بين التجارة الخارجية والاستهلاكية.. التجار وسكر وأرز
بقيت مادتا السكر والرز المادتين الغذائيتين الوحيدتين المتضمنتين في (كنف) الدعم الحكومي العيني، ومازالت مؤسسة التجارة الخارجية تستورد كميات كبيرة من السكر والأرز لتوزيعها ضمن منافذ التوزيع الحكومية، وهي المؤسسات الاستهلاكية لتصل إلى الأسر المستهلكة السورية التي تمتلك الحق بالحصول على كميات من المادتين مخصصة بناء على عدد أفراد الأسرة..
استمرت آخر معالم الدعم العيني خلال الأزمة، وعلى الرغم من توفيرها مادتين رئيسيتين في سلة الاستهلاك الغذائي للسوريين بأسعار أقل من سعر السوق بمقدار 5-6 مرات. هذا الشكل من الدعم الإيجابي من حيث أثره على زيادة الدخل الحقيقي للسوريين، والذي دعونا إلى توسيعه إلى سلة غذائية كاملة.. يستمر خلال الأزمة ولكنه يترافق بخلل في عمليات التوزيع وبتسريب كبير إلى الأسواق، والدليل هو صعوبة حصول المواطنين عليه بشكل دوري في أغلب المناطق والمؤسسات الموجودة فيها، وتأجيل التسليم والتوزيع لأشهر متتالية..
عملية التوزيع المكونة من عدة حلقات مؤسسة التجارة الخارجية – التجار المستوردين لمصلحتها- وزارة التجارة الداخلية والمؤسسات الاستهلاكية الموزعة- تجار محليين – مواطنين.. وعدم وصول الكميات الكافية وبشكل دوري إلى المؤسسات يعود إما إلى عدم استيراد الكميات الكافية من قبل المؤسسة العامة للتجارة الخارجية، أو حصول التجار المستوردين على حصص منها بالتالي لا تصل الكميات المستوردة لمصلحة المؤسسة والمدعومة إلى المؤسسات بشكل كامل، أو بشكل دوري منتظم، أو أن المؤسسات الاستهلاكية تنقل جزءاً هاماً منه إلى التجار المحليين.. وقد تكون كل هذه العوامل مع بعضها البعض ليصل بالنهاية إلى المؤسسات الجزء الأقل، ولتدور البطاقات المخصصة للاستلام إلى أشهر لاحقة بحجة عدم توفر (التموين).. يضاف إلى ذلك أن جزءاً هاماً من المؤسسات يبيع المخصصات بسعر أعلى من السعر الحكومي أي 25 ل.س، بربح صافي للمؤسسة الاستهلاكية، كما وثقنا في حالات مشابهة من محافظة اللاذقية، وحالات كثيرة غيرها..
استيراد المؤسسة
تقدر وزارة التجارة الداخلية حصة الأسر من السكر والأرز المقنن بالشكل التالي:
السكر: حصة الفرد من الاستهلاك الشهري بـ 1 كغ، لتبلغ كميات الاستهلاك السوري الضروري سنوياً 296 ألف طن، الأرز: حصة للفرد نصف كغ شهرياً لتبلغ كميات الاستهلاك الضروري من الأرز سنوياً والتي تقدر الحكومة دعمها على أساسها مقدار 134 ألف طن أرز.
وذلك بتقدير عدد الأسر السورية 4 ملايين أسرة بمتوسط عدد أفراد 5.
تستورد المؤسسة العامة للتجارة الخارجية كميات تفوق حاجة الاستهلاك الضروري بكثير حيث أعلنت «المؤسسة العامة للتجارة الخارجية» أن مستورداتها من مادة السكر بلغت 362 ألف طن لعام 2013، بقيمة 21 مليار و600 مليون ل.س، وهي نسبة 43% من مستورداتها أي تقترب مستوردات السكر من أن تكون نصف مستوردات المؤسسة العامة للتجارة الخارجية.. بينما مستوردات المؤسسة من الأرز بلغت قيمة 3 مليارات و21 مليون ليرة، وبكمية 55 ألف طن فقط، مستوردات «المؤسسة العامة للتجارة الخارجية» من مادة الأرز في عام 2013، وهو ما يفسر توزيع السكر بنسب أعلى من توزيع الأرز..
يتضح وجود فروق كبيرة بين مستويات استيراد السكر والأرز، حيث تزيد مستوردات السكر عن حاجة الاستهلاك الضرورية وفق الحصص وعدد الأسر، بينما تنخفض كميات استيراد الأرز عن الحاجة.. ومع ذلك فإن توزيع السكر يبقى بصعوبة الحصول على الأرز من المؤسسات الاستهلاكية التي تمتلئ بأنواع الأرز المستورد بأسعار السوق التي تتراوح بين 135-200 ل.س/كغ، بينما يبقى أرز التموين الأقل جودة صعب المنال..
تمديد القسائم شهراً وراء شهر
رغم قدرة المؤسسة على التعاقد مع كبار التجار لتوريد مادتي السكر والأرز، فإن وزارة التجارة الداخلية تواصل تمديد مفعول القسائم التموينية من شهر لآخر، فبعد تمديد «وزارة التجارة الداخلية» بقرار من العام الماضي، مفعول القسائم التموينية 67 و69 لمادة السكر و68 و70 لمادة الرز، حتى شهر كانون الثاني من العام الجاري، فإنها عادت ومددت مفعول القسائم التموينية 68 و70 لمادة الرز، بحيث تصبح هاتان القسيمتان صالحتين للصرف خلال شهر شباط ويجري استلامهما من المتعاملين في بداية آذار القادم، وتمديد مفعول القسائم التموينية 67 و69 لمادة السكر، بحيث تصبحان صالحتين للصرف خلال شهر شباط، ويجري استلامهما من المتعاملين في بداية آذار القادم، وعلى ما يبدو فإن «الحبل ع الجرار».
إما .. أو
تدل هذه التمديدات على أن عرقلة عمليات التوزيع الناجمة عن وصول مستوردات المؤسسة العامة للتجارة الخارجية إلى الأسواق، سواء من التجار المستوردين أو من بيع المؤسسات للتجار المحليين، ومن جهة أخرى نتيجة قلة استيراد الأرز مقارنة مع الحاجة الضرورية وشراء الأرز المستورد من التجار وبيعه بأسعار السوق..
ستة أشهر مضت والسوريون لم يستلموا بعد مخصصاتهم من مادتي السكر والرز المقنن، إلا أن الحكومة والأرقام الرسمية تتحدث عن استيراد كميات كبيرة من هذه المواد، فأين تم توزيعها؟! ولم المماطلة والتأجيل في توزيعها إذا ما كانت متوفرة وبحوزة الحكومة؟!
تذكير.. بالدعم
تقديرات دعم السكر والأرز في العام القادم 2014 بفرض ثبات كميات الاستهلاك الضرورية والتي تحسبها الحكومة بمقدار: 296 ألف طن سكر/ 134 ألف طن أرز ، وبناء على أسعار الأرز والسكر العالمية وسعر صرف 145 ل.س/$، وبناء على مبيعات الحكومة بسعر 25 ل.س للكغ.
الدعم الإجمالي* |
مجمل المبيعات* |
مجمل التكلفة* |
|
16 |
6,7 |
17 |
السكر |
3,3 |
8,7 |
الأرز |
*مليار ل.س
إذا ما أعلنت الحكومة أن دعمها لمادتي السكر والأرز يفوق هذه الأرقام بكثير فإن هذا يعود إلى استيراد كميات أكبر من السكر، وبأسعار أعلى من الأسعار العالمية في عقود الحكومة مع التجار الموردين لها. بالمقابل لا تصل حتى الكميات الضرورية إلى المستهلكين، ويقدم الدعم بشكل غير مباشر للتجار سواء المستوردين او المحليين ومن يتعاون معهم في توقيع العقود، أو في تسريب المستوردات إليهم في التجارة الخارجية أو في المؤسسات الاستهلاكية..