«تآمر مزدوج على الليرة»!
قبل ستة عشر شهراً، وتحديداً في 9 آذار 2012، أشاد خبراء ومحللون اقتصاديون بالتدخل الايجابي لمصرف سورية المركزي في سبيل إنقاذ الليرة، بضخه ملايين الدولارات في السوق، «وطنطنت» بعض وسائل الإعلام لهبوط سعر صرف الدولار أمام الليرة نحو 30 ل.س في حينها (من 110 إلى حدود 80 ليرة)،
إلا أن هذا الانخفاض لم يستمر طويلاً، وعاد الدولار إلى التحليق إلى مستويات قياسية لاحقاً..
السيناريو ذاته يتكرر حالياً، والمصرف المركزي يضخ مئات الملايين من الدولارات، وشركات الصرافة حصلت على نحو نصف مليار دولار في جلستين متتاليتين لبيع الدولار خلال الأسبوع الماضي، ورغم ذلك، نفذت الكمية خلال ساعات، وبيعت بأغلبها للتجار والمضاربين..
انخفاض الدولار أمام الليرة ضروري، ولانخفاضه احتمالان، الأول، أن تكون الكميات الكبيرة من الدولارات قد أجبرته على التراجع، فالكميات التي جرى ضخها من جانب «المركزي» -في وقت قياسي- ليست بالقليلة، والتي لا تتعدى كونها «مسكنات» مؤقتة للدولار من العيار الثقيل، والاحتمال الآخر، أن يكون الانخفاض «تمثيلية» أتقنها صقور المضاربين في السوق، فالتراجع مجرد انحناء مؤقت أمام العاصفة، ومتفق عليه، والخاسرون، هم من أقبلوا على بيع ما لديهم من دولارات خوفاً من حدوث المزيد من الانخفاض، وهؤلاء ليسوا من شريحة كبار المضاربين وصقور السوق، لأنهم هم من الصانعين المحتملين لهذا الانخفاض المبرمج!..
على اعتبار أن الأمور تقرأ بخواتمها، فإن تجربة التدخل قبل عام ونصف تقريباً «لم تؤتِ أكُلها»، والمحاولة الحالية لن تصب إلا في السياق ذاته، لأن المركزي سيضخ كتلة دولارية، ليعود وينسحب تكتيكياً من السوق، ليزيد عندها كبار المضاربين غنىً، وتخسر الأغلبية الساحقة من السوريين، لأن استمرار المركزي بضخ مثل هذه الكميات في السوق أسبوعياً أمر غير وارد بطبيعة الحال، وهذا ما يعزز فرضية تآمر سياسات المصرف المركزي مع كبار شركات الصرافة وصقور المضاربين في سوق العملة على حساب الليرة السورية..