أرمينيا وأذربيجان في سياق عبث أمريكي جديد
وقعت أذربيجان وأرمينيا بعد عقود من الخصام والاقتتال اتفاق سلام وصف بالـ «تاريخي» في البيت الأبيض في الولايات المتحدة الأمريكية، برعاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 8 آب الجاري... لكن هل هذا الاتفاق ومضمونه ينهي النزاع حقاً؟
يتضمن اتفاق السلام بين أذربيجان وأرمينيا 8 نقاط، تشمل: وقفاً شاملاً ودائماً للأعمال العسكرية والعدائية، وإنهاء كل اشكال القتال والامتناع عن أيّ أعمال استفزازية عبر الحدود، وإعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وفتح السفارات والقنصليات، واحترام الحدود والسيادة والاعتراف المتبادل بالحدود المعترف بها دولياً، وفتح ممر زنغزور البري الذي يربط أذربيجان بإقليم نخجوان الأذري عبر الأراضي الأرمينية والاتفاق على خضوعه لإشراف أمريكي لمدة 99 عام، والانسحاب من مجموعة مينسك وإنهاء دورها، وإطلاق مشاريع اقتصادية وبنى تحتية مشتركة للنقل والطاقة وغيرها، وتشكيل لجنة أمريكية أذرية أرمينية مشتركة للإشراف على تنفيذ الاتفاق، وتسوية أيّ خلافات قد تنشأ.
بنظرة أولى، يتبين أن الاتفاق بمعظمه لصالح أذربيجان، حيث سيطرت على إقليم قره باغ، وربطت نفسها مع إقليم نخجوان عبر الأراضي الأرمينية، وبهذا الشكل فإنه يرفع من التوترات الداخلية في أرمينيا التي شهدت بالفعل نهاية شهر حزيران محاولة انقلاب، أعلن رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان عن إحباطها.
في التفاصيل، يتضح وجود وزن أمريكي ضاغط على كلا البلدين، وخاصة ما يتعلق بممر زنغزور، مما يعني رفع القدرة الأمريكية على إعادة إحياء التوترات في أيّ لحظة تستدعي الحاجة لها، لكن في اللحظة الراهنة فإن هذا الاتفاق يسعى لعزل إيران عن منطقة جنوب القوقاز من وجهة نظر واشنطن، أو على الأقل اللعب على التناقضات الإيرانية التركية في المنطقة.
فالاتفاق دفع ويدفع أرمينيا بعيداً عن الولايات المتحدة التي لم تمنحها أي رصيد سياسي لصالحها، وفي هذا السياق يظهر تطور في العلاقات الأرمينية الإيرانية، حيث أعلنت وزارة الاقتصاد الأرمينية أن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان سيزور يريفان في الفترة من الـ 18 وحتى 21 آب الجاري، وأنه سيشارك في مؤتمر أعمال أرميني إيراني في هذه الزيارة، فضلاً عن تأكيد يريفان لطهران أن الاتفاق الموقع في واشنطن لا يشمل إطلاقاً نشر أيّ قوات عسكرية أجنبية في المنطقة... ليبدو بالمحصلة أن العبث الأمريكي في جنوب القوقاز يُمهد لرفع تناقضات محوري إيران- أرمينيا وتركيا– أذربيجان، لكن هذه المحاولات لم تكن الأولى، بل جرت في أوقات سابقة محاولات مشابهة بأشكال مختلفة، فهل يمكن الآن أن تنجح واشنطن في مسعاها لرفع درجة الاضطراب في هذه المنطقة الاستراتيجية؟
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 1239