راتب آخر الشهر.. مصاعب إضافية
لم تزل مشكلة الموظف مع عملية استلام راتبه، بغض النظر عن مكان عمله بالقطاع العام أو الخاص، قائمة لغاية اللحظة، ومؤخراً باتت هذه المشكلة متنوعة الأشكال والأسباب، حيث أصبحت التكنولوجيا المصنعة لخدمة وراحة المستهلك نقمة عليه في بلدنا، مع غياب الأساليب الكفيلة بجعل هذه التقنيات تحقق الهدف من تصنيعها واستخدامها..
ومع نهاية كل شهر، أصبح منظر الطوابير والاصطفاف على كوات الصرافات الآلية مشهداً طبيعياً ومألوفاً، لكن الأسباب مؤخراً باتت أكثر تنوعاً وأكثر صدمة للموظف الذي حفظ «نغمة» مشاكل الصرافات السابقة، فحالياً هناك مشاكل جديدة ظهرت لم تكن بالحسبان!.
الشركات والصيانة.. لم تعد في متناول اليد..!!
الإشكالات الحالية في الصرافات الآلية تعود إلى عطل فني في أجهزة التصريف الآلي، التي تعود بأغلبها إلى الشركة الأمريكية NCR التي تورد هذه الأجهزة إلى أغلب دول العالم.. والتي تقدر تكلفة الصراف منها 20 ألف دولار، حيث يجري الحديث عن الشركة المتعاقد معها سابقاً ويعود الآن دون ذكر أو تحديد الشركة أو وكلاءها.. بينما العقاري يذكر أن عقد الشركة انتهى ويحتاج لتجديد، أما المصرف التجاري فيؤكد أن العقد تجدد وصدق من المالية..!!
إدارة المصرف العقاري الذي ظهرت المشاكل التقنية في صرافاته بشكل رئيسي، أوضحت أن «السبب الحقيقي لتعطل الصرافات يعود إلى خلل في المنظومة التقنية للأجهزة وعدم تمكن فنيي المصرف من إصلاح هذا الخلل، فيما يكمن الحل إما بالتعاقد مع شركة لإصلاح المنظومة، أو تغييرها بشكل كامل».
العقاري.. المسألة بيد الحكومة
كما بين العقاري في تبرير المشكلة الأخيرة والخلل في الحسابات، بأن «إدارة المصرف أنهت عقد شركة رعاية وصيانة الصرافات في العام الماضي، وأوكلت المهمة إلى موظفي البنك الذين ورغم خبرتهم غير قادرين على معالجة الخلل، وبات الأمر يحتاج إلى قرار حكومي لإجراء أحد خيارين هما، التعاقد مع شركة لإصلاح المنظومة وترقيتها، أو تغييرها بشكل كامل وهذا خيار آخر، ولكن الخيارين مكلفان وبحاجة إلى مبالغ كبيرة وبالعملات الأجنبية، ويحتاجان وقتاً قد يستمر لشهور خصوصا مع الحظر الاقتصادي المفروض على سورية مما يجعل التعاقد مع الشركات الأجنبية واستيراد التجهيزات في غاية الصعوبة، والأمر معروض على الحكومة لاتخاذ القرار المناسب».
ونوهت إدارة العقاري إلى «إنجاز إجراءات عاجلة واستثنائية لتدارك الخلل والإرباكات التي حصلت خلال الأيام الماضية ولاسيما في الصرافات الآلية، وبدء عملية تدقيق شاملة لكل الحسابات التي جرت عليها عمليات سحب وإيداع خلال الفترة القصيرة الماضية للتثبت من عدم وجود أخطاء بشكل نهائي، مع متابعة عمليات التدقيق في كل فرع من فروع المصرف من المدير العام للمصرف مباشرة، وتعمم على الفروع كافة الطلب إلى أقسام المحاسبة لديها تدقيق اليوميات العائدة ابتداء من اليوم الأول من العام الجاري بشكل دقيق وتفصيلي والرجوع إلى طبيعة كل عملية قد جرت على تلك الحسابات، والتأكيد أن الإدارة العامة للمصرف العقاري ستقوم بتوجيه العقوبات لكل العاملين المسؤولين عن ارتكاب هذه الأخطاء، وكذلك توجيه عقوبات أشد في حال تكرارها مستقبلاً، مع موافاة الإدارة العامة للمصرف العقاري بقائمة خاصة بالعاملين الذين يقومون بالعمل بشكل مباشر على النظام البنكي وطبيعة عمله والصلاحيات الممنوحة لهم، مع العلم أنه سيتم اعتماد هذه القائمة بدلاً مما هو موجود سابقاً، للمتابعة والتدقيق».
وبلغ عدد الصرافات الآلية التابعة للمصرف العقاري 300 صراف، وترتبط شبكة المصرف مع صرافات المصرف الصناعي، ومصرف التسليف الشعبي، والمصرف التجاري السوري، إضافة إلى عدد من البنوك الخاصة.
التجاري: سحب صرافات المناطق الساخنة للاستفادة منها
ومن جانبه أكد المصرف التجاري أن العقد المبرم مع الشركة المختصة بتأمين القطع التبديلية للصرافات الآلية قد صدقت عليه وزارة المالية ودخل حيز التنفيذ، وأن الشركة تسلمت أمر المباشرة من المصرف التجاري السوري، وباشرت عمليات المسح لمعرفة عدد الصرافات الموجودة، وما يحتاج منها لقطع تبديلية وما يحتاج للصيانة، كما باشر المصرف اتفاقاً مع الجهات المختصة، يقضي بأن تقوم مجموعة من كوادر المصرف والشركة، بزيارة بعض الأماكن في المناطق الساخنة، لمعرفة وضع الصرافات في هذه المناطق، وتحديد ما يمكن سحبه منها لصيانته وإعادة تشغيله ضمن المدينة، ومعرفة عدد الصرافات المخربة أو المسروقة في جملة هذه المناطق». ويذكر أن قيمة عقد التخديم والصيانة حوالي 20 مليار ل.س.
ويصل مجموع الصرافات الآلية التي يمتلكها المصرف التجاري السوري إلى 470 صرافاً، موزعة على 410 صرافات جدارية، و50 صراف بهو، إضافة إلى 10 صرافات تبديل عملات، وهناك 30 صرافاً خرج من الخدمة نتيجة أعمال التخريب في حين يحتاج 60 صرافاً آلياً إلى صيانة من الشركة، في حين يقع 100 صراف في مناطق ساخنة، مع الأخذ بالحسبان وجود 6 صرافات آلية لم يشغلها المصرف بعد.
مشروع وطني لحل المشكلة
أما بالمجمل فمن الملاحظ أن مشاكل الصرافات الآلية كانت متوقعة، حيث طرح مشروع لتأسيس شركة تحت مسم «شركة المحول الوطني»مطروح منذ العام 2009 حسب ما أفاد به المصرف المركزي، لكن التأخر بالعمل بحاجة لمبررات مقنعة للمواطن!!.
وحسب ما تناقلته وسائل الإعلام فإن «شركة المحول الوطني» تعنى بشكل أساسي بتطوير الخدمات المصرفية الإلكترونية، تشترك فيها جميع المصارف العاملة في سورية، وتقوم على مبدأ ربط جميع صرافات البنوك ونقاط البيع بشكل مباشر أو عبر محولات مع المحول الوطني، بما يضمن استفادة جميع حاملي البطاقات المصرفية من استخدامها على جميع نقاط البيع والصرافات الآلية بغض النظر عن عائديتها للمصارف.
وتوفر تسهيل الربط مع شبكات الدفع العالمية وتسهيل الخدمات المصرفية الالكترونية المرتبطة بها، إضافة إلى إجراء تطوير شامل لخدمات الصراف الآلي ونقاط البيع واعتمادها في مختلف القطاعات كوسائل أساسية لخدمات الدفع الالكتروني، لكن يبقى الفارق هو في التقنيات فمن أين يتم توريدها يحدد الكثير، ويخفف من مشاكل العقوبات وتأثيراتها..
شهادات.. من أمام الصرافات الآلية..
واجه العديد من المواطنين أثناء عملية سحب الراتب من الصرافات الآلية وتحديداً تلك التابعة للمصرف العقاري، مشاكل تلخصت بوجود مبالغ كبيرة لدى البعض ونقص في أرصدة البعض الآخر.. كمشكلة جديدة وطارئة في آليات عمل الصرافات تضاف إلى المشاكل الأخرى القديمة، فبسام مثلاً موظف في شركة الكهرباء ويسكن في ريف دمشق قال لقاسيون «نواجه صعوبة في إيجاد صراف آلي يعمل، أو يحوي الرصيد الكافي، ونضطر للتنقل من منطقة إلى أخرى بحثاً عن أحدها، خاصة مع نهاية الشهر».
وتابع إنه «في كثير من الأوقات أبحث داخل دمشق نفسها، حيث أعتقد أن وضعها أفضل بقليل بسبب كثرة عدد الصرافات مقارنة بالمنطقة حيث أعيش، إضافة لمعاناتنا مع انقطاع الكهرباء لساعات طويلة ما يؤدي لتوقف الصرافات عن العمل».
أرصدة زائدة للبعض وناقصة للبعض الآخر
أما هبة مدرسة في روضة بدمشق فوصفت ما حدث مؤخراً بـ «مهزلة»، حيث قالت «أثناء وقوفي بانتظار دوري لسحب راتبي من الصراف، فوجئ أحدهم بوجود مبلغ كبير في رصيده رغم كونه متأكداً أن حسابه لا يجب أن يضم سوى مقدار الراتب الشهري، وبدأ يسأل ماذا عليه أن يفعل، ليتوجه أخيراً إلى إدارة المصرف لمعالجة الخطأ».
وأضافت هبة «بعد ذلك بدأت أسمع عن تكرر الحادثة مع أشخاص آخرين، بالمقابل حدث العكس مع البعض إذ لم يجدوا أرصدة في حساباتهم، أو وجدوها أقل مما يجب أن تكون عليه بكثير».
تأخر استلام الراتب
ومن جهته أكد أسامة موظف في الاتصالات أن «الازدحام الشديد على الصرافات، نتيجة توقف معظهما عن العمل في فترة الذروة، يجعل من عملية استلام الراتب مشكلة كبيرة، وتستغرق وقتاً طويلاً، فكل الموظفين يقصدون الصرافات في وقت واحد أي بعد الدوام، وفي أيام العطل نجدها فارغة، ما يؤخر حصولي على الراتب حتى عشرة أيام من الشهر ويرتب علي التزامات مالية».
ونوه أسامة رب عائلة مكونة من ثلاثة أشخاص إلى أن "وضعنا كان أفضل قبل دخول خدمة الصرافات، حيث كان قبض الراتب يتم من مكان العمل نفسه ولا يتأخر بهذا الشكل أو يتطلب تفريغ وقت مخصص للحصول عليه وإيجاد صراف يعمل»