الخط الائتماني الإيراني على المحك.. والمسؤولون يتكتمون على النتائج
تحولت أنظار المترقبين لوصول البضاعة والمواد الغذائية من إيران في اليومين الماضيين، إلى ما تناقلته وسائل الإعلام وروج له المسؤولون عن الاستفادة من خط التمويل الإئتماني لتمويل احتياجات سورية من المشتقات النفطية، ..
وغابت تماماً أي معلومات عن مصير الخط المتعلق بتأمين السلع والمواد الغذائية المفترض منذ بداية رمضان الذي اقترب من نهايته دون أن يلحظ المواطن أي فروقات بالأسعار أو توفر بالمواد. وبناء على متابعة دقيقة، لوحظ خلو وسائل الإعلام من أي تصريحات أو أخبار عن نتائج زيارة الوفد السوري إلى إيران الذي لم يتم الإضاءة على تشكيله وإيفاده، بخصوص تسهيل التبادل السلعي مع الجانب الإيراني، يبدو أن الزيارة لم تعط نتائجها المأمولة، حيث لم يتم الإعلان عن توقيع أي اتفاق بخصوص التبادل السلعي والاستفادة من الخط الائتماني الإيراني لتوريد مواد غذائية مستعجلة إلى سورية، حسبما كان متوقعاً
الاتفاق أتم خطواته.. وتباطأ
وكان الاتفاق مع الجانب الإيراني مبرماً بشكل شبه تام، حسب الاجتماعات التي جمعت النائب الاقتصادي ووزير التجارة الداخلية وسفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية سواء في مقر الحكومة أم في الوزارة، والتي أعلنت عنها وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك سابقاً، وكان الاتفاق المبدئي على توريد كمية 5 آلاف طن من الفروج المجمد، دون الاتفاق على السعر النهائي، كما تم إعداد قائمة من الجانب الإيراني وافق عليها الجانب السوري مبدئياً تضمنت مواد مثل الطحين والخميرة والفروج والزيوت والسمون والرز والسكر والتونا والسردين وغيرها من مستلزمات، على أن تقوم مؤسسة التجارة الخارجية بإرسال طلبات إلى بنك صادرات الإيراني لفتح الاعتمادات بناء على كميات المواد الواردة إليها من مؤسسات التدخل الإيجابي وفق حاجة السوق..
وبحسب مصادر، فإن تسديد قيمة البضائع لم يشكل معوقاً في ترتيبات الاتفاق مع الجانب الإيراني، حيث طرحت عدة خيارات لإنجاز المهمة، منها فتح المجال أمام توسيع العلاقات الاقتصادية مع إيران بعد الأزمة، إضافة لتوجيهات من جهات حكومية بضرورة الاتفاق والبدء بتوريد المواد بأسرع وقت، دون الوقوف عند السعر وكيفية الدفع..
(خبير سينمائي في وفد لتأمين سلع غذائية!!)
وبناء على الاجتماعات المنعقدة تم اقتراح وفد لزيارة إيران وإتمام المهمة، وهنا كانت المماطلة لينتظر أصحاب القرار مدة أسبوعين ليرسلوا وفداً معدلاً أسقطوا منه شخصيات مقترحة سابقاً وأضافوا غيرها، حيث تألف الوفد من عدة شخصيات معنية مباشرة بالمهمة متل معاون وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك والمدراء العامين لمؤسسات التدخل الإيجابي ومدير مؤسسة التجارة الخارجية ومعاون رئيس هيئة تخطيط الدولة ومدير العلاقات الاقتصادية في الهيئة ومدير عام المصرف التجاري السوري، إضافة لشخصيتين (أحد الإداريين وخبير من المؤسسة العامة للسينما) بعيدتين كل البعد عن جوهر المهمة، وذلك حسب الوثيقة التي اطلعت عليها جريدة (قاسيون) علماً أن مهمة الوفد هي بحث سبل تطوير العلاقات الاقتصادية وآليات التبادل السلعي بين البلدين.
ومن ناحية ثانية، إن عدم الاستفادة فعلياً من العرض الإيراني، يقود مباشرة إلى مطب كبير سيواجه الحكومة في الإيفاء بوعدها بإغراق السوق وفتح أسواق ومعارض وما إلى ذلك، ويعني استمرار الهوة بين العرض والطلب وبقاء زمام الأمور والتحكم بالأسعار بيد التجار..
العلاقات المتأخرة
فرضت التوازنات الاقتصادية والعلاقات السياسية خلال الأزمة، إقامة صلات اقتصادية وثيقة مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، حيث تم السير البطيء بتطوير العلاقات الاقتصادية بعد ممانعة مهمة لأصحاب «التوجه غرباً» حيث وقعت سورية وإيران في طهران، في شباط عام 2012، على البرنامج التنفيذي لاتفاقية التجارة الحرة التي كانت مطروحة سابقاً وموقعة عام 2010 حيث أعلن حينها بأن الاتفاقية ستوضع موضع التنفيذ خلال 30 يوما لتأخذ سنتين، بهدف تخفيض الرسوم الجمركية والضرائب على كل السلع المتبادلة بين البلدين خلال مدة 5 سنوات وبشكل تدريجي.
وتتضمن بنود الاتفاقية إلغاء جميع القيود الكمية وإجراءات الحظر على المستوردات والإجراءات ذات الأثر المماثل بين الدولتين عند دخول الاتفاقية حيز التنفيذ، كما أنه لن يطبق أي قيد كمي جديد وأي حظر على المستوردات من البضائع بين سورية وإيران اعتباراً من اليوم، حسب الاتفاقية.
ومنحت لجنة المتابعة السورية - الإيرانية للتعاون الاقتصادي ميزات تفضيلية لما قيمته مليار دولار من البضائع سورية المنشأ المصدرة إلى إيران من قائمة المواد التي تم الاتفاق عليها.
معادلة غير متكافئة
إلى فترة قريبة فإن التجارة مع الجانب الإيراني على الرغم من تطورها بنسبة 100% بين عامي 2009-2010 إلا أن التشوهات بقيت تشوبها علاقات باتجاه محدد حيث صرح مدير عام هيئة تنمية وترويج الصادرات السابق: “ تبيع إيران لسورية سنوياً على شكل منتجات 292 مليون دولار، 90% من هذا المبلغ يذهب كمستوردات لمعملي السيارات الإيرانية في سورية على شكل قطع سيارات، على حين تصدر سورية لهم سنوياً بقيمة 14 مليون دولار، منها 12 مليون دولار صادرات لإحدى المجموعات التجارية في محافظة حلب من ألواح الفورمايكا، أي إن التبادل التجاري بيننا وبين إيران محدود جداً، وهنا تبرز الاتفاقية بوصفها فرصة لزيادة حجم التبادل التجاري، في ضوء علاقات سياسية عالية جداً ورفيعة المستوى وعلاقات تجارية متواضعة جداً..”