظرية للفرد الاردني من الناتج المحلي تزيد عن حصة الفرد السوري بنسبة 24%، وهذه الحصة نظرية، لأن الفساد يبتلع القسم الاكبر منها، وخصوصاً في سورية، التي تحتل أولى المراتب العالمية بمستوى الفساد، والذي يبلغ فاقده نحو 900 مليار ليرة سنوياً، والحصة هي دليل اخر على أن مستوى أسعار الكهرباء والمشتقات النفطية لا يمكن مقارنتها بشكل مجرد، دون التطرق إلى مستوى الرواتب والأجور، أو الحصة النظرية من الناتج المحلي الإجمالي...

المقارنة بالمطلق غير ممكنة

وما انطبق على الأردن يسري على لبنان أيضاً، فهو دولة غير منتجة للنفط نهائياً، ويستورد الجزء الأكبر من حاجته الكهربائية من الخارج، فالمعادلة مختلفة تماماً مقارنة بالوضع السوري أيضاً، وهذا يعكس عدم الإمكانية المنطقية للمقارنة بين لبنان وسورية، أي أن المنطق يفترض انخفاض أسعار المشتقات النفطية ما دامت سورية تنتج أغلب حاجتها من تلك المشتقات محلياً، ورغم ذلك، فإن سعر مبيع  كل 20 ليتر من البنزين بنحو 37 ألف ليرة لبنانية (1295 ليرة سورية)، أي أن سعر الليتر الواحد يبلغ 65 ليرة سورية، وهذا يعني أن سعر ليتراً البنزين في لبنان يزيد بنسبة %20 مقارنة بالسعر المباع به للمستهلك في سورية، بينما يباع كل 20 ليتراً من المازوت في لبنان بنحو 28 ألف ليرة لبنانية (980 ليرة سورية)، أي أن سعر الليتر الواحد يبلغ 49 ليرة، بينما يباع ليتر المازوت للمستهلك السوري بـ 20 ليرة، أي أن سعر المازوت بلبنان يعادل مرة ونصف المرة سعر المازوت لدينا، ولكن لبنان يفرض ضرائب تضاف إلى سعر المشتقات النفطية أيضاً، وأهمها ضريبة القيمة المضافة..

الحد الادنى للرواتب بلبنان 3 اضعاف سورية

بالانتقال إلى معادلة الدخل، وربطه بمثيله في سورية، نجد أن الحدّ الأدنى للأجور في لبنان يبلغ 700 ألف ليرة (24 ألف ليرة سورية)، بينما الحدّ الأدنى للأجور في سورية لا يتعدى 9675 ليرة سورية، أي أن الحد الأدنى للرواتب في لبنان يفوق على مثيله في سورية بنسبة %248، أما بالنسبة للناتج المحلي، فقد أشار تقرير المنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين التابعة للجامعة العربية، أن نصيب الفرد من الناتج المحلي الاجمالي في لبنان يبلغ 7616 دولاراً سنوياً، وهذا يعني أن حصة الفرد في لبنان من الناتج المحلي يزيد بنسبة %176 مقارنة بحصة الفرد السوري..

آخر تعديل على الخميس, 27 آذار/مارس 2014 13:02