تثبيت الهوية الاقتصادية على عتبات جنيف 2
يدور في أروقة الحكومة قبيل ومع انطلاق جينيف2 وانتهاء جولته الأولى، حديث متواصل حول ضرورة حسم التوجه الاقتصادي للدولة السورية.
أحد أبرز المؤشرات جاء من منبر أكاديمي وهو كلية الاقتصاد في جامعة دمشق التي أقامت ورشة عمل تحت عنوان "النهج الاقتصادي لسورية المتجددة" خلصت فيه إلى إعادة تبني وطرح "اقتصاد السوق الاجتماعي" كهوية للنهج الاقتصادي بانية هذا التوجه على أن ماطبق سابقاً في سني الخطة الخمسية العاشرة ليس "السوق الاجتماعي" بل النهج الليبرالي.. بينما اقتصاد السوق الاجتماعي لم نجرب حسناته بعد..
داخل أروقة مجلس الشعب تمت مناقشة قضية تحديد هوية الاقتصاد السوري، حيث أوصت مقترحات المجلس لوزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية بضرورة تحديد هوية الاقتصاد السوري، والتي ينبغي أن تتضمن دوراً أساسياً للقطاع العام وفقاً لتوصيات المجلس.
بعيداً عن دمشق وتحديداً في دافوس، حيث تجتمع قوى رأس المال العالمي والقوى الاقتصادية والسياسية الأكثر تأثيراً في الاقتصاد العالمي لتحديد أهم تحديات المنظومة الرأسمالية وصورة حلها، سيناقش أيضاً موضوع الاقتصاد السوري وهذه المرة على لسان "جورج صبرة" ممثلاً عن "مجلس اسطنبول" المحسوب على معارضة "الخارج"، وهو من الاتجاه الذي رفض الدخول في الحلول السياسية وبالتالي يعول على استمرار العنف..
سبق وأن ناقشت القضية نفسها بالإضافة إلى قضية إعادة الإعمار مجموعة من القوى السياسية والخبراء الاقتصاديين وتحديداً في اجتماع منظمة الاسكوا في بيروت حينها التقى كل من عبدالله الدردري عراب الليبرالية واقتصاد السوق الاجتماعي السابق مع هيثم مناع القيادي في هيئة التنسق الوطنية مع مسؤولين من هيئة تخطيط الدولة في الحكومة السورية.
مجمل هذه الاتجاهات متوافقة تماماً على هوية الاقتصاد السوري المحددة بتوازن القوى الداخلي الذي تهيمن فيه قوى الفساد بمواضعها المختلفة داخل وخارج جهاز الدولة وبهيمنتها على القرار الاقتصادي السياسي في سورية، والتي لم تكف للحظة واحدة عن إثبات ارتباطها بالهوية السائدة للاقتصاد العالمي الذي وصلت مستوى هيمنة الأقلية فيه إلى نسبة 1% الأغنى يملكون 46 % من الثروة العالمية في نهاية عام 2013، بينما في بداياته كانوا يملكون 43% إي حصلوا على 3% إضافية من الثروة العالمية خلال عام واحد .. أثبتت قوى الفساد قبل الأزمة وخلالها التزامها بإدارة الاقتصاد السوري بحيث تبقى الموارد تصب في جيوب قلة من أصحاب الربح، والثروة تتركز في أيديهم. بينما تبقى مصلحة اقتصاد البلاد وتقدمها مرتبطة عضوياً بالمصلحة العامة أو الأكثرية من أصحاب الأجر وممن لا يملكون شيئاً، والتي تتطلب تحديد هوية النموذج الاقتصادي السوري بحيث ينطلق من ضرورة النمو بمعدلات عالية تعيقها الثروات المسحوبة والمكدسة لدى قوى الفساد الشرعية وغير الشرعية، ومن لا ينطلق في طرح نموذجه من هذه النقطة الجوهرية هو راض عن التوزيع الحالي للثروة، ومنخرط فيه ويسعى لنموذج يغير توزيع الثروة بين قوى الفساد فقط.. وذلك مهما تلونت الشعارات والمسميات وأضيف إليها (اجتماعي) كما في كلية الاقتصاد، أو (تنموي) كما في الأمم المتحدة والإسكوا.. بينما أطراف أخرى تتبناها قوى الاقتصاد العالمي فلا ترى نفسها مضطرة حتى للتلميع كما في من يرفض مؤتمرات الحل السياسي ويتم تبنيه من قبل مركز الفساد في المنظومة الاقتصادية العالمية..