المنتدى الروسي-الأفريقي في القاهرة: شراكة استراتيجية وتعميق للتعددية القطبية
معتز منصور معتز منصور

المنتدى الروسي-الأفريقي في القاهرة: شراكة استراتيجية وتعميق للتعددية القطبية

انطلقت يوم الجمعة الفائت في العاصمة المصرية القاهرة أعمال المنتدى الوزاري الثاني للشراكة الروسية-الأفريقية، الذي تستضيفه مصر على مدار يومين، بمشاركة أكثر من 50 دولة أفريقية، وعدد من رؤساء المنظمات الإقليمية.

تنمو العلاقات الروسية الأفريقية بشكل متسارع منذ القمة الأولى التي عقدت في سوتشي عام 2019 وتلتها القمة الثانية في سانت بطرسبرغ عام 2023 ليتفق القادة على عقد القمم بشكل دوري، مع عقد منتدى سنوي لمتابعة تنفيذ الاتفاقيات وضمان تحقيق الأهداف المشتركة.


الاستمرارية وضمان تحقيق الأهداف


لا يمكن اعتبار المؤتمر لقاءً دبلوماسياً دورياً، فالعمل الروسي الأفريقي لبناء العلاقة الاستراتيجية يسير بخطوات متصاعدة وفق رؤية متفق عليها، فالاجتماع الوزاري وبهذا الحضور الكبير يعبر عن ثقة المشاركين بهذا المسار، ورغبتهم في التحضير وإنجاح القمة القادمة، حيث جاءت كلمات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ووزير خارجيته بدر عبد العاطي، وكذلك نظيره الروسي سيرجي لافروف، لتؤكد أن العلاقة تتجاوز المجال الاقتصادي إلى شراكة سياسية وأمنية شاملة. وأشار اللقاء المشترك بين السيسي ولافروف على هامش المؤتمر إلى النمو المتواصل في العلاقات الثنائية في جميع المجالات.


أكثر من مجرد تجارة


رغم التركيز الرسمي على زيادة التبادل التجاري والتعامل بالعملات المحلية، كخطوة عملية نحو تقليل الاعتماد على النظام المالي الغربي، فإن أجندة المؤتمر كشفت عن أبعاد أعمق، حيث عرض الوزراء أهمية دعم استقرار الدول الأفريقية والحفاظ على وحدة وسلامة أراضيها، وكذلك جرى الحديث عن بؤر الصراع التي تشهدها القارة، والتحديثات الأمنية والتعاون العسكري والتقني بين الدول الأفريقية وروسيا.
كما شدد رئيس الوزراء المصري عبد العاطي على ضرورة أن يكون «صوت أفريقيا» مؤثراً في صناعة القرار الدولي، وهو ما يتوافق تماماً مع الرؤية الروسية لعالم متعدد الأقطاب، حيث تسعى موسكو لدعم دور الجنوب العالمي وتفعيله كموازن للنفوذ الغربي الجماعي.
وتمّت مناقشة مجالات الطاقة والبنية التحتية، مع إطلاق الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية عرضاً تعريفياً بدورها في دعم التعاون مع دول الجنوب. هذا يشير إلى ربط الشراكة الروسية-الأفريقية بجهود التنمية المحلية والإقليمية.


تنويع العلاقات:خيار استراتيجي لأفريقيا


يقع المؤتمر في سياق التوجه الاستراتيجي للعديد من الدول الأفريقية نحو تنويع شراكاتها الدولية، والتخلص من الهيمنة والتبعية الغربية. الشراكة مع روسيا، إلى جانب العلاقات المتنامية مع الصين والهند والبرازيل، تمثل خياراً ضرورياً للقارة لتحقيق الاستقرار والبدء بمسار النمو والتنمية وكذلك في جذب الاستثمارات والتكنولوجيا، وخلق توازن يخدم مصالحها الوطنية. وهنا يبرز الدور المصري فالقاهرة من خلال استضافتها لهذا الحدث، تضع نفسها في محور التقارب الروسي الافريقي وهو ما يعزز دورها الإقليمي.


الطريق إلى القمة 2026


الهدف المعلن للمؤتمر الوزاري هو التمهيد للقمة الروسية-الأفريقية الثالثة عام 2026. عقد هذا المنتدى الثاني بانتظام وبمشاركة وزارية عالية المستوى، يُعبر عن جدية جميع الأطراف في المضي قدماً. إنه آلية لرسم الخريطة التفصيلية للتعاون، وتذليل الصعوبات العملية قبل انعقاد القمة، وضمان إنتاج وثائق ومبادرات ملموسة، على غرار خطة العمل المشتركة حتى 2026 التي تم وضعها في نسخة سان بطرسبرغ، والتي تضمنت تقديم حبوب مجانية وتخفيف ديون، وتقديم المنح للطلاب الأفارقة في الجامعات الروسية، ومن جهة أخرى زيادة حجم التبادل التجاري الذي بلغ قرابة 28 مليار دولار في عام 2024، كما تعمل موسكو على تعزيز التبادل بالعملات الوطنية، حيث كشف لافروف في كلمته أمام المؤتمر عن زيادة كبيرة في نسبة استخدام الروبل الروسي في المدفوعات الثنائية، إذ وصلت إلى 84% خلال الأشهر العشرة الأولى من عام 2025 مقارنة بالعام الماضي.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1257