(سين - سين)
انشغل الإعلام السياسي العربي وقتاً طويلاً بمبادرة (سين.. سين).. قسم منه معها، وقسم عليها، قسم يراهن على نجاحها، وقسم على فشلها.. وطال الانتظار، وكثرت الأقاويل والتخمينات.. ولم ينتبه أحد إلى أن السينين مختلفتان، ولم يجمعهما إلا وصول التباين بينهما إلى ذروة قصية تشبه الاشتباك وليس الاتحاد.. وإن تشابهتا بالشكل واللفظ واللسان القديم..
وبينما كان الانتظار السياسي يوشك على الوصول إلى نهايته الحتمية، انضم الإعلام والشارع الرياضي العربي إلى جوقة المنتظرين فجأة، من خلال ترقبه لقاء (سين – سين) رياضياً في كأس للضعفاء.. ومرة أخرى، كثرت التوقعات المتباينة، وتوالت التحليلات، وحدثت المراهنات، وفات المحللين والمراهنين والمنتظرين أن إحدى الـ«سينين» صرفت على سمعتها الرياضية خمسة وثلاثين مليار دولار طوال خمس وثلاثين سنة، بينما لم تستطع «السين» الثانية، التي لم تفز على «السين» الأولى منذ خمس وثلاثين سنة، أن تنفق على مجموعاتها الرياضية المنتقاة عشوائياً على الأغلب طوال خمس وثلاثين سنة، أكثر من خمسة وثلاثين مليون ليرة متراجعة القيمة على الدوام..
الغريب أن نتيجة ثنائية (سين - سين) المتناقضة، ظهرت بشقيها السياسي والرياضي، في يوم واحد، وبشكل فيه الكثير من المعاني.. فسياسياً عادت (السينان) إلى التفرق، كل إلى مواقعه الاحترازية الدفاع- هجومية، أما رياضياً فانهارت الخمسة والثلاثون مليار دولار وتبددت فجأة أمام الخمسة والثلاثين مليون ليرة، لكن في الحالتين، لم يربح العرب أي شيء.. فسياسياً ما يزال معظمهم يتلقى الصفعات والضربات والتقسيم والتفتيت، إلا قلة بعضها يقاوم وبعضها يحاول الممانعة، ورياضياً خسر الجميع تقريباً أمام الفرق «الأجنبية» الأخرى بطريقة محزنة..
الخطير أن اللعب بأنواعه يجري في أرضنا وبين جمهورنا بتخطيط وتوجيه غيرنا.. والمذل أن الخصم هو الحكم غالباً..
فمتى نغيّر قواعد اللعبة؟