أبعد من بنزين.. أقرب «للمؤامرة»

أبعد من بنزين.. أقرب «للمؤامرة»

بصراحة لن «نكبر» كثيراً من شأن رفع أسعار البنزين.. والسبب واضح وبسيط أننا أكثرنا القول بأن ما لم يستطع الليبراليون إنجازه في أوقات السلم، ينجزونه «بوقاحة» في وقت الحرب..

«ما علاقة الليبراليون والحرب برفع البنزين، ولماذا تكيلون لهم المذمة مع كل تفصيل؟!» قد يقول قائل..
حصلت حكومات الأزمة المتعاقبة الموارد من رفع أسعار المحروقات بشكل أساسي، وكل المواد المدعومة، وليس من التهرب الضريبي المقدر عادة بـ 150 مليار ل.س، أو القروض المتعثرة لكبار المقترضين التي يبلغ حجمها 233 مليار ل.س بمصادرة أملاكهم إن امتنعوا عن السداد وتحديداً غير المنتجين منهم، أو من ملايين الدولارات للسوق السوداء وعملائها، أو من أموال الفساد التي تشكل نسبة 30% من الدخل الوطني كما كررنا وسنكرر..
الحكومة برفعها لأسعار البنزين فإنها ستحصل على 170 مليار ل.س، وستوفر 43 مليار ل.س من هذه الزيادة، وكانت الرفع السابق من 65 ل.س/ليتر إلى 75 ل.س/ليتر قد حقق وفراً 17 مليار ل.س فقط..
وذلك انطلاقاً من (كمية استهلاك 1,7 مليار ليتر ، بكلف استيراد 1,2 $/ليتر أي حوالي 180 ل.س/ليتر بسعر صرف 150).
بالتالي فإن الحكومة لن تحصل موارد جدية من رفع أسعار البنزين، إذاً ما الغاية من استهداف دعم المحروقات..(هذا القطاع الضخم الذي تحتكر الدولة حتى الآن استيراده وتوزيعه والذي قد يحقق ربحاً مقداره 2,1 مليار دولار في العام لبيع المازوت والبنزين بنسبة 20% ربح في حال خصخصته واستمرار الاستيراد فقط)
قد تكون الصورة اتضحت، من يضع السيطرة على توزيع المشتقات النفطية (أي مصادر الطاقة في سورية) نصب عينيه من كبار القوى الاقتصادية في السوق السورية قد يكون وراء الرفع، لأن إخراج الدولة من هذا القطاع برفع الدعم هو أولى ضرورات الخصخصة..
وهنا ربما تكتمل الصورة ونقترب من الإجابة عن تساؤل علاقة الليبرالية والحرب برفع البنزين مثالاً.. فالانحياز نحو أصحاب الأرباح وتحصيل الموارد من الأجور، والسعي نحو خروج الدولة من قطاعات رئيسية بهدف خصخصتها هو من شعارات وسلوكيات الليبرالية الاقتصادية التي تستغل الحرب في سورية لتسرع تحقيق مصالحها.. ليبقى السؤال هل ستستطيع الوصول لذلك مع التغيرات السياسية التي تشهدها البلاد واقتراب الحلول السياسية التي ستفتح النقاشات على أوسعها وتتيح للقوى السياسية والاقتصادية المعادية لليبرالية أن تجد أدواتها التي تلجمها الفوضى والحرب وجهاز الدولة المتهالك والمسلوب؟